رحيل طارق عزيز... صندوق أسرار صدام

06 يونيو 2015
يتوقع أن يدفن طارق عزيز في عمّان (فرانس برس)
+ الخط -
طويت صفحة إضافية من عهد نظام صدام حسين، أمس الجمعة، بوفاة نائب الرئيس العراقي الأسبق طارق عزيز، المعروف بـ"صندوق أسرار صدام حسين" وأحد أبرز أركان نظامه بحكم المناصب الهامة التي تقلدها، عن عمر ناهز الثمانين عاماً في سجنه الانفرادي بمعتقل الناصرية، أقصى جنوب العراق، بعد أيام على رفض الحكومة العراقية مناشدات منظمات دولية ومحلية وأفراد من أسرته إطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي.

وأعلنت إدارة سجن الناصرية جنوب العراق وفاة عزيز بسبب تدهور حالته الصحية. وقال النائب الأول لمحافظ ذي قار عادل دخيل، إن وزير الخارجية الأسبق، طارق عزيز توفي بسجن في مدينة الناصرية "إثر إصابته بذبحة صدرية"، فيما بيّن مدير السجن حسين خالد، في بيان صحافي أن "عزيز يعاني من أمراض السكر والضغط"، لكن من دون شرح المزيد من التفاصيل.

اقرأ أيضاً: أحد عشر عاماً عراقياً
بدورها، قالت دائرة صحة ذي قار، إن الإجراءات المتعلقة بجثة طارق عزيز اكتملت في الطب العدلي، وإن سبب الوفاة كان نوبة قلبية حادة، وإن أسرته بإمكانها تسلم الجثة في أي وقت.
واستبعدت مصادر "العربي الجديد" أن يتم تشييع ودفن أحد أبرز أركان نظام صدام حسين في مسقط رأسه بدير متي في الموصل، في ظل سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على المدينة، وبالتالي رجحت أن يتم دفنه في العاصمة العراقية، بغداد، أو في الأردن، حيث تقيم عائلته حالياً.


وهو ما أكده نجل عزيز، زياد، الذي يقيم في العاصمة الأردنية عمّان، لـ"العربي الجديد"، معلناً عن عدم رغبة العائلة بدفن والده في بغداد، قائلاً "لدينا ذاكرة سيئة بعد نبش قبر الرئيس صدام حسين"، مشيراً الى رغبتهم بنقل الجثمان ودفنه في الأردن في حال موافقة السلطات على ذلك.
وقال زياد "تبلغنا وفاة والدي من خلال الأصدقاء في العراق"، ولم تبادر الحكومة العراقية، التي وصفها بـ"حكومة العملاء" إلى "إبلاغنا بالوفاة". وكشف أن والدته كانت آخر من زار طارق عزيز في معتقل الناصرية، ناقلاً عنها أن حالة والده الصحية كانت صعبة، وزادها الإهمال.
وسلّم طارق عزيز، واسمه الحقيقي ميخائيل يوحنا، من مواليد الموصل لأسرة كلدانية كاثوليكية، نفسه لقوات الاحتلال الأميركي في 24 إبريل/نيسان 2003، أي بعد نحو ثلاثة أسابيع من سقوط بغداد. وكان من بين المطلوبين الذين أعلنت عنهم واشنطن ورصدت مكافآت لاعتقالهم.
وسلّم بعدها الأميركيون عزيز لحكومة نوري المالكي. اشتكى خلال فترة سجنه من عمليات تعذيب يتعرض لها في السجن، كما أكّد بذلك عدد من أفراد أسرته أكثر من مرّة.


حُكم على عزيز بالإعدام في قضية تصفية الأحزاب الدينية، إلى جانب عدد من مساعدي ووزراء الرئيس العراقي الأسبق، وظل في السجن بانتظار تنفيذ العقوبة حتى وفاته. ولم تفلح مناشدات الفاتيكان ومنظمات دولية مختلفة بإطلاق سراح الرجل باعتباره دبلوماسياً، وليس رجلاً عسكرياً في النظام السابق.
ويعتبر عزيز (79 عاماً)، أحد أقرب الشخصيات لصدام حسين، قاد معه ثورة 17 يوليو/تموز 1968 ضدّ نظام عبد الكريم قاسم، القيادي الشيوعي العراقي السابق.

بدأ عزيز مساره كصحافي، بحيث عمل في مؤسسات إعلامية عراقية وعربية، بعدما درس اللغة الإنكليزية في الجامعة. انضم عام 1954 إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، وأصبح عام 1963 عضواً في قيادة قطر العراق للحزب.
ظل عزيز يوصف بصندوق أسرار الدولة العراقية، ومنعت المحكمة العراقية العليا وسائل الإعلام من تغطية جلسات استجوابه واعتبرتها مغلقة، كونها تناولت ملفات دولية تربط العراق مع روسيا والولايات المتحدة وإيران ودول أخرى.
شهدت محاكماته العلنية إحراجاً للقضاة بسبب دفاعه عن الرئيس الراحل صدام حسين ومناقشة القضاة بشكل قانوني أكد لهم بطلان جلسات حكمه باعتبارها محكمة احتلال، وأن من اعتقله هم الأميركيون المحتلون.