رحلة غرناطة... حكاية من ألف ليلة وليلة

وتقول السائحة إن أكثر ما يشدك هو ذلك المزج بين الفن المعماري الإسلامي واللمسات الغربية، تراه بوضوح في الشوارع، الأسواق التقليدية، البازارات، وغيرها من الأماكن السياحية، باختصار فإن الرحلة إلى غرناطة، تشبه حكايات ألف ليلة وليلة".

تقع مدينة غرناطة، في منطقة أندلوسيا جنوب إسبانيا، تعود تسميتها إلى أيام الحكم الإسلامي للأندلس عام 711، وقبل القرن الثامن ميلادي، كانت تعرف بمدينة إلبيرا، والجولة هناك أشبه بقصص الخيال التاريخي.

قصص الملوك

تتنوع الأماكن التاريخية في غرناطة، ومن أبرزها قصر الحمراء، الذي تم اختياره عام 2007 ضمن قائمة كنوز إسبانيا الاثني عشر.
يعود تاريخ تشييد القصر إلى القرن العاشر ميلادي، حيث يمزج بين الفن الإسباني –الغربي، والفن الإسلامي.

يقع القصرعلى بعد 430 كيلومترا جنوب مدريد. من أبرز سماته، تلك النقوش الزخرفية الإسلامية والآيات القرآنية والأدعية على جدرانه.

وقصر الحمراء كان جزءا من مدينة الحمراء التي تشمل قصر الحاكم، القلعة، وبيوت الوزراء، وهو يتكون من فناء الريحان الكبير، بهو السفراء، بهو الملوك، فناء السّرو وغيرها. كما يتميز بارتفاع وعظمة الأبواب المؤدية له، كباب الشريعة، باب الطّباق السبع، وغيرها. كما يقصد السائح قصر جنة العريف، والذي يتميز بهندسته المعمارية الضخمة وحديقته الرائعة.

الأحياء التقليدية  

الهدوء والسكينة، العنوان الرئيسي للتجول في أحياء وشوارع غرناطة. يقصد السياح حي البيازين، وهو واحد من أعرق وأقدم الأحياء الأندلسية القديمة، وللدخول إلى الحي يتطلب من السائح المرور بأحد أبوابه الثلاثة القديمة، وما إن يعبر هذه البوابات، حتى يشعر وكأنه يسير في حقبة زمنية قديمة، فالمنازل، الساحات العامة، القناطر، كل شيء يحيط به، حتى الأرصفة، تجعل السائح يبدو وكأنه فارس من الزمن القديم.

أما في حي ساكرومنتي (Sacromonte) ذي الطابع التقليدي، يعيش السائح قصص خيال متنوعة.
يقع الحي على مجموعة من المنحدرات، حيث تكثر الأشجار والنباتات ذات الألوان الزاهية، ما يجعل المنازل تبدو كلوحة فنية في وسط الطبيعة.
تتميز أرصفة الحي بقدم تشييدها، وما زالت حتى اليوم محافظة على طرازها القديم، وهي مكان مناسب لرؤية المدينة بشكل بانورامي.

الكنائس والتراث

صحيح أن ما يميز غرناطة هو ذلك الفن المعماري الإسلامي القديم، إلا أن ذلك لا ينفي وجود الفن الغربي العريق، ويتجلى ذلك في الكنائس والأديرة التي تحيط بالمدينة.
والبداية من دير غرناطة، والذي يتميز بهندسته المعمارية الباروكية وزخارفه الفنية التي تزين جدرانه، حيث يعود تاريخ تشييده إلى العام 1500.

كما يقصد الزائر كاتدرائية غرناطة والمعروفة باسم كنيسة التجسد، التي تم تشييدها على أنقاض مسجد غرناطة أحد أشهر المساجد الإسلامية القديمة، وتمتاز الكاتدرائية بهندستها المعمارية الضخمة والزخرفة والنقوش النادرة على جدرانها.

ولا بد أيضاً من زيارة الكنيسة الملكية، الواقعة بجانب الكاتدرائية، وهي مثوى للعديد من الحكام الإسبانيين مثل الملك فيليب الأول وفرديناند الثاني، وهي تتميز باستخدام حجر المرمر المميز في تصميمها الداخلي، ما يزيد من تألقها وهيبتها.

حكايات لا تنسى

الأقمشة الحريرية، الحلي، وغيرها من السلع والهدايا التذكارية يمكن أن تجلبها معك من غرناطة، تحديداً في سوق القيصيرية (Alcaiceria)، أو كما يعرف بالبازار المغربي، يتوه السائح بين الأزقة الضيقة والمحال التجارية المتنوع.
يعد البازار شاهدا آخر على عظمة الفن الإسلامي في المدينة. تنير المصابيح الأحياء، وتعبق رائحة المنتجات العربية والغربية في أرجاء المكان.

يختار السائح ما يناسبه من هدايا تذكارية، في ظل التنوع في المصنوعات الحرفية، المطرزات، وغيرها. كما يتميز البازار بوجود شارع خاص لبيع التوابل والأعشاب المجففة.

ليل غرناطة يسحر قلوب السياح، صحيح أن التجول بين المتاحف والقصور نهاراً يجعلك متعباً، إلا أن أجواء السهر والحفلات الموسيقية التي تقام ليلاً، تجعلك توصل ساعات الليل الأخيرة بخيوط الصباح الأولى.

التكاليف المادية

يعيش معظم سكان غرناطة على التجارة والسياحة، وتشكل العائدات السياحية مورداً هاماً للسلطات، ولذا برز الاهتمام بترميم الأماكن التاريخية منذ سنوات، لجذب المزيد من السياح. يقصد المدينة الملايين سنوياً، للتعرف إلى الفن الإسلامي القديم، في قلب أوروبا.

وهناك تتنوع الأماكن التراثية، بعضها مجاني، والبعض الآخر يتطلب رسوما، أسوة بقصر الحمراء، حيث يجب شراء تذكرة بسعر 12 يورو للشخص الواحد، ما يعادل 14 دولاراً تقريباً.

ربما يسأل المواطن نفسه عن التكاليف المادية للسفر إلى جنوب إسبانيا، فهل هي ذات تكلفة مرتفعة؟
تتوقف الإجابة عن هذا السؤال على نوعية الإقامة التي ينوي السائح أن يعيشها، فإن كنت تبحث عن فندق بخمس نجوم، ربما ستكون التكلفة مرتفعة قليلاً، حيث تبدأ أسعار الغرف من 125 دولاراً، أما في الفنادق المصنفة ذات أربع نجوم، فإن التكلفة المادية تكون بحدود 55 دولاراً. بعيداً عن الإقامة في الفنادق، فإن التجول في المدينة، وشراء الهدايا التذكارية، أمر رخيص نسبياً.

وفي ما يتعلق بقائمة الأطعمة، يمكن القول أن مبلغ 10 دولارات يكفي لوجبة في أحد المطاعم، ويمكن شراء سندويشات بأسعار تبدأ من 3 و 4 دولارات.