جاءت توقعات صندوق النقد العربي الشهر الفائت عن النمو الإيجابي للاقتصاد السوري عن عام 2014 بنسبة 1%، بمثابة طوق نجاة، فبنت حكومة الأسد بياناتها على النسبة وأقرها وزير الاقتصاد، همام الجزائري، واعتمدها باحثو الممانعة كطوق نجاة لاقتصاد يتهاوى.
اليوم، عاد "الصندوق" عن خطئه وخفض من سقف توقعاته حول معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السوري، ليشير خلال نشرته الدورية عن أداء البورصات العربية للربع الرابع من العام المنصرم، إلى أن نمو الاقتصاد السوري لن يزيد عن 0.5%.
وبرر "صندوق النقد" تراجعه بأن التقديرات تبين أن عجز الموازنة العامة عن 2014 قد يصل إلى 595 مليار ليرة أو ما نسبته 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل عجز 577 مليار ليرة عن العام السابق أي ما نسبته 12.9% من الناتج المحلي.
وهذا ما دفع باقتصاديي الأسد إلى حمد تقديرات الصندوق ثانية والتشدق بها على أنها صادرة عن مؤسسة محايدة وذات صدقية، لأنها تتماشى وحملة التضليل الاقتصادي التي تتوازى مع إعادة إنتاج وتسويق الأسد سياسياً وإعلامياً.
قصارى القول: ثمة تبدلات آنية تجتاح سورية واقتصادها، تحول، إن لم نقل تمنع إصدار نسب وأرقام مؤكدة، وخصوصاً من جهات رسمية أو معتمدة ذات صدقية، لئلا يستخدمها أي طرف كمبرر لتسويق تضليله، كما فعل النظام الأسدي مع بيانات "الصندوق" وأطلق حملة "سورية بخير".
أما إذا أردنا محاكمة صندوق النقد العربي مهنياً لنسأل عما اعتمد في نسبة النمو الأولى، أو حتى عندما تراجع عنها وخفضها إلى 0.5%، بمعنى، إن كانت الصناعة السورية مشلولة وأكثر من 80% من المنشآت تهدمت أو سرقت، كما تراجع التحصيل الضريبي عن 60%، وشلل قطاع السياحة وسرقة وتخريب 400 موقع أثري، فضلاً عن تهديم الزراعة ووصول البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة عالمياً..
فكيف وبأي الطرائق الاقتصادية وصل "الصندوق للنمو الإيجابي في سورية، إذا كانت مؤسسات النظام تتكلم عن نمو سلبي قدره 5% ومنظمة "الإسكوا" قد أشارت إلى نمو سلبي تعدى 6%.
نهاية القول: ربما الواقع على الأرض وحده ما يعكس حالة الاقتصاد السوري، ولعل في مؤشر ارتفاع الأسعار 500% وتهاوي سعر الليرة مقابل الدولار الذي تعدى 315 ليرة اليوم، دليلاً حقيقياً على النمو والإنتاج.
أما إذا أمعنا النظر في ما انعكس من انتصارات المعارضة على حكومة الأسد، وأخذنا ما يصدر من قرارات لنقل مركز العاصمة لمدينة طرطوس الساحلية وهروب المسؤولين ورجال الأعمال إلى بيروت وروسيا وقبرص، فحينذاك فقط يمكننا تقديم أدلة وبيانات جديدة للصندوق العربي ليعيد حساباته بإصداراته.
اقرأ أيضاً: البنك الدولي يوسّع استثماراته بالشرق الأوسط لمواجهة الاضطرابات