يُصرّ المعمّر الفلسطيني الأكبر في العالم، رجب التوم، على الاستيقاظ باكراً. لم تُثنِه سنواته الـ 125 عن مواصلة حياته بصورة اعتيادية في قطاع غزة. يبدأ نهاره بالصلاة، قبل أن يعدّ قهوته، ويستمع إلى الإذاعات المحلية والعربية لمواكبة المستجدات السياسية.
وُلِد التوم في بلدة جباليا الواقعة شمال قطاع غزة عام 1889. عايش الحكم العثماني وخدم في جيشه، إضافة إلى الانتداب البريطاني، والاحتلال الإسرائيلي، وضم غزة إلى مصر والضفة إلى الأردن، وصولاً إلى سيطرة حركة "حماس" على القطاع. عمل في التجارة، حيث كان يتنقل بين الدول العربية، يبيع ويشتري منها. يقول لـ "العربي الجديد": "كنت أُسافرُ من غزة إلى الأردن ومصر وسورية والجزائر من دون أن يسألني أحد عن هوية أو جواز سفر". يتمنى لو ترجع تلك الأيام "حين كان العرب أقوياء، قبل أن يقسمنا الطمع".
يحكي التوم عن يوميات الفلسطينيين، يقول "كانت الحياة بسيطة. نأكل الزيت والخبز معظم الأحيان، ونادراً ما نزور الأطباء". لم تسرق سنوات عمره الطويلة، التي ارتسمت على محيّاه، شيئاً من ذاكرته ووعيه. لا يزال يمارس يومياته بشكل طبيعي. يستقبل ضيوفه من الصحافيين والأصدقاء، ويخصهم بأبيات شعرية كل بحسب اسمه. يحرص على تفقد الأهل وتبادل الزيارات معهم. يواظب على متابعة الأخبار والتحليلات السياسية. آمن بالربيع العربي لكن ليس إلى وقت طويل. يصفه اليوم بـ "الخريف القاسي".
أكثر ما يسعده هو مجالسة أحفاده، الذين له منهم حوالي 300. يتبادل معهم الحكايات الكثيرة. حالياً، يتواصل أبناؤه وأحفاده لإدراجه ضمن موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، كأكبر مُعمّر في العالم، بعدما وافقت اللجان المختصة في وزارتي الداخلية والصحة في غزة على تصحيح تاريخ ميلاده من 1/1/1902 إلى 1/1/1889.
لا يزال التوم يحلم بأن "يعم الأمن والاستقرار فلسطين، وينتهي الاحتلال والانقسام الداخلي، ويعيش ما تبقى من عمره على هذه الأرض، ويعود الاستقرار إلى مصر وسورية، ويتوحد العرب".