راجه رضوان أصرّ على الالتحاق بالمدرسة وتفوّق

07 اغسطس 2015
هو يعرف أن المستقبل أمامه (العربي الجديد)
+ الخط -

على الرغم من إعاقته، لم يفقد الشاب الباكستاني راجه رضوان الأمل في أن يعيش حياة طبيعية، ويدرس ويلعب، حاله حال الأطفال الآخرين. يدرس الشاب في الصف السادس الابتدائي في إحدى المدارس الحكومية في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام آباد. هو متفوّق في الدراسة وجادّ في العمل. عند حلول المساء، يلعب مع أقرانه، ويساعد والدته في ترتيب غرفته وأغراضه المدرسية.

قبل 15 عاماً، ولد رضوان في إحدى قرى مدينة راولبندي. وبعد عامين، أصيب بمرض أدى إلى إعاقته. فجأة، وجد نفسه عبئاً على والديه شاهين بي بي وراجه إلطاف. الأسرة الفقيرة بذلت كل ما في وسعها لعلاج ابنها، لكن من دون جدوى. كذلك، حاولت الأسرة أخذ ابنها إلى الخارج للعلاج، لكن الفقر والعوز حالا دون ذلك. اليوم، فقد الوالد الأمل في احتمال علاج ابنه، لكن والدته ما زالت تحلم أن ترى رضوان يمشي على قدميه.

في البداية، ظنّت العائلة أن رضوان سيبقى حبيس المنزل. اشترى له والده كرسياً متحركاً، وصار يأخذه للتنزه في الخارج. كان يرى الأطفال يلعبون. في صباح أحد الأيام، حين كان رضوان في العاشرة من عمره، أصرّ على الخروج مع ابن عمه عمير، وهو ذاهب إلى المدرسة. حاولت الأم إقناع ابنها بالبقاء في البيت لكنها عجزت. طلبت الجدة من أم رضوان اصطحاب ولدها في الكرسي المتحرّك. هذا ما حصل، وأصرّ ابنها على البقاء في المدرسة. وبعد نقاش طويل بين الأم وإحدى المدرّسات، نال ما أراده. عند الظهيرة، توجّهت الأم إلى المدرسة لاصطحاب ابنها، وإذا بالمعلمة تخبرها أنه يحب الدراسة. منذ ذلك الحين، التحق رضوان بالمدرسة.

في السياق، تقول شاهين بي بي: "حين أرى رضوان يدرس أو يساعدني في الأمور المنزلية، أنسى تماماً مشكلته". أما والده، فبات يفكّر ليل نهار في تأمين ما يحتاج إليه ابنه حتى يتمكّن من مواصلة دراسته. كان يظن أن ابنه لن يستطيع مواصلة حياته من دون مساعدة الآخرين، لكنه واثق اليوم أنه سيساعد الآخرين "بعدما أصبح إنساناً متعلماً ومثقفاً".

وعلى الرغم من وضعه المادي، إلا أنه يدخر مبلغاً مالياً ليستفيد منه ابنه في المستقبل. يعمل الوالد في شركة تجارية في مدينة راولبندي منذ عشرة أعوام، ولديه دخل محدود. لذلك، اضطر مرتين إلى تعليق دراسة ابنه. في ذلك الوقت، ساعده شقيقه. من هنا، قرّر الوالد ادخار ما تيسّر من مال لضمان مستقبل ابنه.

لا يعمل الوالد فقط على تأمين مستلزمات ابنه. بل يساهم جميع أفراد الأسرة، كل بحسب قدراته، في توفير احتياجات رضوان، من قرطاسية وكتب وغيرها، بهدف تشجيعه على المضي قدماً في الدراسة وتحقيق حلمه.

اقرأ أيضاً: لطيف خان مهمند.. فقد يده وما زال يصنع الطوب

من جهته، يبدو رضوان راضياً تماماً عن حياته. وتراه يصب كل اهتمامه على الدراسة. حتى أنه يشجّع الأشخاص المعوّقين على الدراسة، وعدم الاعتراض على "مشيئة الله". يقول إن المجتمع الباكستاني لا يحترم الأشخاص المعوّقين ولا يعترف بحقهم، لافتاً إلى أن الطريقة الوحيدة للعيش هي أن ينسى المعوّق أنه أقل شأناً من الآخرين، ويدرس ويتعلم من أجل المستقبل، حتى لا يكون عبئاً على الأسرة والمجتمع. ويأسف لأن الحكومة والمجتمع المدني لا يؤديان دورهما حيال الأشخاص المعوّقين، وخصوصاً أن كثيرين منهم ينتمون إلى أسر فقيرة.

تجدر الإشارة إلى أنه بحسب المؤسسات الحقوقية، هناك مئات آلاف الأشخاص المعوّقين في باكستان. ولأن المجتمع يعيش تحت خط الفقر المدقع، عادة ما تكون هذه الفئة مهمّشة، وإن كان البعض يسعون إلى الاهتمام بهم ومساعدتهم.

ويمكن القول إن قصة رضوان هي خير دليل، علماً أن والده لا يستطيع أن يوفر له جميع احتياجاته. لكن مساهمة أفراد أسرته تساعده على المضي قدماً في تحقيق حلمه. وتعليقاً على حالة الأشخاص المعوّقين في باكستان، يقول الناشط الاجتماعي محمد رشيد، الذي يدير مركزاً للأشخاص المعوّقين في مدينة راولبندي، إنه "يمكن للمعوّق أن يكون شخصاً فعالاً في المجتمع الباكستاني، شرط الاهتمام به".

وتكمن المشكلة، بحسب رشيد، في كون الحكومة لا تهتم أصلاً بمثل هذه القضايا الإجتماعية، مؤكداً أن هناك بعض الاهتمام بالأشخاص المعوّقين في المدن. يختلف الوضع في القرى والأرياف، إذ ما زال الآباء يعتقدون أن أولادهم المعوّقين بمثابة عبء عليهم، ولن يكون لهم أي دور في المجتمع، مشدداً على أن تغيير هذه الظاهرة لا يمكن إلا من خلال نشر الوعي في أوساط المجتمع.

ما زال رضوان صغيراً. يعرف أن المستقبل أمامه. ولا يريد أن يخسر شيئاً. لديه أحلام كثيرة يرغب في تحقيقها.

اقرأ أيضاً: عبد الرحمن الذي تحوّل عامل فندق
المساهمون