دقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر حيال وضعية الصحافة المكتوبة في البلاد، محذرة مما وصفته بـ"سياسة تركيع الإعلام" و"خنق حرية التعبير" من خلال جره نحو الإفلاس.
وأضافت الرابطة الحقوقية الجزائرية، في بيان حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن "الصحافة هي الدرع الواقي لحماية الوطن بعد الجيش الوطني الشعبي"، معتبرة أن "كل من يحاول زعزعة الصحافة أو جرها إلى الإفلاس والتوقف النهائي عن النشاط هو بمثابة خائن لبلده وعميل للدول الأجنبية".
وترى الجمعية الحقوقية أن "واقع حرية الصحافة قد تراجع إلى أدنى مستوى منذ التعددية الإعلامية في سنة 199، قد تدفع بعض المؤسسات إن لم نقل معظمها إلى التوقف وكل المؤشرات توحي بأنها تسير في طريق الاندثار والغلق، ولن نبالغ إن قلنا إن عدة مؤسسات صحفية أصبحت غير قادرة على صرف الأجور للصحافيين بانتظام، بسبب مسلسل التضييق على الصحافة، وتتجه السلطة الحالية نحو تركيع الإعلام الجاد والحر بشتى الوسائل، ومن بينها ممارسة الابتزاز وتوزيع الإشهار حسب الولاء والمحبات".
وأشارت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن "دعم الصحافة المكتوبة هو واجب وطني، بعد أن أصبحت كل المؤشرات تنبئ بأن الصحافة التي لها المصداقية لدى الرأي العام الوطني تحاول السلطة جرها إلى الإفلاس والتوقف النهائي عن النشاط، والدليل على ذلك أن عدة صحف وطنية ومحلية في سنة 2016 أعلنت الإفلاس، من بينها جريدتا "الأحداث" و"الجزائر نيوز" والبقية تأتي، حتى لا نبالغ في الرقم نقول أكثر من 40 صحيفة وطنية ومحلية في صدد إعلان الإفلاس إذا لم تتخذ الحكومة الإجراءات والتدابير الاستعجالية اللازمة لإنقاذها من الاختفاء عن الساحة الإعلامية".
ودعت الرابطة الحكومة الجزائرية إلى "تنظيم سوق الإشهار (الإعلانات)، وذلك عن طريق وضع تشريعات واضحة تنظم عمل المؤسسات الإعلامية ونسبة الاستفادة من الإشهار العمومي يمنح بطرق شفافة حسب نسب سحبها واحترامها لأخلاقيات المهنة لضمان استمرارية الصحافة المكتوبة"، إذ "لا توجد أي صحيفة على المستوى العالمي بإمكانها الصمود من خلال مبيعاتها، وبالتالي من الضروري التنظيم".
كما استغربت الرابطة تعامل السلطة مع الإعلام على أنه "خصم" رغم الوعود الكثيرة بالإصلاحات، متسائلة: "أين هو مشروع قانون الإشهار المقترح في سنة 1999، بعدما حظي بمصادقة بالإجماع بالغرفة السفلى، وتم رفضه على مستوى مجلس الأمة، ليحال على اللجنة متساوية الأعضاء، ولم تعرف له وجهة إلى اليوم؟ وأين هو المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحافة؟ وأين هي سلطة ضبط السمعي البصري"؟
وتأتي صرخة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بالتزامن مع تجدد الجدال في الجزائر حول طريقة تسيير الحكومة الجزائرية عن طريق وزارة الاتصال لملف الإشهار خاصة العمومي، إذ يرمي الكثير من المتتبعين للشأن الإعلامي الحكومة الجزائرية بتهمة استعمال ورقة الإشهار للضغط على الجرائد التي تغرد خارج سربها.
ويرى الإعلامي وأستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي أن منع الإشهار العمومي "الحكومي" عن الجرائد "غير شرعي وغير قانوني"، ويمس حقين من حقوق الإنسان، أولهما حق المؤسسات الإعلامية في المساواة في الإشهار الحكومي مهما كان خطها الافتتاحي، أما الحق الثاني فهو الحق في التعبير.
ويعتبر عبد العالي رزاقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الضغط بورقة الإشهار يقيّد حرية التعبير ويجب على السلطة الحاكمة احترام الخط الافتتاحي لأي مؤسسة إعلامية مهما كان توجهها السياسي".