وبينما يؤكد أن مستقبل العراق مجهول بعد "داعش" الذي يصفه بـ"السرطان"، لا يتردد بالقول إن الطبقة السياسية في البلاد فاشلة. كما يتطرق إلى الدور الأميركي واصفاً إياه بـ"السلبي" في المنطقة ككل لا في العراق فقط.
* رفضتم مشروع الكونغرس الأميركي القاضي بتسليح المسيحيين بالعراق للدفاع عن أنفسهم، ما هو سبب رفضكم؟
رفضنا وما زلنا نرفض ذلك، لأننا نحرص على وحدة بلدنا وانتمائنا لأرض العراق. نحن المسيحيين ولاؤنا دوماً للوطن والدولة، بينما يؤدي استيلاد المليشيات إلى نوع من الفوضى والخراب. فهل تقبل الولايات المتحدة نفسها بأن تصنع مليشيات داخل أراضيها؟ أعتقد بأنه هناك جيش نظامي ورسمي، يجب دعمه وتأهيله. ومن يريد أن ينخرط به فأهلاً به. وهو الطريق الصحيح ونحن بحاجة لهذا الجيش. وأعتقد أن الموضوع متعلق بالحملة الرئاسية الانتخابية في الولايات المتحدة، فهناك 300 ألف مسيحي في الولايات المتحدة من أصول عراقية، يريدون كسب ودهم لا أكثر.
* كيف ترون هجرة المسيحيين من البلاد؟
هناك نزيف للمسيحيين من العراق. وكل مسيحي في العراق تعرّض إلى الكثير لجعله يهاجر. منذ سنتين هجر المسيحيون منازلهم والآن قسم منهم باتوا في المخيمات، وآخرون في بيوت استأجرتها لهم الكنيسة. ونحن وهم نسأل متى سيعودون لديارهم؟ ومن سيعيدهم؟ ومن يحميهم؟ وقد بات لكل مسيحي بالعراق أقرباء أو أصدقاء له بالخارج، يغرونه بالهجرة وهو أكثر ما يقلقنا.
* كيف تقيّم الكنيسة ما يجري اليوم؟
دور الأميركيين في المنطقة، لا في العراق فقط سلبي، فواشنطن تأتي بشعارات الديمقراطية والحرية والازدهار الاقتصادي. الأميركيون فككوا الدولة العراقية وسرّحوا الجيش ودمّروا البنى التحتية في البلاد وخلقوا المحاصصة والطائفية والفوضى بالعراق، كما أنها مسؤولة عما يجري الآن، فـ"داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية) و"القاعدة" نتاج طبيعي لما فعلته بالعراق.
* تتحدث تقارير محلية وغربية عن عمليات سرقة واستيلاء لأملاك المسيحيين بالعراق كيف ترون ذلك؟
نعم مع الأسف هناك جهات نافذة وأقول لهم إن السرقات حرام، غير أنه هناك ثقافة منتشرة وهي أن أموال وممتلكات غير المسلمين حلال. وهذا جهل وتجنٍّ وأقول لمن استولى عليها، إن البركة مرفوعة من الأموال الحرام.
* ما رأيكم بدعوات تحويل العراق إلى أقاليم؟
توقيت طرح الأقاليم اليوم خطأ كبير، مع أنه مضمون بالدستور الذي كُتب بعد الاحتلال الأميركي للعراق (2003). إن خلق الأقاليم غير واقعي وغير طبيعي. ونحن كعراقيين لم نعش في أماكن مغلقة أو منعزلة، بل عشنا مع بعضنا على مرّ القرون الطويلة وهذا ما يجب أن يستمرّ.
* كيف تنظرون إلى موضوع استقلال كردستان؟
من حق أي شعب أن يفكر بتقرير مصيره. الأكراد عانوا كثيراً وأتمنى أن يعتمدوا العقلانية والحوار مع الحكومة العراقية لإيجاد حل يناسبهم بعيداً عن الاقتتال.
* رأيكم بالعملية السياسية في البلاد؟
الطبقة السياسية فاشلة ولم تحقق خدمات ولا أمناً ولا عملاً والكل فاشل ونحتاج إلى تغيير وجيل جديد أيضاً، على أن يكون مؤمناً بالوطن والمواطنة قبل كل شيء.
* كيف ترون مشروع الحوار والمصالحة؟
دور المرجعيات مهم وأساسي، وعليها التحريض على السلام والعيش المشترك. ونحن بحاجة إلى تغيير الحال والثقافة، فلا يوجد بلد يعيش بدينٍ واحد، بل هناك تنّوع ديني. وعلى الكنائس والجوامع الانسحاب من العملية السياسية وترك السياسة، فالدولة الدينية غير قابلة للحياة.
* كم عدد المسيحيين قبل وبعد عام 2003 بالعراق؟
كان عددهم بالملايين قبل عام 2003، واليوم لا يبلغ عددهم النصف مليون. والهجرة مستمرة لأن الناس تعبت ولا توجد في الأفق حلول ثابتة.
* ماذا عن الحديث عن مناطق آمنة تُشكّل إقليماً خاصاً للمسيحيين في سهل نينوى. هل هو الحل الأمثل لمسيحيي العراق؟
بالنسبة للمناطق الآمنة، أقترح بحكم الواقع أن يتبنّى العراق النظام الفيدرالي بطريقة حضارية وعلى أساس إداري تنظيمي لا أكثر، بعيداً عن التحزّب والتكتل الطائفي والديني. وذلك حتى يحافظ على وحدته ويكون المسيحيون مع الآخرين، وربما تكون هناك إدارة ذاتية في سهل نينوى، لكننا نشدد على عدم رغبتنا في العيش في غيتوات.
* هجرة المسيحيين مستمرة والدول الأوروبية، كفرنسا والسويد تُسهّل قبولهم فيها، فهل سيكون الشرق الأوسط خالياً من المسيحيين؟
الغرب له يد في تشجيع الهجرة، ربما بسبب قدرة المسيحيين على الاندماج في المجتمعات الغربية بسبب انفتاحهم وثقافتهم. وإن على المسلمين في الشرق الأوسط احتضان المسيحيين الشرقيين وحمايتهم، لأنهم عامل حضارة وانفتاح، لأن خلو الشرق الأوسط من المسيحيين خسارة للمسلمين بالدرجة الأولى.
* كانت لكم مواقف صريحة تتهمون فيها مليشيات ومتنفذين في الأحزاب، بالاستيلاء على منازل المسيحيين وكنائسهم في بغداد والبصرة؟
هذا موجود في بغداد والبصرة وحتى في بعض بلدات الشمال، وفي السنوات الأخيرة انتشرت فكرة أن أموال غير المسلمين حلال، فراحت بعض المليشيات أو المافيات والأفراد يستولون على بيوت المسيحيين وأملاكهم علناً في ظلّ التهديد والترويع والحكومة تتفرّج. ما استولد رعباً لدى المسيحيين.
* "داعش" دمّر الكنائس ومواقع أثرية في نينوى؟
"داعش" دمّر الحياة والحجر، أي كل ما لا يتماشى مع فكره. هو كالسرطان وهو يخطئ ضد الله والدين ويجرم بحق الإنسان والحضارة.
* كيف ترون واقع العراق بعد تحرير المناطق من "داعش"؟
مستقبل العراق مجهول، بعد "داعش" ستظهر مشاكل معقّدة والعراق في حاجة إلى حكومة قوية للتعامل مع المستجدات بواقعية، ورؤية واضحة وتخطيط وحسم.