تحوّلت الانتخابات الرئاسية المقررة في بولندا في دورتها الأولى في 28 يونيو/ حزيران الحالي إلى مادة تجاذب كبير بين الرئيس الحالي، المرشح الأقوى، القومي اليميني المحافظ أندريه دودا، وخصومه الذين أخذوا عليه محاولته الاستفادة من تفشي وباء كورونا، للفوز بالرئاسيات لولاية ثانية، ولفرض شروطه السياسية، وخصوصاً في ما يتعلق بالعلاقة مع الأميركيين، واحتمال نشر المزيد من القوات الأميركية في وارسو. ولم يكن العام الحالي مريحاً لخصوم دودا، فعلى الرغم من محاولاتهم للاقتراب منه، إلا أنهم وقعوا في سلسلة أخطاء، لعلّ أبرزها انسحاب مرشحة المعارضة الرئيسية، مالغوجاتا كيداوا بلونسكا من الانتخابات التي كانت مقررة سابقاً في 10 مايو/ أيار الماضي، بحجة كورونا. ضرب الانسحاب عملياً في شهر إبريل/ نيسان الماضي فرص المعارضة في مواجهة دودا، إذ اضطر الائتلاف المدني إلى ترشيح عمدة وارسو، رافال ترزاسكوفسكي، قبل تعيين موعد جديد للانتخابات. حاول المرشح الجديد اللحاق بدودا، مع تكثيف حضوره في مختلف المدن الرئيسية، وآخرها في كراكوفيا، لكن مختلف استطلاعات الرأي، ومنها مركز "بولستر"، تمنح دودا تقدماً مريحاً في الجولة الأولى، بل تراوح أرقامه بين 40 و42 في المائة من نيات التصويت، في المقابل ينال ترزاسكوفسكي نحو 28 في المائة، حداً أقصى. مع ذلك، فإن الفوز في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى يقتضي تجاوز عتبة الـ50 في المائة، وإلا تُفرض جولة ثانية في 12 يوليو/ تموز المقبل.
أما الهدف الأبرز لدودا وحزبه، فهو استقطاب المزيد من الجنود الأميركيين إلى وارسو، بعد إعلان مورافيكي، مطلع الشهر الحالي، أن وارسو تأمل استضافة جزء من الجنود الأميركيين المتمركزين حالياً في ألمانيا، الذين يسعى الرئيس دونالد ترامب إلى تقليص وجودهم بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". وقال مورافيكي لقناة "أر أم أف" الخاصة: "آمل حقاً أنه بنتيجة المحادثات الكثيرة التي أجريناها، وبعدما أظهرنا تضامننا كشركاء في حلف شمال الأطلسي، سينتقل إلى بولندا عدد من العسكريين المتمركزين حالياً في ألمانيا، الذين ستسحبهم الولايات المتحدة" (أكثر من 9 آلاف جندي). وبما يوحي بخشية بولندية من روسيا، وقبلها الاتحاد السوفييتي، أضاف مورافيكي أن "الخطر الحقيقي يكمن عند الحدود الشرقية، كذلك إن نقل القوات الأميركية إلى الجبهة الشرقية (لحلف شمال الأطلسي) من شأنه تعزيز أمن أوروبا بمجملها" (من روسيا). مع العلم أنه خلال السنة الماضية، زاد ترامب عديد قواته الموجودة في بولندا، في إطار عمليات المداورة إلى 5500 عنصر. وتعتبر وارسو منذ زمن بعيد الولايات المتحدة الضامن الرئيسي لأمنها في حلف شمال الأطلسي. مع العلم أن المباحثات البولندية مع ترامب في العامين الماضيين، تمحورت حول إنشاء قاعدة عسكرية أميركية، يُطلق عليها اسم "فورت ترامب". وتكمن الخشية البولندية من جيب كالينينغراد الروسي، الواقع على حدودها الشرقية، بعد كشف تقارير في العامين الماضيين عن تحديث روسيا مخبأً لتخزين الأسلحة النووية هناك، فضلاً عن نشر اتحاد العلماء الأميركيين، صور أقمار اصطناعية أظهرت وجود منشأة تخزين عميقة، مغطاة بسقف خرساني جديد في منطقة بساحل بحر البلطيق بين بولندا وليتوانيا. وقال في حينه، مدير مشروع المعلومات النووية في منظمة اتحاد العلماء الأميركيين هانز كريستنسن: "يحمل الموقع جميع بصمات مواقع تخزين الأسلحة النووية الروسية النموذجية".
(العربي الجديد)