اقرأ أيضاً: عودة إلى انتخابات المغرب
وبحسب نتائج انتخابات رؤساء الجهات، التي يبلغ عددها 12 جهة رئيسية، جاء حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يتصدّر أحزاب المعارضة، أولاً في الانتخابات المحلية التي جرت في الرابع من أيلول الجاري، وحصد رئاسة 5 جهات، من بين 7 جهات لأحزاب المعارضة، بينما حازت أحزاب الائتلاف الحكومي، التي يتقدّمها حزب "العدالة والتنمية" على رئاسة 5 جهات، منها جهتان ترأسهما "العدالة والتنمية".
واكتسح حزب "العدالة والتنمية" الانتخابات الخاصة بعمدة المدن، خصوصاً الحواضر الكبرى، كالعاصمة الرباط، والدار البيضاء كبرى مدن المملكة، وطنجة، ومراكش، وأغادير، وفاس، ومراكش، ومدن أخرى.
وكان لافتاً في هذه الانتخابات عدم احترام منطق التحالفات الحزبية، بحيث صوّت عدد من المرشحين الذين ينتسبون إلى أحزاب الائتلاف الحكومي، لصالح مرشحين ينتمون إلى المعارضة لرئاسة بعض الجهات، والعكس صحيح.
ومن أبرز القرارات التي طبعت هذه الانتخابات ما أعلن عنه حزب "الاستقلال" المعارض، وهو الإحجام عن دعم مرشحي أحزاب المعارضة الأخرى التي تربطه بهم اتفاقيات عديدة، من قبيل حزب "الاتحاد الاشتراكي"، وحزب "الأصالة والمعاصرة"، وقراره بمؤازرة مرشحي غريمه السياسي، حزب "العدالة والتنمية".
ودعمت قيادة حزب "الاستقلال" مرشحي "العدالة والتنمية"، ضد حزب "الأصالة والمعاصرة"، في بعض الجهات، خصوصاً الدار البيضاء الكبرى، والتي آلت رئاستها رغم ذلك إلى الأخير (عمودية الدار البيضاء للعدالة والتنمية أما رئاستها للأصالة والمعاصرة). كما دعم "الاستقلال" مرشح حزب "العدالة والتنمية" في طنجة وتطوان، لكن دون فعالية.
وفي تعليقه على نتائج الانتخابات، أكد الباحث في الشأن السياسي عبد الرحيم العلام، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن النتائج كانت متوقعة، غير أنه لفت إلى اختلال التمثيل في المجالس المنتخبة بين المجال القروي والحضري، وقال إن سكان المجال القروي يشكّلون حوالي 13 مليوناً، لكن عدد الجماعات المخصصة لهم يقارب 1300، ممثلين بنحو 24 ألف مستشار جماعي.
وأضاف أن عدد الجماعات الحضرية لا يتجاوز 220 جماعة، ممثلة بأقل من 8000 مستشار جماعي، مشيراً إلى أن سكان المدن يتجاوزون 20 مليون مواطن (أكثر من سكان القرى بـ 7 ملايين). ورأى أنّ هذا الميزان المختل في التمثيل هو الذي يجعل صوت شخص انتُخب بـ 27 صوتاً، يساوي صوت مُنتخَب حصل على أكثر من 1000 صوت، أثناء عملية تشكيل مكاتب الجهات ومجلس المستشارين.
وقال الباحث إن تأثير الانتخابات البلدية لا يقتصر على تركيبة المجالس الجماعية، وإن التصويت يمتد إلى انتخابات مستشاري الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي، إذ يتم تخصيص 72 مقعداً للمستشارين القادمين من الجماعات الترابية، والذي يُنتخبون بطريقة غير مباشرة من خلال ما يسمى بالناخبين الكبار.
وتوقع العلام أن يحتل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، رغم تقدمه في الترتيب العام من حيث عدد المقاعد في المجالس الجماعية، المراتب المتوسطة في ترتيب الأحزاب بالغرفة الثانية، إذ من المتوقع ألا يتجاوز عدد أعضائه في هذه الغرفة 20 مستشاراً من أصل 120، مما يجعله أقلية في النصف الثاني من البرلمان، وإن احتل المرتبة الأولى في مجلس النواب.
وأشار العلام إلى أن النظام الحزبي في المغرب ليس صلباً بما فيه الكفاية كي يتم التعويل عليه في بناء تحالفات المجالس الجهوية وغرفة البرلمان، إذ إن غالبية مرشحي الأحزاب يتشابهون في الخلفية المجتمعية، والمسلك السياسي وإن اختلفت الألوان التي يترشحون باسمها، باستثناء حزب "العدالة والتنمية" وأحزاب فيدرالية اليسار.
وبالتالي، بحسب الباحث المغربي، كان من الوارد جداً أن يصوت أعضاء من تحالف الغالبية الحكومية على مرشحي المعارضة في عدد من مجالس الجهات بالبلاد، مشيراً إلى أن "حزب العدالة والتنمية نفسه لم يكن متأكداً من انعكاسه تحالفه مع الحكومة على تشكيل المجالس الجهوية".
وأفاد المتحدث بأن رئيس الحكومة المغربية (عبد الإله بنكيران) لم يراهن على صلابة تحالفه الحكومي، ومن غير الوارد أن يتخلى عنه بسبب ما حدث في تحالفات الجهات، لأنه يدرك أن عمر التحالف لن يعمر إلا أقل من سنة، وهي السنة المتبقية من عمر الحكومة، إذ من المؤكد أنه سيتم تشكيل تحالفات جديدة بناء على انتخابات 2016، وآنذاك يمكن أن تتبعثر كل الأوراق، وقد تتحول أحزاب إلى ضفة المعارضة، بينما تنتقل أخرى إلى الغالبية، على حدّ تعبير العلام.
اقرأ أيضاً: الانتخابات المحلية في المغرب: التنافس ودلالات تقدم "العدالة والتنمية"