رأس دارا شيكوه

04 مايو 2016
(قرب ضريح همايون في دلهي، تصوير: راج ك راج)
+ الخط -
وأنا أزور ضريح همايون
وجدتُ مدفنَ دارا شيكوه
سألتُ مرشداً مشغولاً بإقناع سائحيه الإنجليز
بأن النجوم على الباب الأمامي ليست نجوم داود،
- "أين يمكن أن أجده؟"
- "قبر دارا المقطوع الرأس
موجودٌ في الضريح الرئيسي"
سرتُ، واعياً فجأة بوجود رأسي،
واعياً بالجملة التي
فصلت رأسَ دارا
عن جسده، حراً من
أوامره، حراً
من الكلمة، منشطراً إلى اثنين.

هل دارا حالياً هو دارا؟

رأسه حمل اسمهُ، ولكنه
لم يعد رأسه، قطعته
هسّةُ سيف، أين كان دارا؟
بالنسبة لأورنجزيب حمل دارا
ظلاً شائكاً، نقيض
إيمانه، سيفاً منافساً،
نثر دارا الملحد
عاشق صوفي لتراتيل أخرى، دارا
طائرٌ صوفي،
يطير من مخطوطة إلى مخطوطة،
باحثاً عن الله في الترجمة.

يزور المترجمُ بيت
كل شاعر، ليبحث عن السرّ
الخفيّ داخل الكلمة التي تتهجى
كوناً مشابهاً، ذا صدى
في زمن آخر، تحت مصابيح أخرى،
الكلمة نفسها، دارا، سيد
الألسنة، قبطان زورق يجذّفُ
من لسانٍ إلى لسان،
ضاع رأسه في الترجمة.

دارا، طفل الشيطان،
أُعلن مخلوقاً لله، دُفن
في نار جحيم الوحوش،
لترتيله لأناشيد الأوبانيشاد،
هل جاء أحدٌ في ما بعد
ليتلو مرثية
حيث كان جسد دارا الناقص
يبحث عن رأسه؟
إلى أين ستذهب التربة
لتجد السرَّ المفقود بين رأس دارا
وجسده، سرٌّ يرتجف
في فضاءٍ مؤلم
يُضحى به قبل أن تنتهي الترجمة؟
أمام النصب التذكاري وقفتُ، قائلاً
لدارا، أنا أحملك في رأسي، لديك
عدد كبير من الرؤوس تترجمُ
كل يوم ما تركته غير منتهٍ،
كمترجمين، نحن نواصل الليل
بالنهار، نخون الكلمة، نتفادى
السيف، نعيد كل يوم
رأس دارا إلى مكانه.


* دارا شيكوه (1615-1659) أكبر أبناء الإمبراطور المغولي المسلم شاه جهان، ومرشحه لخلافته، عُرف عنه أنه كان شخصاً رفيع الثقافة ذا ميول صوفية، حاول التوفيق بين الإسلام والهندوسية، وإيجاد لغة مشتركة بين الديانتين. ترجم 50 نشيداً من أناشيد الأوبانيشاد التي هي جزء من كتب الفيدا الهندية عن اللغة السنسكريتية مباشرة، وكتب كتاب "مجمع البحرين". وبسبب أفكاره ومواقفه المتسامحة هذه قاد أخوه الأصغر أورنجزيب المتعصب دينياً، والطامع في وراثة العرش، ضده حرباً شعواء، انتهت بقتل دارا وقطع رأسه، ودفنه في قبر مجهول. [المترجم]

** Manash Bhattacharjee شاعر هندي يكتب بالإنجليزية، أستاذ في جامعة أمبيدكار في نيودلهي.

*** ترجمة: محمد الأسعد 


المساهمون