لا يمكن أن تنظر في وجه الحاجة أم الأسير إبراهيم بيادسة، القابع في السجن منذ أكثر من 26 عاماً، من دون أن ترى أثر السنين في أخاديد وجهها، ولا يمكنك أن تطالع وجه الحاج حسن والد الأسيرين محمد وإبراهيم إغبارية من قرية مشيرفة، من دون أن تطالع خيبة أمله لكثرة المرات التي قيل له فيها إن ولديه سيعودان إلى البيت، لكن تقاسيم "أوسلو" زادت من التجاعيد على تقاسيم والدهما.
مع ذلك، شدد ذوو أسرى الداخل اليوم الجمعة، في تظاهرة تضامنيه أمام سجن الغلبوع، على رفضهم مقايضة الأبناء بالثوابت الفلسطينية، وأكدوا تأييدهم لموقف القيادة الفلسطينية الحالي المتشبث بتحرير أسرى الداخل أسوة ببقية أسرى ما قبل اتفاقية أوسلو عام 1993. لكن للتجربة المريرة مع إسرائيل أثرها عليهم أيضاً، إذ قال الحاج حسن إغبارية لـ "العربي الجديد" إنه لن يصدق أي شيء قبل أن يرى ولديه في البيت، مضيفاً أنه ما دامت المفاوضات معلقة ومتعثرة فلا أمل في تحريرهما.
في المقابل دعت زوجته في كلمتها أمام المتضامنين، القيادة الفلسطينية إلى الثبوت على موقفها، واصفةً موقف رئيس السلطة محمود عباس، بأنه موقف "شجاع وغانم"، مطالبةً العرب بدعم السلطة الفلسطينية والفلسطينيين في مواجهة إسرائيل.
في المقابل، قال رئيس الحركة الأسيرة في الداخل الفلسطيني منير منصور، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف أسرى الحرية بات حجر الزاوية في أي مسعى لاستئناف المفاوضات، وإسرائيل كعادتها تعطل المفاوضات". وتابع منصور "نثمّن موقف القيادة الفلسطينية في المفاوضات الجارية اليوم، ونأمل أن يستمر هذا الموقف على حاله، حتى يتم الرضوخ للمطالب الفلسطينية المحقة وفي مقدمتها الإفراج عن الأسرى".
وأضاف أن الأسرى وذووهم يرفضون كل مقترحات وأفكار ترحيل الأسرى وإبعادهم للضفة الغربية وقطاع غزة.
بدورها، أشارت السيدة سناء سلامة، زوجة الأسير وليد دقة، إلى أن "الموقف الإسرائيلي، عدا عن كونه غير واضح، فإنه مشبَع بمحاولات الابتزاز للطرف الفلسطيني لتحصيل تنازلات جديدة مقابل تحرير الأسرى، ولذلك فإننا نؤكد على مطلبنا بالإصرار على تحرير أسرى فلسطينيي أراضي الـ 48 لأنهم جزء لا يتجزأ من شعبهم الفلسطيني، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنهم، وبالتالي فإن إعلان القيادة الفلسطينية وإصرارها على موقفها الحالي، هو رسالة لمليون ومئتي ألف فلسطيني في الداخل، مفادها أنهم جزء من الشعب الفلسطيني، وأننا نتعامل معهم باعتبارهم جزءاً من هذا الشعب".
وتابعت سلامة: "نحن لا نبيع وطننا من أجل تحرير الأسرى، ولا نتنازل عن الثوابت الفلسطينية، كما أننا لا نقبل بتحويل القضية إلى ملف الأسرى، فتحرير هؤلاء هو تحصيل حاصل وهو استحقاق وفقاً لاتفاقات سابقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ولا يمكن ربط التحرير بالمطالبة بتقديم تنازلات جديدة، فهؤلاء أسرى قضوا من عمرهم 30 عاماً وراء القضبان، وخسروا 30 عاماً من عمرهم ومن حريتهم؛ هي عمر اتفاق أوسلو، فقد كان من المتفرض أن يتم تحريرهم منذ توقيعه، بمعزل عن تمديد المفاوضات".