مع صباح أول يوم دراسي له، كان علي أن أكون مع ابني بالمدرسة، وكان مهماً بالنسبة لي كأم أن يتذكر ابني يومه الأول بشكل جيد بالرغم من الصعوبات التي أعرف أنها ستقابله حتماً، بداية من اليوم الثاني على الأقل، فالفصل مكدس بالتلاميذ، ستون أو يزيدون وبعض الأطفال ليس لهم مقاعد، وتؤكد المعلمة على أن هناك المزيد من التلاميذ القادمين من مدارس أخرى، ليصبح كل فصل به سبعين تلميذاً، ولا أحد يملك حق الاعتراض.
في نهاية اليوم الدراسي ذهبت لاستلام ابني ليخبرني صديقه أنه لم يعد إلى الفصل منذ انتهاء "الفسحة"، أبحث عنه في الفصول المجاورة وفي فناء المدرسة دون جدوى، أعداد من الأمهات تجري في طرقات المدرسة في صراخ وبكاء تبحث أيضاً عن أطفالهن.
أحس بضربات قلب ابني المتسارعة والأفكار السلبية التي سيطرت على عقله وخوفه من عدم إمكانية وصوله لي، لأنه لم يتمكن من معرفة فصله وسط مدرسة كبيرة تضم كافة المراحل الدراسية، ما حدث معي مجرد مشهد واحد من آلاف المشاهد اليومية السلبية داخل المدارس التجريبية في مصر، بسبب التكدس الطلابي في الفصول وزيادته عاماً بعد آخر، وعدم الجدية في إنشاء أبنية تعليمية جديدة والبقاء على الأبنية التعليمية القديمة مع تهالكها عاماً تلو آخر.
اقــرأ أيضاً
إضافة إلى ضعف أعمال الصيانة بها بشكل لا يتناسب مطلقاً مع الإحصائيات الرسمية التي تؤكد زيادة أعداد المواطنين في المجتمع المصري بمعدل فرد كل 17 ثانية، نضيف إلى ذلك قلة أعداد المدرسين وعدم القدرة على استيعاب مدرسين جدد لضعف ميزانية التعليم المحددة سنوياً، والمحصلة النهائية طالب يفتقر إلى أبسط المبادئ والمعايير التربوية ويجهل أبسط فنون القراءة والكتابة إن لم يلجأ إلى الدروس الخصوصية وينعدم ارتباطه الإيجابي بمجتمع المدرسة منذ اليوم الأول له.
كل هذه السلبيات يقابلها رغبات حقيقية من قبل أولياء الأمور لتجميل الصورة وحفر ذكريات إيجابية في ذاكرة أطفالهم عن المدرسة، فيتشارك أولياء الأمور في تنظيف الفصول ودهانها وتزيينها مع بداية العام الدراسي، كما يجمعون المبالغ المالية لتوفير كل ما يحتاجه الفصل من أقلام سبورة، وتصوير أوراق، وصندوق لجمع القمامة، وشراء الزينة، واللافتات، وقصص للأطفال. حتى وصل الأمر إلى طلب مباشر من مديرة إحدى المدارس لتجميع مبلغ شهري من أولياء الأمور، يكفي لتوظيف عاملات نظافة وتوفير الأدوات المطلوبة من ممسحة ومكنسة وأدوات النظافة من صابون ومطهر بشكل دوري، لأن مبنى تلاميذ المرحلة الابتدائية لا يوجد به عاملة نظافة واحدة، وبالتالي فإن حال الحمامات يرثى لها ويرفض التلاميذ دخولها لعدم نظافتها، مؤثراً على حالتهم النفسية وانتظار انتهاء اليوم الدراسي بفارغ الصبر.
هكذا فشل مشروع المدارس التجريبية في مصر في تحقيق رغبات وطموحات أولياء الأمور، بعد أن ظهرت كتجربة رائدة في بداية ثمانيات القرن الماضي لتنافس المدارس الخاصة، وبالفعل دخلت المنافسة في بداياتها وتميزت كونها مدارس ذات كثافة طلابية أقل تهتم بدراسة مناهج متطورة باللغة الإنكليزية بتكاليف أقل من مثيلاتها الخاصة حتى تحول إليها أنظار الآباء والأمهات وأصبحت حلماً يراود الطبقة المتوسطة في مصر.
هذا الحلم تحول، خلال السنوات الماضية، إلى كابوس يطارد أولياء الأمور والمدرسين وجميع القائمين على العملية التعليمية في مصر على حد سواء، ناهيك عن أطفال أصبحوا يكرهون الاستيقاظ كل صباح ليشهدوا يوماً جديداً من عبث الدراسة في مصر.
اقــرأ أيضاً
أحس بضربات قلب ابني المتسارعة والأفكار السلبية التي سيطرت على عقله وخوفه من عدم إمكانية وصوله لي، لأنه لم يتمكن من معرفة فصله وسط مدرسة كبيرة تضم كافة المراحل الدراسية، ما حدث معي مجرد مشهد واحد من آلاف المشاهد اليومية السلبية داخل المدارس التجريبية في مصر، بسبب التكدس الطلابي في الفصول وزيادته عاماً بعد آخر، وعدم الجدية في إنشاء أبنية تعليمية جديدة والبقاء على الأبنية التعليمية القديمة مع تهالكها عاماً تلو آخر.
إضافة إلى ضعف أعمال الصيانة بها بشكل لا يتناسب مطلقاً مع الإحصائيات الرسمية التي تؤكد زيادة أعداد المواطنين في المجتمع المصري بمعدل فرد كل 17 ثانية، نضيف إلى ذلك قلة أعداد المدرسين وعدم القدرة على استيعاب مدرسين جدد لضعف ميزانية التعليم المحددة سنوياً، والمحصلة النهائية طالب يفتقر إلى أبسط المبادئ والمعايير التربوية ويجهل أبسط فنون القراءة والكتابة إن لم يلجأ إلى الدروس الخصوصية وينعدم ارتباطه الإيجابي بمجتمع المدرسة منذ اليوم الأول له.
كل هذه السلبيات يقابلها رغبات حقيقية من قبل أولياء الأمور لتجميل الصورة وحفر ذكريات إيجابية في ذاكرة أطفالهم عن المدرسة، فيتشارك أولياء الأمور في تنظيف الفصول ودهانها وتزيينها مع بداية العام الدراسي، كما يجمعون المبالغ المالية لتوفير كل ما يحتاجه الفصل من أقلام سبورة، وتصوير أوراق، وصندوق لجمع القمامة، وشراء الزينة، واللافتات، وقصص للأطفال. حتى وصل الأمر إلى طلب مباشر من مديرة إحدى المدارس لتجميع مبلغ شهري من أولياء الأمور، يكفي لتوظيف عاملات نظافة وتوفير الأدوات المطلوبة من ممسحة ومكنسة وأدوات النظافة من صابون ومطهر بشكل دوري، لأن مبنى تلاميذ المرحلة الابتدائية لا يوجد به عاملة نظافة واحدة، وبالتالي فإن حال الحمامات يرثى لها ويرفض التلاميذ دخولها لعدم نظافتها، مؤثراً على حالتهم النفسية وانتظار انتهاء اليوم الدراسي بفارغ الصبر.
هكذا فشل مشروع المدارس التجريبية في مصر في تحقيق رغبات وطموحات أولياء الأمور، بعد أن ظهرت كتجربة رائدة في بداية ثمانيات القرن الماضي لتنافس المدارس الخاصة، وبالفعل دخلت المنافسة في بداياتها وتميزت كونها مدارس ذات كثافة طلابية أقل تهتم بدراسة مناهج متطورة باللغة الإنكليزية بتكاليف أقل من مثيلاتها الخاصة حتى تحول إليها أنظار الآباء والأمهات وأصبحت حلماً يراود الطبقة المتوسطة في مصر.
هذا الحلم تحول، خلال السنوات الماضية، إلى كابوس يطارد أولياء الأمور والمدرسين وجميع القائمين على العملية التعليمية في مصر على حد سواء، ناهيك عن أطفال أصبحوا يكرهون الاستيقاظ كل صباح ليشهدوا يوماً جديداً من عبث الدراسة في مصر.