ذعر أميركي من ارتفاع أسعار النفط.. وإدارة ترامب تواصل الهجوم على أوبك

05 أكتوبر 2018
محطة وقود في أميركا (Getty)
+ الخط -


حالة من الذعر تنتاب أسواق الطاقة وكبار مسؤولي الإدارة الأميركية، ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تتدخل وزارة الخارجية بشكل مباشر في السوق النفطية. 

وحسب نشرة "ستاندرد آند بوورز بلاتس غلوبال"، المتخصصة في الطاقة، فإن وزارة الخارجية الأميركية قالت، مساء الأربعاء، إن منظمة "أوبك" والدول الأعضاء فيها يحجبون عن الأسواق طاقة فائضة تقدر بحوالى 1.42 مليون برميل يومياً، وهذا الرقم يعود إلى بيانات استقتها الوزارة من مصلحة إدارة الطاقة الأميركية.

ونسبت النشرة إلى وزارة الخارجية قولها "إن مسؤولين من إدارة الرئيس دونالد ترامب يعملون حالياً مع دول (أوبك) لاستخراج الطاقة الفائضة التي يحتجزونها عن السوق"، دون أن تسمي السعودية تحديدا، وأضافت أن "أميركا من جانبها تقوم بتلبية الطلب المتنامي على النفط".

وقال متحدث باسم الخارجية للنشرة "الولايات المتحدة تواصل عملها مع دول أوبك وتشجعهم على استخراج الطاقات الفائضة للتأكد من تلبية الطلب". 

وذكر في هذا الصدد أنه "في الوقت الذي تحتجز فيه أوبك والمنتجون خارجها بمن فيهم روسيا، الطاقة الفائضة، تعمل الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج بحوالى مليون برميل يومياً خلال عام من الآن".

وقالت النشرة إن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تحدث هاتفياً، مساء أمس الأربعاء، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن الوزارة رفضت أن تؤكد للنشرة ما إذا كان النفط موضوع المحادثة الهاتفية.

وقال المحلل النفطي جيسون جاميل، لوكالة بلومبيرغ، اليوم الأربعاء: "أغطي النفط منذ 30 عاماً، وهذه المرة الأولى التي أرى فيها وزارة الخارجية الأميركية تتدخل يشكل مباشر في النفط". 

وتتزايد حالة الذعر الأميركي مع تواتر التقارير التي تؤكد أن المشترين لا يجدون الكميات التي يطلبونها من أرامكو، خاصة من نوعية النفط العربي الخفيف. 

وقال محلل الطاقة بشركة "جيفرز" الأميركية المتخصصة في النفط، جيسون جاميل: "إن العالم يواجه أدنى معدل من الطاقة الفائضة مقارنة بالطلب في تاريخه"، وأضاف في لقاء مع وكالة بلومبيرغ: "الطاقة الفائضة المتدنية تدفع أسعار النفط نحو مائة دولار بسرعة".

وفي ذات الإتجاه، قال محللون لقناة "سي إن بي سي" الأميركية: "الأسواق لا تصدق التطمينات السعودية، وهنالك غموض حول مستوى الطاقة الفائضة الفعلي الذي تملكه أرامكو".

ونقلت وكالة تاس للأنباء عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قوله، اليوم الخميس، إن أوبك تستطيع من الناحية الفنية زيادة إنتاج النفط 1.3 مليون برميل يومياً، لكنه قال من الناحية الفنية، ولم يقل كم تستطع "أوبك" إنتاجه من الناحية الفعلية، حسب مراقبين، وهذا ما يقلق السوق، إذ إن التقديرات تشير إلى أن السوق النفطية ستخسر بعد تطبيق الحظر الأميركي على إيران كميات تراوح بين 1.1 و1.4 مليون برميل يومياً. وما تحتاجه السوق كمية النفط الذي سيضخ في الأسواق وليس" النفط النظري".

وهذا مايزيد الشكوك في السوق حول الطاقة الفائضة التي تملكها حقيقة شركة أرامكو وتستطيع فعلياً تجهيزها واستخراجها للسوق في غضون شهر من الآن. لأن ما يهم السوق وجود خامات كافية لتلبية الطلب وليس تكهنات.


وتعرف مصلحة إدارة الطاقة الأميركية، التي تراقب السوق النفطي لصالح الولايات المتحدة،  الطاقة الفائضة بأنها تلك التي تستطيع الدولة استخراجها وإيصالها للسوق في غضون شهر وتستطيع الاستمرار في إنتاجها لفترة ثلاثة أشهر على الأقل. 

وترجمت هذه الشكوك في ارتفاع سعر خام غرب تكساس في لندن، أمس الخميس ، في التعاملات الصباحية، كما أن خام برنت لم يخسر سوى 16 سنتاً ولا يزال في مستوى فوق 86 دولاراً للبرميل.

وكانت في السابق أية تصريحات تصدر عن وزير النفط السعودي، تأخذها الأسواق مأخذ الجد وتنعكس بشكل مباشر في انخفاض سعر النفط بدولار أو دولارين.

وكان وزير النفط السعودي خالد الفالح قد ذكر في موسكو، اليوم الخميس، أن السعودية ترغب في استثمار 20 مليار دولار في قطاع الطاقة لا نتاج طاقات فائضة خلال السنوات المقبلة، ولكنه لم يجب على السؤال الملح الذي تطلب الإجابة عليه الأسواق، وهو كم حجم الطاقة الفائضة لدى أرامكو؟

وتتوقع نشرة "بلاتس غلوبال" أن تنخفض صادرات إيران بحوالى 1.1 مليون برميل يومياً من مستواها في أبريل/ نيسان البالغ 2.91 مليون برميل يومياً.

وتتخوف أميركا من أن تعرقل أسعار النفط المرتفعة حصول الحزب الجمهوري على الأغلبية في انتخابات النصف، كما تتخوف كذلك من أن تعرقل الأسعار المرتفعة خطة الحظر المشدد على إيران، لأن ارتفاع الأسعار يعني ارتفاع الفاتورة على الدول المستهلكة الكبرى في أوروبا وآسيا.

وبدت توقعات ارتفاع أسعار النفط واضحة في سوق الخيارات الأميركية، أي سوق الرهان على العقود المستقبلية، أمس الأربعاء، حيث زاد عدد المراكز المفتوحة لخيار شراء خام غرب تكساس الأميركي عند 100 دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وهي رهانات على أن العقود الآجلة ستبلغ ذلك السعر بنهاية 2019. وهذا يعني أن الرهان على خام برنت سيكون في حدود 110 دولارات للبرميل.


وقال جون ساسر، نائب رئيس الأبحاث والتحليلات لدى مجموعة موبيوس لإدارة المخاطر: "على مدى الأسبوعين الأخيرين، بات هناك مزيد من الدلائل على أنه حتى بعض الزبائن الكبار - الهند والصين - لن يشتروا النفط الإيراني اعتباراً من نوفمبر/ تشرين الثاني". 

ويضيف أنه نتيجة لهذا "فمن المرجح أن تكون تلك العقوبات أكثر فعالية عما اعتقده الناس".
وقال معهد التمويل الدولي إن إجمالي صادرات إيران انخفض إلى مليوني برميل يومياً في سبتمبر/ أيلول من 2.8 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان.

وفي موسكو، قال فاتح بيرول، مدير وكالة الطاقة الدولية، لوكالة رويترز، اليوم الخميس، إنه يجب على كبار منتجي النفط اتخاذ "الخطوات الصحيحة" لتهدئة المخاوف بشأن الإمدادات والتي دفعت أسعار الخام لأعلى مستوى في أربع سنوات.

وقال بيرول بالهاتف "الوقت الحالي هو المناسب لجميع اللاعبين، خاصة كبار منتجي ومصدري النفط، لدراسة الوضع واتخاذ الخطوات الصحيحة لتهدئة السوق، وإلا فلا أتوقع استفادة أي طرف".

وأضاف أن زيادة أسعار النفط إلى أكثر من 85 دولارا للبرميل تزامنا مع مخاوف بشأن التجارة العالمية تفرض ضغوطا كثيفة على الاقتصادات الناشئة. وقال بيرول إن الطاقة باهظة الثمن تعود في وقت سيئ للاقتصاد العالمي.
المساهمون