ديون مصر الخارجية 102.4 مليار دولار خلال 3 سنوات

19 يناير 2017
الدين المصري يزيد ارتفاعاً (زاش جيبسون/ فرانس برس)
+ الخط -


توقّع صندوق النقد الدولي حدوث قفزة في ديون مصر الخارجية، خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأن ترتفع إلى 102.4 مليار دولار بعد الانتهاء من برنامج "الإصلاح الاقتصادي" الذي تعهدت مصر بتطبيقه، في إطار اتفاقها مع الصندوق ومانحين دوليين آخرين، للحصول على عدد من القروض، لتصل تلك الديون إلى أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي المصري في عام 2020-2021.

وتوقّع صندوق النقد الدولي، في وثائق اتفاقه مع مصر التي كشف عنها مساء أمس الأربعاء، أن يصل الدين الخارجي لمصر إلى 98.7 مليار دولار، في آخر عام مالي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي 2019-2020، بعد الانتهاء من تطبيق البرنامج، الذي يقوم على عدد من الإجراءات الهادفة إلى خفض النفقات الحكومية وعجز الموازنة العامة والدين الحكومي وتحقيق الانضباط المالي.

وحسب تقديرات الصندوق فإن الدين الخارجي لمصر يزيد إلى 102.4 مليار دولار في العام التالي 2020 -2021، الذي يفترض أن تبدأ فيه آثار الانتعاش الاقتصادي المنتظر من تطبيق البرنامج في الظهور كما تقول الحكومة المصرية، ليصل إلى نحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب توقعات الصندوق.


تضخم الديون

وحسب أحدث أرقام للبنك المركزي المصري، فإن الديون الخارجية للبلاد بلغت 60.1 مليار

دولار بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2016-2017 الذي يغطي الفترة من يوليو وحتى سبتمبر 2016.

وبلغ الدين الخارجي لمصر، في العام المالي الماضي، 55.7 مليار دولار، ويتوقع الصندوق أن يرتفع إلى 66 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي.

ونشر الصندوق، الأربعاء، لأول مرة، وثائق اتفاقه مع مصر، والتي تحصل بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، بعد أن وافق على منحها القرض قبل أكثر من شهرين، وصرف لها بالفعل الشريحة الأولى منه.

وحسب "أصوات مصرية" التابعة لوكالة رويترز " يقدر الصندوق التمويل الذي تحتاجه مصر بالعملة الصعبة ولا تستطيع توفيره من مواردها (الفجوة التمويلية)، بنحو 35 مليار دولار، على مدى ثلاث سنوات، كما يقول في الوثائق المنشورة، مساء أمس الأربعاء، يتم توفيره عبر قروض من المؤسسات المالية والشركاء الدوليين كالبنك الدولي، بجانب قرض صندوق النقد البالغ 12 مليار دولار".

وتوضح الوثائق أن التمويل المطلوب متوافر لتغطية تلك الفجوة في العام الأول من البرنامج، 2016-2017، عبر مجموعة من القروض تعهدت بها أو قدمتها بالفعل أطراف مختلفة.

وأعلنت الحكومة المصرية في الربع الأخير من عام 2016 عزمها اقتراض 21 مليار دولار خلال الثلاثة سنوات القادمة لتغطية العجز في الموازنة وسد الفجوة التمويلية، منها 9 مليارات دولار من مؤسسات دولية واقليمية أبرزها البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية و21 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

وتغطي هذه المبالغ الجانب الأكبر من إجمالي الفجوة التمويلية، بينما لم تتوافر بعد المبالغ المطلوبة لتغطية العامين الماليين المقبلين، كما يوضح الصندوق.

وتحلل وثائق صندوق النقد مدى قدرة الاقتصاد المصري على تحمّل المديونيات الخارجية، وتشير إلى أنه قادر على تحمل الدين العام، الذي تستهدف الحكومة الوصول بنسبته إلى 98% من الناتج المحلي بنهاية العام المالي الجاري، لكن الصندوق يربط تلك القدرة على التحمل بالالتزام "بالبرنامج الحكومي".

ويقوم السيناريو الأساسي المترتب على تطبيق البرنامج الحكومي المتفق عليه مع صندوق النقد على خفض نسبة الدين العام من الناتج إلى 76% بحلول عام 2020-2021 كما ذكرت "أصوات مصرية" التابعة لوكالة رويترز.

ويقوم هذا السيناريو على عدة افتراضات أولها أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي سيرتفع تدريجيا من 4% إلى ما بين 5 و6% سنويا على المدى المتوسط، مع حلول الاستثمارات والصادرات كدافعين للنمو محل الاستهلاك الممول بالديون.

ويعتمد انتعاش الاستثمار كدافع للنمو على "الاستثمارات العامة في البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، والاستثمارات الواسعة في مجال الطاقة، والاكتشاف الضخم للغاز الطبيعي".

كما يعتمد السيناريو، الذي تقوم عليه الاتفاقية، على ارتفاع معدل زيادة أسعار المستهلكين إلى مستوى 19% خلال العام المالي الجاري، ثم انخفاضه إلى نحو 7% على المدى المتوسط.

ومن المنتظر أن تتحول الموازنة الحكومية الأولية (التي تستبعد الإنفاق على فوائد الديون) من تحقيق عجز إلى مراكمة فوائض بداية من العام المالي المقبل، 2017-2018.

وتعتمد هذه الافتراضات على تطبيق عدة معايير بخصوص كل من الإيرادات والنفقات الحكومية، على رأسها التحكم في فاتورة أجور العاملين بالقطاع الحكومي، وتطبيق المرحلة التالية من إصلاح دعم الطاقة، وتحسين نظام الاستهداف في تقديم التحويلات الاجتماعية.

أما على جانب الإيرادات، فتتضمن الإجراءات تطبيق ضريبة القيمة المُضافة وزيادة نسبتها عن ضريبة المبيعات التي كانت مطبقة سابقا، وتحسين إدارة الضرائب، وضمان أن تحصل الحكومة على أرباح مناسبة من الهيئات العامة الرابحة.

لكن هذه التوقعات الطموحة تواجهها مخاطر، وتنبع أساسا من الصعوبات التي يتضمنها تطبيق "برنامج إصلاح قوي وواسع النطاق"، كما يقول الصندوق.

كما أن هناك احتمالات لعثرات مالية نتيجة قصور في الإيرادات، أو زيادة أكبر من المخطط في الأجور أو تأجيل في تطبيق بعض الإجراءات الخاصة بالنفقات، يمكن أن تقلل من قدرة البرنامج على تحقيق هدف "القدرة على تحمل الديون"، خاصة في ضوء العجز المالي المستمر خلال السنوات الماضية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مصر معرّضة لصدمات خارجية، فقد يؤدي تذبذب الأوضاع المالية العالمية إلى رفع تكاليف الاقتراض، بالإضافة إلى أن تراجع النمو الاقتصادي لدى شركاء مصر التجاريين (الاتحاد الأوروبي وروسيا)، أو تدهور الأوضاع الأمنية الإقليمية سيؤذيان التجارة والسياحة، كما يحذر الصندوق في وثائقه.


توقعات الصندوق

وأعلن صندوق النقد الدولي، أمس الأربعاء، عن توقعاته للمؤشرات الكلية للاقتصاد المصري

في العام الحالي وحتى عام 2021.

وتوقع الصندوق تحسن معظم مؤشرات الاقتصاد، مع تطبيق الحكومة المصرية الإصلاحات المُتفق عليها بينهما.

ونشر الصندوق، مساء أمس، تقريرا ضم وثائق القرض الذي وافق على تقديمه لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات.

وتوقّع الصندوق تحسن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 3.8% في العام المالي الماضي، 2014/ 2015، تدريجيا إلى 6% في عام 2020/ 2021.

كما توقع الصندوق انخفاض معدل التضخم من 18.2% في العام المالي الحالي إلى 7% في العام بعد المقبل، 2019/ 2020، ثم يرتفع بشكل طفيف إلى 7.1% في 2020/ 2021.

وفيما يخص عجز الموازنة، يرى الصندوق أن عجز الموازنة سينخفض بشكل تدريجي من 12.1% في العام المالي الماضي إلى 5.9% في نهاية برنامج الصندوق في 2018/ 2019، ثم إلى 3.9% في 2020/ 2021.

ويتوقع الصندوق زيادة عجز ميزان المدفوعات خلال العام المالي الحالي إلى 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بحوالي 2.8% في العام المالي الماضي، ثم يتحول العجز إلى فائض بداية من العام المالي 2019/ 2020.

أما نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي، فقد توقع الصندوق أن ترتفع من 14% في العام المالي الماضي إلى 22.9% في العام المالي الحالي، ثم تستقر ما بين 25.9% و28.2% خلال الأربعة أعوام القادمة.

ورغم اهتمام الوثيقة بعرض توقعات المؤسسة الدولية لكل مؤشرات الاقتصاد الكلية، بل والكثير من المؤشرات التفصيلية والمُركبة، المبنية على تطبيق الحكومة للبرنامج الاقتصادي، إلا أن المؤشر الغائب كان معدل الفقر المترتب على الإجراءات التي سيتم اتخاذها، وتركت الخانات المقابلة للفقر في جدول المؤشرات خاوية، بدون وضع أحدث معدلات الفقر الصادرة عن الحكومة المصرية أو التوقعات لتطوره في السنوات القادمة. ​

المساهمون