دير الزور: صدام "قسد" والأهالي بلا كوابح

17 اغسطس 2020
تنتشر القوات الأميركية في حقول النفط بدير الزور (فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال ريف دير الزور الخاضع لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في أقصى الشرق السوري، ميدان توتر بين هذه القوات المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبين أهالي الريف، وهو توتر لم يهدأ في العام الحالي بسبب عمليات اغتيال طاولت عدداً من شيوخ القبائل والوجهاء، في ظل تململ هذا الريف وسكانه العرب من محاولات التهميش التي تمارسها "قسد". وفي أحدث تطور على صعيد التوتر في المنطقة، ذكر موقع "الخابور" الإخباري المحلي أن قوة تابعة لـ"قسد" حاولت أول من أمس السبت، اقتحام قرية جديد بكارة في ريف دير الزور بهدف اعتقال القيادي في "مجلس دير الزور العسكري" خليل الوحش، لكن الأهالي تصدّوا لها. وأضاف أن مواجهات دارت بين عناصر عرب في "قسد" والقوة المهاجمة، ما أدى إلى وقوع إصابات بين الطرفين، وأعقب ذلك تجمّع مئات العناصر من العشائر العربية لمناصرة أهالي القرية.

وأشار الموقع إلى أن محاولة اعتقال الوحش جاءت بعد خلافه مع قائد ما يسمى "إقليم دير الزور"، في "الإدارة الذاتية" الكردية المدعو "لقمان" والمتهم بمحاولة تهميش العرب داخل "قسد". كما لفت "الخابور" إلى أن قوات عشائرية سيطرت على خمسة مقار لما تسمى بـ"قوات الدفاع الذاتي" التابعة لـ"قسد" في قريتي جديدة عكيدات وجديد بكارة بريف دير الزور، وذلك عقب التوتر الحاصل بالمنطقة.


قوات عشائرية سيطرت على خمسة مقار لما تسمى بـ"قوات الدفاع الذاتي" التابعة لـ"قسد"

ويأتي هذا التطور في خضم توتر يشهده ريف دير الزور الشرقي بعد اغتيال أحد وجهاء قبيلة العكيدات أخيراً، ما استدعى حراكاً قبلياً طالب بتحقيق لمعرفة ملابسات ما جرى، في ظل السعي من النظام والإيرانيين لاستغلال ما جرى من تأليب العرب ضد "قسد"، التي تتهم النظام باستهداف وجهاء منطقة شرقي الفرات عبر خلايا نشطة تابعة له من أجل ضرب الاستقرار في المنطقة. من جهتها، تتهم القبائل والعشائر العربية في ريف دير الزور، "قسد" بـ"الإهمال الأمني والفشل في إدارة المنطقة" ما تسبب بفوضى أمنية، فضلاً عن تدهور الأوضاع المعيشية في المنطقة التي تحتوي على أهم حقول البترول في سورية. وكانت قبيلة العكيدات قد أمهلت منذ أيام، التحالف الدولي شهراً لـ"إعادة الحقوق لأهلها، وتسليم المجرمين للعدالة، والمساهمة الفعّالة في استقرار البنية المجتمعية للمنطقة"، وفق بيان صدر عقب اجتماع عدد كبير من وجهاء هذه القبيلة وقبائل أخرى في بلدة ذيبان الخاضعة لـ"قسد" في ريف دير الزور. وكانت السفارة الأميركية في دمشق قد دانت الهجوم الذي استهدف وجهاء في قبيلة العكيدات، مشيرة إلى أن "العنف ضد المدنيين غير مقبول ويعيق الأمل في حل سياسي دائم للصراع في سورية تماشياً مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254"، وفق بيان صدر إثر الهجوم.

ويطالب العرب في مجمل منطقة شرقي الفرات بدور أكبر بإدارة شؤون هذه المنطقة التي تعادل نحو ثلث مساحة سورية، كونهم يشكلون غالبية سكانها، وهو ما لم تستجب "قسد" له حتى اللحظة، ما يدفع الأوضاع إلى حافة الانفجار الشعبي. ويقسم نهر الفرات محافظة دير الزور من الوسط، تسيطر "قسد" على القسم الشمالي، بينما يسيطر النظام والإيرانيون على القسم الجنوبي الذي يشهد عمليات قصف جوي مستمرة من طيران إسرائيلي وآخر تابع للتحالف الدولي يستهدف قواعد ومقار الميلشيات الإيرانية المنتشرة، خصوصاً في مدينة البوكمال ومحيطها على الحدود السورية العراقية.

وتوقعت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن يظل التوتر "سيد الموقف في القسم الذي تسيطر عليه قسد من ريف دير الزور، طالما لم يتحسن الوضع المعيشي ولم تنته مظاهر الفوضى الأمنية"، مشيرة إلى أنه "حتى اللحظة لم نشهد تدخلاً أميركياً مباشراً من أجل تخفيف التوتر من خلال الاستجابة لمطالب أهالي المنطقة".


يطالب العرب في مجمل منطقة شرقي الفرات بدور أكبر بإدارة شؤون هذه المنطقة

وتحتفظ واشنطن بوجود قوي لها في ريف دير الزور، إذ أقامت نقاط تمركز لها في حقلي "كونيكو" و"العمر" النفطيين، إلى جانب قاعدة في منطقة "الشدادي" في ريف الحسكة الجنوبي على الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور. وتحمي القوات الأميركية في المنطقة حقول وآبار النفط والغاز في ريف دير الزور الشرقي، وريف الحسكة الجنوبي اللذين يضمان أهم وأكبر الحقول النفطية في سورية. ومن المرجح ألا تسمح واشنطن بخروج الأوضاع في ريف دير الزور عن السيطرة، في ظل رفض شعبي لأي عودة محتملة لقوات النظام والمليشيات الإيرانية إلى منطقة شرقي نهر الفرات.

وليس بعيداً عن ريف دير الزور، يحاول النظام والإيرانيون ضرب الاستقرار الأمني في محافظة الرقة الواقعة إلى الغرب من دير الزور والتي يقع أغلبها تحت سيطرة "قسد". وفي هذا الصدد، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن قوى الأمن الداخلي التابع لـ"الإدارة الذاتية" الكردية "الأسايش" اعتقلت أول من أمس السبت، في مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، خلية مؤلفة من 18 شخصاً، يعملون لصالح المليشيات الموالية لإيران، بينهم ضابط على الأقل.

وفي سياق متصل، ذكر موقع "دير الزور 24"، أن رتلاً عسكرياً لـ"حزب الله" و"فاطميون" خرج من ريف دير الزور إلى ريف محافظة الرقة، مروراً بريف دير الزور الغربي (غربي الفرات). وأضاف أن الرتل مؤلف من أكثر من 20 آلية ضمت سيارات وشاحنات، حملت تعزيزات أرسلتها المليشيات إلى مواقع سيطرة قوات النظام والمليشيات الإيرانية في ريف الرقة. وتسيطر قوات النظام ومليشيات محلية وايرانية على جانب من ريف الرقة الجنوبي الشرقي الواقع جنوبي نهر الفرات، تحديداً بلدتي السبخة ومعدان وقرى أخرى في محيطهما. وتعاني المنطقة التي تقع تحت سيطرة النظام من تسيّب أمني كبير، وتكثر فيها حوادث القتل بحق رعاة الغنم والتي تتجه أصابع الاتهام إلى المليشيات الإيرانية بالوقوف ورائها.