حتى الآن، تواجه دول الحصار اللاقانوني ضد الدوحة، شكاوى في منظمة التجارة الدولية ومنظمات أخرى من الشركات القطرية، ولكنها قد تجد نفسها في حال المضي قدماً في الحصار ومعاقبة الشركات الدولية التي تتعامل مع قطر بمنعها من المتاجرة معها، أمام سيل من شكاوى التعويضات من شركات أميركية وأوروبية. وذلك حسب ما ذكر خبراء دوليون ومحامون أميركيون في قضايا التجارة والحظر.
وكان السفير الإماراتي لدى موسكو، عمر غباشي، قد قال في تصريحات لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إن دول الحصار ستفرض شروطاً على شركائها التجاريين وستخيرهم بين التعامل معها أو مع قطر. وهو ما يعني عملياً حظر الشركات الغربية التي تتعامل مع قطر من الحصول على عقود أو المتاجرة مع كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين ومصر، التي تشكل رباعي الحصار والعزلة. ولكن الخبراء يقولون، إن اتخاذ مثل هذا القرار سيغضب الشركات العالمية وسيجبرها على رفع قضايا ضد هذه الدول.
في هذا الصدد يقول المحلل بشركة "غلوبال ريسك" للاستشارات غرهام غرفيث، في تعليقات قانونية "إن مثل هذه الإجراءات إذا اتخذتها دول الحصار لن تكون مقبولة، خاصة من دول كبرى مثل أميركا وبريطانيا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي".
وأضاف أن حكومات العالم ستحتج على أية عقوبات على قطر تضر بمصالح شركاتها التي تتاجر مع منطقة الخليج.
وأشار غريفيث إلى "أن الشركات العالمية التي لديها علاقات تجارية مع دول المنطقة سترفع قضايا وستطالب بتعويضات مالية ضخمة، لأن مثل هذه العقوبات تتناقض مع قوانين التجارة الدولية".
وتثار الآن مخاوف في أوساط المصارف الاستثمارية في عواصم غربية مثل لندن ونيويورك، من طول أمد أزمة الحصار وتداعيات ذلك على تدفق السيولة على هذه المصارف، وعما إذا كانت الأزمة ستجبر دول الخليج على سحب جزء من أرصدتها من هذه المصارف، خاصة دولة مثل السعودية تواجه مشاكل مالية معقدة وتدخل في حروب متواصلة.
ويذكر أن المصارف العالمية واجهت خلال الأعوام الماضية، أزمة نقص في السيولة الدولارية بسبب تقلص حجم البترودولارات التي كانت تتدفق إليها من الصناديق السيادية بدول المنطقة. وتوجد لدى الصناديق السيادية الخليجية احتياطات تقدر بحوالى 2.3 ترليون دولار مستثمرة معظمها في مراكز المال الغربية.
على الصعيد الأميركي، قالت وكالة "اسوشييتدبرس"، إن دول الحصار إذا قررت معاقبة الشركات الأميركية التي تتاجر مع قطر، فإنها تغامر بشكل غير مباشر بخرق قوانين التجارة الأميركية.
وحسب قانون التجارة الأميركي، فإن الشركات الأميركية ستتعرض للمعاقبة إذا طبقت حظراً أقر من قبل دولة أخرى ولا تدعمه الولايات المتحدة الأميركية. وهذا يعني أن أية محاولة من قبل السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة معاقبة الشركات الأميركية المتاجرة مع قطر سيغضب الإدارة والشركات الأميركية.
ويشار إلى أن هذا القانون وضع لضمان ألا تستغل الشركات الأميركية من دول أخرى لتنفيذ أجندتها السياسية. وهو ما ينطبق فعلياً على حالة الحصار الاقتصادي والمالي على قطر.
في هذا الصدد، نسبت وكالة "اسوشييتد برس" الأميركية إلى المحامي، بريان ايغان، الذي عمل في السابق في منصب كبير المحامين بوزارة الخارجية الأميركية حتى يناير/ كانون الماضي، ويعمل حالياً في شركة "ستيب تو آند جونسون" للمحاماة بواشنطن قوله: "إذا كانت لديك شركة تعمل في منطقة الخليج فعليك أن تفكر في سؤال الحظر المفروض من دول الحصار".
ويذكر أن هنالك شركات أميركية كبرى تعمل في قطر ولديها مصالح ضخمة. ويثار التساؤل في أوساط رجالات الكونغرس الأميركي حول مشروعية تفكير صغيرة مثل الإمارات معاقبة الشركات الأميركية تجارياً وبشكل يخالف القوانين الأميركية.
ومن بين شركات الطاقة الأميركية الكبرى التي تعمل في قطر، شركات مثل "اكسون موبيل كورب" التي تعمل في مجال الغاز المسيل ولديها شراكات طاقة ضخمة مع قطر، وكذلك شركة شيفرون وشركة "كونكو فيليبس".
ويذكر أن دول الحصار، وتحديداً دولة الإمارات تستخدم لوبياً من بعض رجالات الكونغرس ومسؤولين سابقين لعرقلة التجارة الأميركية مع قطر.
وحسب وكالة "اسوشييتد برس"، فإن كلاً من السناتور السابق، جو ليبرمان، والسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة مارك ويلس، أرسلا مذكرة إلى شركة "أميركان أيرلاينز" وشركات أخرى، حذرا فيها هذه الشركات من التعامل مع قطر.
أما على صعيد دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فإن حجم التجارة الأوروبية الكبير مع دول مجلس التعاون الخليجي والتعاقدات الضخمة التي لديها مع قطر، سيجعل من المستحيل على هذه الدول قبول فرض عقوبات تجارية على شركاتها التي تتاجر مع قطر.
وتعكف قطر حالياً على تنفيذ مشروعات ضخمة وتخطط للإنفاق عليها أكثر من 200 مليار دولار. وهو ما يعني أن هنالك عقوداً ضخمة متاحة للشركات الغربية في قطر، مقارنة بالعقود المتاحة لهذه الدول مع كل من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ويشير خبراء غربيون إلى أن العقود السعودية رغم ضخامتها، فإن معظمها يذهب لشركات الدفاع، كما تنعدم في السعودية الشفافية التجارية التي تتطلبها الشركات الغربية في الفوز بالعقود.