وعندما لم تجد الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) مناسبة لإصدار بيان تصعيدي جديد، قامت بنبش كلمة ألقاها وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في جنيف يوم الإثنين، لتبرر من خلالها بيانها الذي أعاد جمع كافة الاتهامات التي يكيلها رباعي الحصار ضد الدوحة.
وربما يكون الإصرار في بندين اثنين على حصر الوساطة بالكويت، هادفاً إلى قطع الطريق أمام ما يتردد عن نية ترامب إرغام دول الحصار على وقف حملتها ضد قطر، تمهيداً لعقد القمة الأميركية ــ الخليجية المقررة في الربيع المقبل في واشنطن، علماً أن دول الحصار سبق لها أن نعت مراراً الوساطة الكويتية وعرقلت مساعيها.
قطر تطالب بـ"المحاسبة"
وعبر وفدها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، ردت قطر، في وقت لاحق اليوم، على بيان دول الحصار أمام مجلس حقوق الإنسان، بطلب رسمي للمجلس بـ"إيلاء انتهاكات دول الحصار ضدها الاهتمام الكافي، والعمل على إنهائها فورًا، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتعويض المتضررين منها تعويضًا عادلًا".
وحسب البيان القطري، الذي ألقاه السكرتير الثالث في الوفد الدائم لدولة قطر، طلال النعمة، فإن دول الحصار "فشلت في تقديم أي دليل حقيقي مبني على أسس متينة حيال المزاعم التي أوردتها بشأن دعم دولة قطر للإرهاب، وفشلت أيضًا في تقديم المبررات والحجج القانونية للإجراءات القسرية التي فرضتها، والتي تعتبر بمثابة عقاب جماعي، وتدابير قسرية انفرادية تخالف مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة".
ولفت النعمة إلى "تقرير البعثة الفنية لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التي زارت دولة قطر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي"، والتي وقفت على جميع الحقائق، والتقت بالضحايا المتضررين من هذه التدابير، وخلصت بناء على ذلك، إلى هذا التوصيف.
وأكد أن "هذه التدابير القسرية الانفرادية، والحصار كما أوضح تقرير البعثة الفنية، ترتبت عليه انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما زالت هذه الانتهاكات مستمرة.
وقال إن دول الحصار مصرة على مواصلة تسويق المزاعم ضد دولة قطر، كما أنها تريد استخدام موضوع الإرهاب لتضليل المجتمع الدولي بشأن نواياها وإجراءاتها غير القانونية وغير الإنسانية ضد دولة قطر، والتي انتهكت بشكل صارخ العديد من القوانين واتفاقيات حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن "جهود دولة قطر في مكافحة الإرهاب واضحة ومعروفة للجميع، وفي جميع المحافل والمنتديات الدولية والأممية ذات الصلة؛ فهي عضو فعال في هذه الجهود وتشارك فيها ماليًا وسياسيًا وعسكريًا".
ومن جانبه، ردّ مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية القطرية، أحمد الرميحي، على اتهام المندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفير عيد الزعابي، لدولة قطر بـ"إشعال فتيل الأزمة الدبلوماسية واستخدامها في مجلس حقوق الإنسان"، بالقول في تغريده له على حسابه الرسمي على موقع "تويتر": "بل لفضحكم وبيان انتهاكاتكم واستغلالكم الشعائر الدينية وحرمان الشعب القطري منها، ومنعكم الأسر القطرية من التواصل مع ذويها من دول الحصار، والتحريض الفاشل والكاذب ضد قطر في كل محفل".
Twitter Post
|
وكان المندوب الإماراتي قد ألقى كلمة، اليوم، أمام مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف بالنيابة عن وفود دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، اتهم فيها قطر بأنها سعت لإشعال أزمة دبلوماسية، وأن هذه الدول ترى "أن هذه الأزمة السياسية الصغيرة بين دولنا وقطر يجب أن تحل في إطار جهود الوساطة الكويتية القائمة التي يقودها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. وتلقى جهوده ومساعيه كامل الدعم والتقدير من قيادة دولنا، وما زلنا نرى بأنها القناة الأمثل لمعالجة أسباب هذه الأزمة السياسية ونتائجها".
واتهم المندوب الإماراتي قطر بأنها تدعم ما وصفه "الأيديولوجيات المتطرفة والأفكار الإرهابية ونشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف من خلال وسائل الإعلام".
وكان وزير الخارجية القطري قد دعا مجلس حقوق الإنسان إلى "العمل على وقف انتهاكات حقوق الإنسان جراء الحصار المفروض على الدوحة"، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين عنه.
وأشار وزير الخارجية القطري، في كلمة له أمام الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، يوم الإثنين الماضي، إلى أنه أطلع المجلس في دورته الماضية على تداعيات وانتهاكات حقوق الإنسان جراء الحصار "غير القانوني والتدابير القسرية الانفرادية التي اتخذتها دول الحصار ضد الشعب القطري"، لافتًا إلى أن التقرير الذي أصدرته أخيرًا البعثة الفنية لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، بعد زيارتها لدولة قطر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكد هذه الانتهاكات.
وأضاف آل ثاني أن التقرير "تضمن وصفًا موضوعيًا ومنهجيًا للانتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الإنسان من قبل دول الحصار (أي السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بحق المواطنين والمقيمين، سواء في دولة قطر أو في دولها".
وتابع: "ما يثير الدهشة والاستغراب، في آن واحد، أن الدول التي فرضت هذه التدابير القسرية الانفرادية على بلادي هي دول أعضاء بالمجموعة الرئيسية المقدمة لقرار مجلس حقوق الإنسان حول (حقوق الإنسان والتدابير القسرية الانفرادية)، ومنها دول تتمتع بعضوية هذا المجلس".
واعتبر أن "هذا السلوك الغريب في التعامل مع قرارات المجلس يعكس التناقض الكبير بين قناعات هذه الدول وسياساتها من جهة، وبين مواقفها وتوجهاتها داخل المجلس من جهة أخرى"، مشيرًا إلى أن سلوكًا كهذا "لا يشكك في مصداقية هذه الدول وجديتها فحسب، وإنما يشكل تقويضًا لعمل المجلس وجهوده، الأمر الذي يستدعي الحفاظ على سمعة هذا المجلس ومصداقيته".