دور السينما الخاصة تستدعي أعمالاً عالمية حول القضية الفلسطينية

24 ديسمبر 2017
المخرج جان لوك غودار (Getty)
+ الخط -
بعيداً عن الموقف الرسمي المخزي من تطورات القضية الفلسطينية؛ تقوم دور السينما المصرية الخاصة باستدعاء الأعمال الفنية العالمية التي انتصرت لأصحاب الحق. بدأت هذا الاتجاه سينما "دال" في القاهرة، التي قامت بعرض فيلم "موسيقانا" (Notre musique)، وهو فيلم رمزي من إنتاج فرنسي سويسري مشترك عام 2004، مدته 80 دقيقة. 
ينقسم الفيلم إلى ثلاثة أجزاء، مستوحاة من رائعة دانتي الكوميديا الإلهية. في الجزء الأول (الجحيم)، يستعرض المخرج سردا غير مألوف، تدعمه لقطات وثائقية وروائية تظهر بشاعة الحروب والعنف والمذابح التي تعاني منها البشرية.

يشارك جان لوك غودار، مخرج الفيلم، بنفسه وباسمه في الفيلم. يظهر في الجزء الثاني (المطهر)، ويلعب دور مشارك في مؤتمر الفنون الأوروبية بسراييفو. يستعرض في ندوته بالمؤتمر صوراً تطرح فكرته عن العنف، ويقدم صورة أفراد ينزلون من قوارب في البحر، وآخرين يدخلون بأقدامهم ودوابهم وأطفالهم إلى البحر. يشرح غودار الصورة الأولى بأنها تمثل اليهود عندما وصلوا إلى سواحل فلسطين، صورتهم تمثل شعبا يصنع لنفسه قصة تُروى، أما الصورة الأخرى فتمثل الفلسطينيين وهم يهربون إلى البحر من العنف والمذابح ليموتوا على شواطئه وفي مياهه. الصورة الأولى تمثل قصة، بينما الثانية وثيقة على معاناة شعب.

في المؤتمر، يلتقي غودار مع راموس غارسيا، وهو مترجم فرنسي يهودي الأصل، عاش في فلسطين ودخل الجيش الإسرائيلي، لكنه كره كل شيء وعاد ليعيش حياته فرنسيّاً. وفي الوقت ذاته، يتطلَّع غارسيا إلى رؤية ابنة أخته "أولغا برودسكي" التي عهدت بها إليه ليرعاها، وهي يهودية من أصل روسي تجيد الفرنسية.

والشخصية المحورية التالية هي الصحافية الإسرائيلية الشابة جوديث ليرنر. تزور ليرنر سراييفو لتلتقي بالسفير الفرنسي لإجراء مقابلة غير رسمية تتحدث فيها حول العلاقات اليهودية الفلسطينية، لكن الجانب الحقيقي من اللقاء هو رغبة الصحافية في لقاء الرجل الفرنسي الذي استقبل جدّيها اليهوديين أيام زواجهما، حيث أخفاهما في غرفته بعيدا عن أعين النازيين أيام حكم فيشي. وفي تلك الغرفة وُلِدَتْ أمها.

تستغل الصحافية وجود محمود درويش لتلتقي معه وتستطلع انطباعاته عن الصراع. فيقول درويش إن الفلسطينيين أصبحوا مشهورين في العالم؛ ليس لأنهم فلسطينيون، ولكن لأن عدوتهم هي إسرائيل، وهي كيان يهتم العالم بشؤونه.

يربط المخرج بين القضية الفلسطينية والبوسنية، عبر ذكر جسر موستار الشهير، وهو من أعظم الجسور التي خلفتها الدولة العثمانية في منطقة البلقان، ويذكر واقعة هدمه في الحرب العنصرية، وكيف أُعيد بناؤه لاحقاً. ورغم كل الجهود لإعادته على شكله القديم؛ إلا أنه عاد من دون الروح التي ضاعت في الحرب. تذهب الصحافية اليهودية لتزوره، وينقل المخرج مشاهد من مدارس بالبوسنة تشرح فيها المعلمة جذور الجسر ومن بناه من العثمانيين، وكيف اكتسب اسمه. ويركز على الأطفال وبراءة الوجوه، بعد أن نقل في الجزء الأول معاناة الأطفال في الحروب والمذابح.

أولغا الفتاة الروسية اليهودية، تحضر محاضرة غودار حول العلاقة بين الصورة والنص، ثم يلتقي غودار مع عمها راموس غارسيا ويتناقشا حول فلسفة الانتحار في حضور أولغا. بعد نهاية المؤتمر يعود غودار إلى بيته، وبينما هو يسقي زهور حديقته، يتصل به غارسيا ليخبره أن فتاة دخلت إلى دار سينما في إسرائيل وادعت أنها تحمل في حقيبتها قنبلة، وقد سألت الحاضرين إذا كان أيّ منهم على استعداد للموت معها في سبيل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لم يستجب لها أحد وانسحب الحاضرون من المكان وَجلين، وهُرعت الشرطة وأطلقت النار عليها، وعندما فتح خبراء المفرقعات الحقيبة لم يجدوا سوى مجموعة من الكتب!

في الجزء الثالث (الجنة)، وهو جزء قصير؛ تدخل أولغا النعيم الذي تحرسه مشاة البحرية الأميركية، وفي مشهد رمزي يضع حارس المدخل على يدها ختما بالموافقة، وتسجل فتاة صغيرة اسمها في سجل الوافدين من دون رجعة. في النعيم بحيرة وأناسٌ يلهون ويستمتعون بأوقاتهم، وهناك شخص يجلس في أصل شجرة يتقاسم مع أولغا تفاحة يتبادلان قضمها، في ظل التساؤل: هل هذا النعيم الأميركي سيقبل أولغا بعد معارضتها لسياسة إسرائيل العنصرية؟!


المساهمون