وتناقش الدورة البرلمانية الجديدة في المغرب مشاريع قوانين هامة عدة، استأثرت باهتمام المغاربة، كما عرفت الكثير من الجدل والسجال، على رأسها مشروع قانون التجنيد الإجباري لفئة الشباب بين 19 و25 عاماً، وأيضاً القانون الإطار للتربية والتكوين، الذي يمهد لإلغاء "مجانية التعليم".
وتشهد الدورة البرلمانية الجديدة أيضاً مناقشة مشروع قانون المالية للعام 2019، والذي يحدد التوجهات الكبرى والفاصلة لميزانية الدولة، وهو المشروع الذي عادة ما يجلب سجالات حادة بين المعارضة والأغلبية الحكومية، قبل أن يتم اللجوء إلى التصويت على المشروع من طرف نواب مجلسي النواب والمستشارين.
وتأتي الدورة الخريفية في الموسم التشريعي الجديد في المملكة في سياق سياسي وحزبي استثنائي هذا العام، بالنظر إلى العديد من التوترات داخل جسد الأغلبية الحكومية، آخرها الاتهامات المتبادلة بين حزبي "الأحرار" و"العدالة والتنمية"، قبل أن تنتهي إلى "مصالحة" ضمنية يصفها مراقبون بـ"الهشة"، بالنظر إلى تكرر "حوادث السير" السياسية بين هذين الحزبين طيلة ولاية الحكومة السابقة والحالية.
ومن المرتقب أن يلقي الملك محمد السادس عصر اليوم خطاباً اعتاد على إلقائه في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، حيث يترقب الكثيرون أن يحمل انتقادات جديدة موجهة للنخبة السياسية، إذ تحولت الخطب الملكية إلى "خارطة طريق" تتسم بالنقد الحاد للأحزاب والطبقة السياسية.
ويوضح الدكتور إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية في جامعة مراكش، لـ"العربي الجديد"، أن هذه الدورة التشريعية تأتي على إيقاع تنامي المعضلات الاجتماعية، في ظل اندلاع العديد من الاحتجاجات في مناطق مغربية مختلفة، والمطالبة بتحسين الأحوال الاجتماعية وإحداث وتطوير البنيات التحتية، وتوفير فرص الشغل للعاطلين، خاصة حاملي الشهادات الجامعية منهم.
ويرى لكريني أن التعاطي الحكومي "لم يكن بالنجاعة والإستراتيجية المطلوبة، رغم الشعارات والجهود التي أطلقت في هذا الصدد"، مشيراً إلى وجود إشكالات تبرز هشاشة الانسجام الحكومي، وانخراط عددٍ من القوى الحزبية في سجالات وخطابات ضيقة، سواء في جانب الحكومة أو المعارضة.
ويلفت المحلل السياسي المغربي إلى "تركيز كل الخطب الملكية مؤخراً بشكل دقيق على هذين الأمرين الأساسيين"، متابعاً أن افتتاح هذه الدورة "سيشكل مناسبة جديدة، يذكر من خلالها العاهل المغربي مختلف الفاعلين، بضرورة التسريع في التعاطي البناء والناجع مع مختلف الإشكالات الاجتماعية، خاصة قضية التعليم".
وسبق للملك المغربي في خطاب سابق له، بحسب لكريني، أن اعتبر قضية التعليم، أحد المداخل والرهانات الكبرى الكفيلة بتجاوز عدد من المشكلات داخل المجتمع، وإرساء تنمية إنسانية مستدامة، وبلورة مداخل أكثر نجاعة في التعاطي مع هذه المشكلات، وتجاوز السجالات السياسية الضيقة.
وعلى الصعيد الخارجي، يرى الخبير، أن "قضية الوحدة الترابية ستكون حاضرةً ضمن هذا الافتتاح، عبر الدعوة إلى اليقظة وانخراط مختلف الفاعلين، خاصة البرلمان بغرفتيه، في مواكبة مستجدات هذه القضية العادلة، إضافة إلى قضية الهجرة السرية التي عادت خلال الفترة الأخيرة إلى الواجهة بما تنطوي عليه من خلفيات اجتماعية أيضاً".