بعد انتهاء معارك جنوب دمشق... مقاتلو مليشيا "الدفاع الوطني" قلقون على مصيرهم

27 مايو 2018
لا يفضل عناصر "الدفاع" القتال ضمن الجيش(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن مقاتلي مليشيا "قوات الدفاع الوطني" يستشعرون خطراً يهدد تشكيلهم، بعد مضي نحو سبع سنوات على ولادتها. وكان يطلق على هذه المليشيا، في بدايات الثورة السورية في مارس/آذار 2011، "اللجان الشعبية"، فيما كان لإيران دور كبير في تمويلها وتسليحها وتدريبها وتنظيمها، في معسكرات خاصة في سورية وإيران. وبدأ قلق تلك المليشيا يظهر بشكل جلي بعد انتهاء معارك جبهة جنوب دمشق قبل أيام، وقبلها الغوطة وريف حمص الشمالي، في ظل تعميم النظام لأسماء الكثير من عناصرها، على خلفية تخلفهم عن الالتحاق بالخدمة العسكرية ضمن صفوف قوات النظام. ومما زاد بشكل كبير من مخاوف عناصر "الدفاع الوطني"، هو صدور قرار وزارة الدفاع في دمشق، القاضي ببدء تسريح المُجندين الذين يتبعون للدورة 102، إعتباراً من يونيو/حزيران المقبل، بعد أن قضوا ثمانية سنواتٍ في الخدمة العسكرية بقوات النظام.

أبو عدي (35 سنة)، مقاتل في مليشيا "الدفاع الوطني" على جبهة التضامن جنوب دمشق، قلق جراء ما قد تحمله الأيام المقبلة له. فبعد أن سيطر النظام على كامل جنوب دمشق، بدأ أبو عدي يشعر أنه أصبح تحت خطر إلحاقه بقوات النظام على إحدى جبهات القتال المتبقية، إن كان في البادية أو ريف حلب أو درعا، بعيداً عن منزله وعائلته. وقال، لـ"العربي الجديد"، "في 2013 تطوعت في الدفاع الوطني التي كانت تدعى اللجان الشعبية، بعد أن خسرت عملي في أحد مطاعم الغوطة. حاولت أن أمارس عدة أعمال، لكن الوضع في دمشق كان يتجه من سيئ إلى أسوأ، فيما كان خطر تقدم المسلحين إلى منطقة سكني يتزايد يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى أنني كنت بحاجة إلى عمل. على كل حال تطوعت، وبعد عدة شهر أصبحوا لا يسلموننا رواتبنا في مواعيدها، وسمحوا لنا أن نأخذ كل ما نجده بدلاً من رواتبنا. ويوماً بعد آخر، وبسبب المبالغ المالية الكبيرة التي كنا نحصل عليها جراء بيع ما نجلبه من المناطق التي نسيطر عليها، وهي طبعاً أضعاف الراتب الذي كنا نتقاضاه، لم نعد نسأل إن استلمنا الراتب أم لا". وأضاف "منذ العام 2014 طلبت للخدمة الاحتياطية في القوات النظامية، لكني لم ألتحق ولم أفكر أن ألتحق. وفي عام 2016 عمم اسمي على الحواجز، فلم أعد أستطيع أن أغادر منطقتي، فأصبحت أتنقل من منزلي إلى نقطة حراستي التي لا تبعد عنه أكثر من 800 متر. وفي العام 2017، لم أعد أستطيع التجول حتى في منطقتي، جراء دخول دوريات الأمن العسكري التي تعتقل المطلوبين للخدمة، حتى لو كانوا عناصر في الدفاع الوطني، وكان خط النار ملجأ لنا منهم. لكن اليوم لا أعلم ما سيكون مصيرنا".

من جانبه، قال أبو غدير (26 سنة)، وهو متطوع في "الدفاع الوطني"، لـ"العربي الجديد"، "بعد الانتهاء من مخيم اليرموك، أعتقد أن الدفاع الوطني لن يبقى له وجود في جنوب دمشق. حتى أن قيادة الدفاع الوطني لم تعد تحمينا فأي جهة تعتقلنا، ويتم تحويلنا إلى الجيش على الجبهات، وكأننا لم نقاتل طوال 5 سنوات، وكأن الدفاع الوطني هو الوحيد الذي عفش". وأضاف "لا أستبعد أن نطلب إلى التحقيق أو أن نجر للقتال على جبهات بعيدة عن مناطقنا. لذلك بعد أيام سألتحق بحملة النمر (قوات يقودها العميد سهيل الحسن المدعوم من الروس)، فعناصر الحملة لا أحد يجرؤ على توقيفهم أو التعاطي معهم". ويحاول فراس (22 سنة)، المتطوع في المليشيا، بيع ما يحصل عليه هذه الأيام من تعفيش مخيم اليرموك بأسرع وقت ممكن، وجمع أكبر مبلغ ممكن، في الوقت الذي يبحث به عن سبيل للخروج إلى لبنان، فهو لا يريد أن يقاتل من جديد مع قوات النظام.



بدورها، قالت مصادر مطلعة في دمشق، طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هناك الكثير من الأحاديث تدور أخيراً عن حل الدفاع الوطني وإلحاق عناصره بالجيش، خصوصاً أن نسبة كبيرة من مقاتليه من المطلوبين للخدمة العسكرية، وذلك بالغالب مطلب روسي". وأضافت أنه "تم تشكيل الدفاع الوطني وغيرها من المليشيات من عناصر مدنية، وتدعمها إيران بشكل أساسي، وقد تم تشكيلها مبكراً في سورية في ظل تدخل إيران المبكر في الأزمة السورية، والتي جاءت بعد أشهر قليلة من انطلاق التظاهرات، مستغلة فقدان قوات النظام لجزء كبير من عناصرها، إما جراء الانشقاق أو الموت وعزوف جزء كبير من الشباب عن الالتحاق بصفوفها، فأرادوا أن يشكلوا شيئا شبيها بالحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي حالياً، بالاعتماد على ما كان يسمى باللجان الشعبية حينها، والتي كانت شكلت عبر الأجهزة الأمنية للتصدي للمتظاهرين". وتابعت المصادر "منذ تدخل الروس في الأزمة السورية في العام 2016، كان لديهم توجه بدعم القوات النظامية بشكل أساسي ودمج المليشيات ضمنها، وبدأ التضييق على حركة هذه المليشيات والحد من صلاحياتها وتجميدها، فتم تعميم أسماء مقاتلي الدفاع الوطني المطلوبين للخدمة العسكرية والاحتياطية. أعتقد أن الأمر ليس صدفة، إذ أصبح المقاتل منهم يعتقل على أي حاجز من دون أي اعتبار أنه مقاتل كما كان يحدث قبل ذلك. وأيضاً بدأت الاعتقالات تطاول قيادات وعناصر متورطين بقضايا نهب وقتل وتجارة ممنوعات، وإن كان بعضهم يخرج بعد فترة، وأغلب الظن أن الفساد ساعدهم على إغلاق ملفاتهم، فلم تعد قوات الدفاع الوطني تؤمن المظلة الحامية لعناصرها، المتعارف أنهم من أسوأ الأفراد سلوكاً وسمعة، وأصحاب الأسبقيات الإجرامية والمتعاطين للممنوعات".

وبينت المصادر أن "الكثير من مقاتلي الدفاع الوطني وغيرها من المجموعات المسلحة، لا يفضلون القتال ضمن صفوف الجيش، بل هناك كثير من مقاتلي الجيش تركوه والتحقوا بالجماعات المسلحة، مثل صقور الصحراء وحملة النمر وغيرها، إما لوجود ضابط استطاع أن يبني ثقة بينه وبين من يقاتل معه، أو مع المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، أيضاً للثقة والرواتب الجيدة، بالإضافة إلى أن جدول الدوام مريح، إذ يكون غالباً 20 يوماً في الخدمة و10 أيام استراحة وليس خدمة لأشهر، وفي النهاية لا ينال العسكري في الغالب الإجازة إلا مقابل شيء ما". ولفتت إلى أن "عناصر الدفاع الوطني وغيرهم من مقاتلي المجموعات المسلحة، لديهم دائماً مخاوف من أن تفتح ملفاتهم، خصوصاً أنه تم اعتقال الكثير منهم خلال الفترة الماضية. منهم من خرج من الاعتقال، بعد دفع مبالغ كبيرة كما يقال، ومنهم لا يعرف ما سيكون مصيره، ليتحولوا إلى كبش فداء، لذلك سيبحث كل منهم عن فصيل جديد قادر على حمايته، إن كان النمر أو الفصائل الإيرانية أو حتى التشكيلات التي يدعمها الروس، مثل الفيلق الخامس اقتحام".