تعكف وزارة التربية الجزائرية على تأطير المدارس القرآنية المتواجدة في المساجد، ووضع برامج تربوية لتلك المدارس بالتنسيق مع مديريات الشؤون الدينية التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف.
وباشرت وزارة التربية في إعداد دفتر شروط جديد يهدف إلى "إدراج المدارس القرآنية ضمن المنظومة التربوية، لجعل الدروس التي تقدمها للتلاميذ خطوة ذات جدوى تربوية قبيل دخول الأطفال إلى المدارس الابتدائية"، مشيرة في بيان لها، إلى التنسيق مع وزارة الشؤون الدينية لوضع مخطط تستفيد منه المدارس القرآنية ويدخلها "ضمن المنظومة التربوية وجعلها مدارس تحضيرية وتعد الأطفال للدخول إلى النظام التعليمي".
وأكدت الوزارة أن البرنامج ليس إجباريا، لكنه يهدف إلى تحسين مستوى التعليم في الجزائر، وخصوصا أنه يمكّن الأطفال من تعلم اللغة العربية، ويحضّرهم للسنة الأولى الابتدائية، بحسب أحد المشرفين على البرامج التربوية، الأستاذ نورالدين جباري.
وأضاف جباري لـ"العربي الجديد"، أنه من الضروري تأطير هذه المدارس وتنظيمها، وخصوصا أنها فضاء لتلقين الأطفال بعض الدروس، وتحتاج إلى طرق تربوية للتعليم، خصوصا مع أطفال صغار أغلبهم لا يتجاوز الخامسة من عمره.
وأكد جباري أن الهدف من إعداد برامج تربوية للمدارس القرآنية هو "تهيئة الطفل الصغير لمراحل التعليم الأولى في المدارس لاحقا".
وتتخوف بعض الجهات، بحسب المتحدث، من محاولة الزج بالمدارس القرآنية في سياق ديني خطير وتحويلها عن نهجها المطلوب، ما يدفع إلى إخضاعها لرقابة من وزارة الشؤون الدينية الجزائرية، وضمان عدم اختراقها من أي تيار فكري، ومنع استغلال الأطفال في ذلك الاتجاه.
ويشهد التاريخ الجزائري أن المدارس القرآنية كانت تحافظ على المرجعية الإسلامية للجزائريين في الفترة الاستعمارية الفرنسية، وتحمي اللغة العربية في مواجهة الحملة الفرنسية للقضاء على العربية والإسلام. وساهمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في نشر هذه المدارس للحفاظ على الهوية الجزائرية.
وصارت المدارس القرآنية اليوم موجودة في المساجد الموزعة عبر الولايات، بإشراف وزارة الشؤون الدينية. ويعلّم القائمون عليها الأطفال الصغار القرآن والحروف العربية، كما نجحت في استقطاب تلك الفئة وتمكينها من الحصول على الأساس اللغوي الأول من الحروف والأرقام والمحفوظات الدينية.
من تلك المدارس، المدرسة القرآنية التابعة لمسجد الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بالعاصمة الجزائرية، التي تستقطب أزيد من 20 تلميذا تعلموا سورا وآيات قرآنية على يد إمام المسجد.
فالطفل أيمن مخلوفي (5 سنوات)، تعلم مخارج الحروف واللغة العربية قبيل دخوله إلى المدرسة النظامية، وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "تعلم السور القصيرة وبعض الأحاديث النبوية والأدعية".
كما يفاخر أيمن بأنه تفوق على بعض أصدقائه من أبناء حيه، وخصوصا أنه يحضّر نفسه لمسابقة حفظ القرآن الكريم بين زملائه في المدرسة القرآنية.
أيمن ليس الطفل الوحيد من الأطفال الذين تتوق الأسر الجزائرية لانضمام أبنائها لمثل تلك المدارس، لما فيها من فوائد، بحسبها، ولفتت "العربي الجديد"، إلى أن "هذه الفضاءات تربي أبناءها وتعلمهم في الوقت نفسه، خصوصا حفظ بعض السور القرآنية، وارتباطهم بالدين الإسلامي".