دفاع جوي حوثي يهدد التحالف: تدشين العام الرابع للحرب

23 مارس 2018
يحضر الحوثيون لفعالية في الذكرى الثالثة للحرب(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بالتزامن مع الاستعدادات لإحياء الذكرى الثالثة لانطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي، بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار عام 2015، يبدو أن التصعيد سيبقى سيد الموقف، مع اعتراف التحالف بأول صاروخ دفاع جوي يطلقه عناصر جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، استهدف طائرة سعودية في محافظة صعدة شمالي البلاد، في ظل تصعيد وتيرة الضربات الجوية، التي لم يسلم منها مدنيون، على الضد من مؤشرات استئناف جهود السلام، مع بدء المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، مارتن غريفيث، عمله في البلاد.

وأعلنت مصادر تابعة للحوثيين، أمس الخميس، مقتل 10 وإصابة خمسة آخرين، أغلبهم من النساء والأطفال، من جراء غارتين للتحالف استهدفتا منزلاً في مديرية غمر الحدودية بمحافظة صعدة، بالتزامن مع تنفيذ التحالف غارات مكثفة في أكثر من محافظة بالبلاد، بما فيها العاصمة صنعاء. وفي المقابل، قالت الجماعة إنها استهدفت مقرّاً لشركة "أرامكو" السعودية قرب الحدود بصاروخ بالستي، واقتحمت موقعاً للجيش السعودي في نجران. وأعلنت شركة "أرامكو"، في بيان، أن كل محطاتها ومنشآتها تعمل بشكل طبيعي.

وجاء التطور بعد أن أعلن المتحدث باسم الجيش الموالي للحوثيين، العميد شرف لقمان، تدشين العام الرابع من الحرب باستهداف طائرة حربية تابعة للتحالف، من نوع "أف 15"، بصاروخ أرض – جو. يشار إلى أنها المرة الأولى التي تتمكن فيها الجماعة من تهديد الطائرات السعودية التي تقصف المواقع المفترضة للحوثيين، منذ ثلاث سنوات. وقال لقمان إن الصاروخ رسالة لمن وصفه بـ"العدو، بما سيكون عليه الحال في العام الرابع من العدوان"، فيما اعترف المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، بتعرض مقاتلة تابعة للتحالف لإطلاق صاروخ دفاع جوي، من مطار مدينة صعدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وتعد المعقل الأول للحوثيين.

وفيما بثّ الحوثيون صوراً توثّق لحظة إطلاق الصاروخ باتجاه طائرة وانفجاره بالقرب منها، أكد التحالف أن ما تعرضت له الطائرة عبارة عن صاروخ لم يكن موجوداً ضمن القدرات العسكرية للدفاع الجوي اليمني، التي جرى تدميرها من قبل التحالف، في اليوم الأول لعملياته. وأكدت مصادر عسكرية قريبة من الحوثيين، لـ"العربي الجديد"، أن جهود تفعيل أي نوع من الدفاعات الجوية، بما فيها المنظومات المعطلة، التي كانت بحوزة الجيش اليمني قبل سيطرة الجماعة على صنعاء، لم تتوقف منذ الأشهر الأولى لعمليات التحالف، إلا أنها باءت بالفشل في أحيان كثيرة، نظراً إلى ما يتطلبه تهديد طائرات حديثة من تقنيات متقدمة. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الحوثيون رسمياً عن تفعيل منظومة دفاع جوي، بالتزامن مع تحطم طائرة عسكرية تابعة للتحالف في صعدة، قالت الجماعة إنها استهدفت بصاروخ أرض - جو، إلا أن التحالف أرجع تحطمها إلى خلل فني. وهذه المرة الأولى التي تتطابق فيها رواية التحالف مع الحوثيين، بامتلاكهم صواريخ قادرة على استهداف الطائرات، إلا أن المتحدث باسم التحالف اعتبر أن الاستهداف "يثبت استمرار تهريب النظام الإيراني" قدرات نوعية إلى الحوثيين، في "تحدٍ واضح وصريح للقرارات الأممية، بما فيها القرار 2216"، حسب تعبيره.


وعلى الرغم من تنفيذ التحالف عشرات الآلاف من الضربات الجوية، التي دمرت العديد من المنشآت والأهداف المفترضة للحوثيين وقتلت الآلاف، بمن فيهم من المدنيين، فإن تمكن الجماعة من وضع يدها على قدرات تهدد الطائرات يمثل تطوراً عسكرياً نوعياً في الحرب اليمنية، وهو ما يؤكده بيان التحالف، الذي اعتبر أن هذا الأمر "يعدّ تطوراً خطيراً وتهديداً مباشراً للملاحة الجوية والرحلات الإغاثية والإنسانية". وعقب يوم من استهداف الطائرة بصاروخ في صعدة، أعلن الحوثيون إطلاق صاروخ باليستي قصير المدى استهدف مقراً لشركة "أرامكو" السعودية في منطقة نجران الحدودية مع اليمن. وهي ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون استهداف مواقع تابعة للشركة في المدن الحدودية، إلا أن التوقيت، بالتزامن مع الإعلان عن صواريخ دفاع جوي، وبالتزامن مع إكمال الحرب في اليمن ثلاث سنوات على بدء عمليات التحالف بقيادة السعودية، يمثل رسالة مهمة، تفيد بفشل التحالف في ضرب القدرات العسكرية للحوثيين من جهة وبأن الجماعة لا تزال قادرة على تقديم مفاجآت من جهة أخرى.

وجاء التطور في ظل الجهود الرامية إلى استئناف مشاورات السلام، التي ارتفعت وتيرتها الفترة الماضية، مع بدء مارتن غريفيث مهامه بلقاءات في السعودية، وزيارة وفد دبلوماسي أوروبي صنعاء، للمرة الأولى منذ انطلاق الحرب. ومن غير الواضح طبيعة التأثير الذي سيتركه التصعيد على مسار هذه الجهود، قبل انتظار تطورات الفترة المقبلة. يذكر أن الحوثيين شرعوا منذ أيام بتحضيرات مكثفة، لإقامة فعالية جماهيرية كبيرة في صنعاء في 26 مارس/ آذار الحالي، لمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق "عاصفة الحزم". وبدأت الجماعة بعقد اجتماعات على مستوى مناطق العاصمة والمحافظات المختلفة، في محاولة لحشد أكبر عدد ممكن للمشاركة في المهرجان، لإيصال رسائل بقدرة الجماعة على الحشد الجماهيري، كما كان يفعل حليفها سابقاً الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، وبوجود رفض لاستمرار عمليات التحالف.