دبلوماسيون غربيون: الجيش اللبنانيّ شريك في حرب التحالف

11 أكتوبر 2014
الدبلوماسيون مطلعون على تفاصيل وضع الجيش اللبناني (حسين بيضون)
+ الخط -
لا يزال لبنان يحظى بدعم غربي يضمن له الحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني. تكثر جولات السفراء الغربيين إلى رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء المعنيين بالملفات الأمنيّة لتأكيد هذا الدعم. يشعر المتابع لحركة هؤلاء الدبلوماسيين بأنهم يهتمون للواقع السياسي اللبناني أكثر من بعض الساسة اللبنانيين.

يُمكن الجزم بأنّ هؤلاء الدبلوماسيين، والملحقين العسكريين في سفاراتهم، يعرفون تفاصيل عن القدرة العسكرية والأمنية للأجهزة اللبنانيّة أكثر مما يملك الكثير من الساسة اللبنانيين من معلومات. فمن يُتابع السفير البريطاني طوم فليتشر يُدرك أن الرجل يعرف تماماً حاجات لواء المشاة الثالث في الجيش اللبناني. فمنذ أيام قليلة، قال فليتشر من مقر رئاسة الحكومة أن بلاده قررت تجهيز هذا اللواء وتدريبه. ومن يُتابع تصريح فليتشر يُدرك أنّ التصريح كان بمثابة خطة إنقاذيه للبنان لم تُناقشها الحكومة اللبنانيّة، فبعد أنّ أعلن تجهيز وتدريب اللواء الثالث، أضاف: "نحن نتفهم أنه لا يُمكن الفوز بالحرب ضد التطرف بالقوة فقط، لذلك سنقوم بخلق فرص عمل ومساعدة للبلديات على تأمين أفضل الخدمات. وسنستمر بتقديم الدعم الإنساني الأكبر لمساعدة اللاجئين من سورية على العيش بكرامة...".

من جهتهم، يعلم الاميركيون جيداً ما هي قدرات وحاجات سلاح الجو اللبناني في المواجهة مع المجموعات المسلّحة عند الحدود مع سورية. لذلك، تراهم يُرسلون ثالث طائرة "سيسنا" ويُجهزون أول طائرة أرسلوها، كما يُحضرون لتقديم عدد من المروحيات الهجومية، إضافة إلى كميات أكبر من الأسلحة المضادة للدروع والصواريخ والبنادق.

أمّا الفرنسيون فإنهم يُجهزون لصفقة سلاح بقيمة ثلاثة مليارات دولار قدّمتها السعودية، ويُفترض أن تضم هذه الصفقة أسلحة يحصل عليها الجيش اللبناني للمرّة الأولى.

يتقاطع موقف عند الدبلوماسيين الغربيين من تسليح الجيش. برأيهم أثبت الجيش أنه يخوض المعارك بجدارة رغم ضعف التسليح. لكن الأهم في كلام الدبلوماسيين هو اعتبارهم أن لبنان جزء من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش)، "لكننا نفهم تعقيدات الوضع الداخلي اللبناني لذلك لا نطلب من الحكومة إعلان المشاركة الرسميّة في هذا التحالف". وفي تفسير الدبلوماسيين لهذه الخطوة، فإنّ الجيش يُقاتل برياً "الخصم عينه الذي نقصفه من الجو" على حدّ قول أحد الدبلوماسيين. ينقل أحد الدبلوماسيين أن سفير بلاده أبلغ المسؤولين اللبنانيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بأن حدودهم ستكون في خطر أكبر مع بدء الضربات الجوية في سورية.

يعتقد دبلوماسيون غربيون أن هذه المساعدات العسكرية، وتلك المختصة باللاجئين السوريين والمجتمعات المحليّة اللبنانيّة، ساهمت بالحفاظ على حدود مقبولة من التوافق السياسي الداخلي. يقول أحد دبلوماسيي دولة غربية عظمى في بيروت: "صحيح أنّ المساعدات لا تُعطي النتائج المرجوة منها بسبب الخلافات السياسيّة الداخليّة، لكن توقفها سيعني حكماً انهياراً على المستوى الداخلي، ونحن لا نُريد ذلك". ولدى سؤاله عن سرّ الحرص على الاستقرار اللبناني، يُجيب: "لبنان حليف أساسي للغرب في المنطقة، ولا نُريد للانهيار الحاصل في عدة دول في المنطقة أنّ ينتقل بشكلٍ كبير إلى لبنان".

يستخدم الدبلوماسيّون الغربيّون أدق العبارات لدى سؤالهم عن موقفهم من الفراغ في الرئاسة الأولى، واحتمال تمديد ولاية مجلس النواب للمرّة الثانية: "هذا شأن داخلي لبناني، لكننا نأسف لذلك، ونحن مستعدون لتقديم أيّ مساعدة يطلبها لبنان لدفع العمليّة السياسيّة فيه". تتكرر العبارة عينها من دبلوماسيين مختلفين. أما في حقيقة الأمر، لم يعد انتخاب رئيس يُشكّل أمراً ملحاً لغالبية الغربيين، ما عدا الفرنسيين الذين يُصرون على انتخاب رئيس ويعتقدون أنه يجب أن يكون أولويّة لبنانيّة.

يُعد ملف اللاجئين من سورية واحداً من أهم الأسباب التي رفعت الاهتمام الغربي باستقرار لبنان، لأن أيّ نكسة أمنيّة ستشكّل كارثة على صعيد اللاجئين. لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين، ورغم تأكيدهم أنّ بلادهم على استعداد لتقديم الدعم للبنان في هذا المجال، فإنّهم يقولون إنّ عدم قدرة الحكومة على بلورة خطّة وطنيّة لإدارة هذا الملف يُشكل مشكلة كبيرة، وقد تؤدي مع الوقت إلى تراجع المساعدات.

ويدخل دبلوماسيّون آخرون في تفاصيل ملف اللاجئين. يتحدثون عن أهمية إقامة المخيمات، ويعتقدون أنّ الأمم المتحدة ستكون قادرة على إدارة هذه المخيمات وتقديم مستوى أعلى من الخدمات للاجئين بكلفة أقلّ مقارنة مع الواقع الحالي وانتشار اللاجئين على 1400 مخيم صغير وغير رسمي. ويبدو هؤلاء الدبلوماسيون أكثر حذراً فيما يختص بمكان هذه المخيمات، وهل ستكون في المنطقة الفاصلة بين لبنان وسورية أم داخل الحدود اللبنانيّة "لأنه من الضروري أنّ يتم تأمين الحماية الجسدية للاجئين".

اللافت أنّ حزب الله يغيب عن نقاشات الدبلوماسيين. لم يعد الحزب يُشكل هاجساً لهؤلاء كما كان في السابق، عندما كان يحضر في معظم الجلسات. لا بل إن أحد الدبلوماسيين الغربيين يشير إلى المواجهة بين مقاتلي حزب الله ومقاتلي جبهة النصرة في جرد بريتال (شرقي لبنان) وكأنه اشتباك بين الجيش اللبناني ومقاتلي "النصرة".