جاء ذلك في مقالٍ طويلٍ نشره داوود أوغلو عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، دون أن يطل عبر أي وسيلة أخرى، حيث رأى أن تركيا تمر بمرحلة حساسة حالياً، وأنه قدم نصائحه خطيةً ومكتوبةً للرئيس رجب طيب أردوغان، ولكن نصائحه هذه كانت تتسبب بنقاشات من قبل بعض الأطراف، ولهذا عبّر عن أفكاره مباشرة عبر مقاله.
ولفت رئيس الوزراء التركي السابق إلى أن الانتخابات التي جرت في 31 آذار/مارس الماضي، كانت تحمل رسائل كثيرة على "العدالة والتنمية" التنبه لها، وعمل ما هو مطلوب، ومواجهة انخفاض شعبية الحزب في نظر المجتمع، حيث تكلل ذلك بفقدان أنقرة وإسطنبول، فالحزب ليس نتيجة ظروف سياسية معينة، بل هو حزب قابل للانتقال من جيل لآخر، ولهذا لا يجب أن يرتبط بأشخاص هم راحلون مستقبلاً، ويجب نقل جهود من سبقوا للأمام، فلا يجب أن يكون الحزب أسيراً لما وصفه بـ"الأنانيات المتعالية والصراعات العقيمة".
وكتب داوود أوغلو أن "العدالة والتنمية" بُني على خمسة مبادئ، ولكنه ابتعد عنها في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى ضعفه، والتشتت الناجم عن الانتخابات الأخيرة يظهر بوضوح حالة الضعف، فالمقولات السياسية والمبادئ جرى الحياد عنها، والاعتماد على لغة التعالي، والتركيز على الإلغاء، فضلاً عن التصرف بشكل مخالف للمقولات الرنانة، مشدداً على أن السياسات كانت مخالفة للمبادئ، والتكليف بالمناصب للعائلة والمقربين بهدف الحفاظ على النفوذ، وفوق كل ذلك هو القضاء على كل الاعتبارات المعنوية للقياديين السابقين، وعدم الوفاء لهم، وهو أمر يدعو للتفكر، قاصداً ما عاناه هو والرئيس السابق عبد الله غل وآخرون.
وأكد أن الخطاب بدلاً من أن يكون معتمداً على حقوق الإنسان والحريات والإصلاح والاحتواء، بدأ بالحديث عن الدولة والأمن والواقع الحالي ومسألة بقاء الدولة، مبيناً أن تحالف حزب "العدالة والتنمية" ضمن الاتفاق الجمهوري، جعل الحزب ينحسر إلى مناطق داخل الأناضول والبحر الأسود، وانقطاعه عن المناطق الساحلية الغربية، كما أنه يتغير داخل الاتفاق في ما يخص مناطق الأناضول ضد "العدالة والتنمية"، وهو بسبب انحسار الأقوال والأفعال لهذه المناطق، كما أنه من المهم الحديث عن خطر تمركز القرار في الحزب بنقطة واحدة، تتحكم بقرارات الحزب وتصادر الصلاحيات الأخرى، الأمر الذي أدى لعدم وفاء الرفاق، وبالتالي حصول خيبات الأمل.
داود أوغلو انتقد أيضاً استغلال الصلاحيات الممنوحة من الشعب من أجل إزاحة المسؤولين بحجة مقولة أن الإرادة الوطنية فوق الجميع، والحد من صلاحياتهم، قاصداً رؤساء بلديات أنقرة وإسطنبول وبورصا، الذين ضغط أردوغان لعزلهم قبل سنوات، فتلقى الحزب بذلك ضربة قوية، مشدداً على أن العقل المشترك أحد أهم مبادئ الحزب لا يعمل في الفترة الأخيرة، حيث أن العقل المشترك ساهم سابقاً في تجاوز كثير من الأزمات، وتمّ إلغاء التشاور ليحل مكانه الرأي الواحد، ولهذا على الحزب أن يعود إلى الاستشارات التي تأتيه من منسوبيه.
كما لفت إلى أن الحزب بات أسيراً للمصالح الشخصية الضيقة، ولا يمكن ترك ذلك للمستقبل، ولهذا وقبل نفاذ الوقت، يجب تقوية بنية الحزب عبر الاستشارة والعقل المشترك، معيداً التأكيد على أن سياسة التحالف أضرت بهوية الحزب وبفقدانه لأصواته، وعلى الحزب مراجعة سياسة التحالفات والمحافظة على سياسته الخاصة وهويته، وخلاصة الأمر أن الحزب بحاجة للتجديد من كافة الاتجاهات، وحالياً هناك أربع سنوات لا توجد فيها انتخابات، وبالتالي فإن الحزب بحاجة إلى تغييرات جذرية، ما يؤدي لاستعادة مكانته، والأهم هو عدم فقدان المعنويات النابع من نتائج الانتخابات الأخيرة، خاصة أن النظام الرئاسي وما حمل من نظام التحالفات أسفر عن الاستقطاب وارتفاع حدة الخطاب فيه.
ولخص سلبيات التحالف بموضوع بقاء الدولة، وجعل الخصوم من الأحزاب أعداء، كما أن محاسبة جماعة الخدمة وزعيمها فتح الله غولن، طرح استفسارات كثيرة عن طريقة المحاسبة التي طاولت موظفين وأناساً آخرين.
ولفت داود أوغلو إلى أنه وجّه لأردوغان ملاحظاته على التعديلات الدستورية الأخيرة، وأن مخاوفه كانت محقة، فالنظام الرئاسي الجديد بحسب داود أوغلو، لا يلبي طموحات الشعب في بنيته، وتطبيقه، ويجب مراجعة تغيير النظام في البلاد، وخاصة موضوع دولة القانون وحماية وفصل السلطات، وإعادة النظر في نظام الانتخابات، وقانون الأحزاب، وديمومة الدولة.
واحتل موضوع منصب رئاسة الجمهورية مساحة جيدة بالمقال، حيث اعتبر أنه يمثل الجميع ويجب فصله عن الحزبية، ليكون شاملاً الجميع، وعدم جمع المنصب مع رئاسة الحزب، معتبراً أن البلاد بحاجة لإعادة النظر في الأمور الاقتصادية التي لتنجح يجب أن تكون هناك ثقة وسيطرة للقانون.