داني دي لاتوري: "المجهول" في مناطق ملغومة

03 فبراير 2016
(لقطة من الفيلم)
+ الخط -

تدخل السينما الإسبانية عوالم أفلام الحركة "الأكشن" بقوّة، من خلال فيلم "المجهول" للمخرج داني دي لاتوري. يحكي العمل، الذي يؤدّي بطولته لويس توسار، قصّة كارلوس الموظّف البنكي في مدينة لاكورونيا (شمال غرب إسبانيا) يتلقّى مكالمة هاتفية من شخص مجهول، بينما يكون متوجّهاً بسيارته لأخذ ابنيه إلى المدرسة، يطلب منه مبلغاً كبيراً من المال أو تفجير السيارة بقنبلة وُضعت تحت مقعده.

يتبين في الأخير أن الشخص الذي يهدّد بتفجير السيارة هو أحد ضحايا عمليات احتيال قام بها الموظّف بموافقة من إدارة البنك، وأن ما أقدم عليه الرجل المجهول كان عملاً انتقامياً.

تطغى على الفيلم مشاهد ملاحقات وتفجيرات لم تعرفها كثيراً السينما الإسبانية، التي يبدو أنها بدأت "تتحرّر تدريجياً من خجلها"، كما قال بطل العمل في حديث صحافي. إلى جانب البعد الحركي، لم يترك المخرج جانباً أهمَّ ما يميّز السينما الإسبانية وهو الخلفية الدرامية الثرية؛ إذ يُبرز آثار الأزمة الاقتصادية اجتماعياً وفساد المنظومة البنكية وعمليات الاحتيال التي يتعرّض لها المواطنون.

يقترح "المجهول" على المشاهد السفر إلى منطقة ملغومة، حيث تتشابك البراءة بالنوايا السيئة. لا يمكن التمييز إن كانت الضحية هي موظّف البنك أو المجهول، المعتدي ظاهرياً على الأقل بالنسبة إلى الشرطة، والذي نتبيّن أنه فقد وظيفته وزوجته التي انتحرت، بسبب الاحتيال الذي تعرّض له.

يبدأ الشريط بصعود كارلوس إلى سيارته برفقة ابنيه لأخذهما إلى المدرسة قبل توجّهه إلى العمل، وتلقّيه المكالمة الهاتفية بوجود قنبلة وأن عليه جمع مبلغ كبير من المال. هنا، يتفرّع سير الأحداث، من خلال اتصالات كارلوس وهو يحاول جمع المبلغ، لكنه يفشل لأن إدارة البنك علمت بما يجري، فأقالته من منصبه، وهو لا يزال جالساً على القنبلة، في إشارة من المخرج إلى توحّش منظومة البنوك والنظام الذي يحرّكها عموماً.

وكأن الموقف الذي عاشه كارلوس قد أبان عن بعض الحس الأخلاقي، حين عرض على المجهول أن ينشر تفاصيل عمليات الاحتيال، لكن الأخير رفض. ينتهي الفيلم بمصرع الشخص المجهول ونجاة موظّف البنك بعد تدخّل رجال الأمن. وقد ترك المخرج على ما يبدو هذا الالتباس عمداً حيث إنه يعمّق الوقع الشعوري للفيلم على المتفرّج.

تجري معظم أحداث العمل داخل سيارة البطل، لهذا فهو حاضر في جزء كبير من مجموع التسعين دقيقة هي مدة الفيلم. تحضر في العمل لازمة النقد الاجتماعي التي تطغى على السينما الإسبانية كخلفية فقط، من دون تسليط الضوء عليها مباشرة.

في "المجهول"، هناك إحالات إلى الواقع الإسباني الحالي، والذي يمكن تعميمه على عدّة مجتمعات: واقع الأزمة الاقتصادية الذي يخلق مزيداً من التعقيد في العلاقات الاجتماعية، وامتيازات الطبقة الغنية، وحدّة الوسائل المتّبعة من أجل الحفاظ على هذه الامتيازات.


اقرأ أيضاً: "لا نينا دو فويغو": ندوب الزمن الفاشي

المساهمون