داليدا.. الإيطالية التي غنى معها العرب "حلوة يا بلدي"

17 يناير 2016
قدمت فيلماً من اخراج يوسف شاهين عام 1986 (getty)
+ الخط -



من يمر على أرشيف الغناء العربي، يستوقفه أن أكثر أغنية قدمها نجوم الغناء في حفلاتهم واستطاعوا أن يكسبوا ود الجمهور بها، هي أغنية "حلوة يا بلدي" التي قدمتها الإيطالية يولاندا كريستينا جيجليوتي، المعروفة عربياً باسم "داليدا" في العام 1979 من كلمات وألحان مروان سعادة. وداليدا التي تمر اليوم ذكرى ميلادها الذي صادف العام 1933، ولدت في منطقة شبرا في العاصمة المصرية القاهرة لأبوين من المهاجرين تعود أصولهما إلى جزيرة كالابريا في جنوب إيطاليا.

وأغنية "حلوة يا بلدي" التي قدمتها داليدا بلكنتها الشرقية، لم يبقَ فنان إلا وغناها في حفلاته، كإليسا وأصالة نصري وفضل شاكر وآمال ماهر وغريس ذيب وهبة طوجي وشيرين عبد الوهاب وألين لحود وأحمد فهمي، وكثيرون وجدوا أن الأغنية لها مفعول السحر في استمالة الجمهور لغنائهم.

وداليدا التي أنهت حياتها منتحرة في 3 مايو/ أيار 1987، تاركة وراءها رسالة بأنها سئمت ضغوطات الحياة، بدأت مشوارها الفني بالمشاركة في مسابقة ملكة جمال مصر وفوزها بها سنة 1954، وألهمتها قدرتها على الغناء بتسع لغات، هي: العربية والإيطالية والعبرية والفرنسية واليونانية واليابانية والإنجليزية والإسبانية والألمانية، على أن تستمر في مشوارها الفني الذي تنوع بين الغناء، حيث قدمت أكثر من 500 أغنية، وبين السينما والمسرح.

داليدا التي حفرت اسماً لها في ذاكرة الموسيقى العربية بعفويتها، كانت قد أعادت قبل "حلوة يا بلدي" بعامين، تقديم أغنية "سالمة يا سلامة" التي لحّنها سيد درويش في العام 1919 وقدمتها فرقة نجيب الريحاني من كلمات بديع خيري، حيث أدّتها في صيف العام 1977 باللهجة المصرية، ثم باللغة الفرنسية، وحققت شهرة واسعة في العالم العربي وأوروبا أكثر من الأغنية الأصلية، فقام العديد من المطربين العرب والأوروبيين بغنائها مرة أخرى بتوزيعات مختلفة، وهو ما شجع داليدا، كما قيل حينها، على خطوة تقديم أغنية "حلوة يا بلدي".



الحضور الفني لداليدا عربياً، اقتصر على أغنيتين ومئات الحفلات والمهرجانات التكريمية، لكن المخرج الراحل يوسف شاهين استطاع أن يقدمها سينمائياً، بعد أن راقب نجاحها وانتشارها الكبير في السينما الفرنسية منذ أواخر سبعينيات القرن الفائت، حيث قدم من بطولتها فيلم "اليوم السادس" في صيف العام 1986، قبل عام كامل من انتحارها، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً نسب إلى وجود داليدا فيه. ويروي الفيلم قصة سيدة وصراعها مع مرض ابنها بالكوليرا وذلك أثناء حكم الملك فاروق. ويصف الفيلم بطريقة درامية كيف أن كل من حولها يختفي بفعل هذا الوباء. تحاول إخفاء ابنها عن الناس لمدة ستة أيام والتي يفترض بعدها أن ينجو ابنها من المرض. تحاول إخفاءه حتى لا يبلغ عنه أحد السلطات التي كانت تجمع مرضى الكوليرا في مخيمات لا يعود منها أحد، على حد وصف الفيلم، وشاركها البطولة محسن محيي الدين وشويكار وحمدي أحمد وصلاح السعدني وسناء يونس وعبلة كامل ومحمد منير والفنان العراقي يوسف العاني، ومثل فيه أيضاً يوسف شاهين.

ورغم شهرتها وثروتها إلا أن حياة داليدا الخاصة كانت أشبه بمسرحية مأساوية، إذ شهدت انتحار زوجها الأول الذي انفصلت عنه، فضلا عن انتحار مغن إيطالي شاب دعمته داليدا ليصبح نجماً لكن الفشل طرق بابه بعد مشاركته بـ"مهرجان سان ريمو" سنة 1967، فانتحر بمسدسه في أحد الفنادق. والمؤسف في الأمر أن داليدا كانت أول من رأى جثته ممددة ومغطاة بالدماء عندما ذهبت لتواسيه بعدم نيله التقدير في المهرجان الذي شاركا فيه! وعندما تمكنت من نسيان الماضي، أحبت رجلاً بفترة السبعينات ولكنه هو الآخر توفي منتحرا.

ويبدو أن ذلك هو ما أثر على نفسيتها بشكل كبير، حيث وجدت منتحرة بجرعة زائدة من الأقراص المهدئة، بعد أن تركت رسالة تحمل "سامحوني الحياة لم تعد تحتمل". ودفنت في مقابر المشاهير في العاصمة الفرنسية باريس، وقد تم صنع تمثال لها على القبر بالحجم الطبيعي لها وهو يعتبر أحد أكثر الأعمال المنحوته تميّزاً في المقابر الخاصة بالمشاهير.





اقرأ أيضاً: 5 فنانين أنهوا حياتهم بالانتحار
دلالات
المساهمون