داعش.. لكمة من أوباما أم ضربة قاضية؟

01 سبتمبر 2014

جندي أميركي يتفقّد طائرة بدون طيار في قاعدة جوية(مارس/2003/Getty)

+ الخط -

كان رئيس هيئة الأركان الأميركي، الجنرال مارتن ديمبسي، واضحاً في قوله إنه لا يمكن القضاء على داعش في العراق، من غير التصدي له في سورية. خلط هذا الكلام الأوراق الأميركية، وأثار جدلاً واسعاً عن معنى توسيع الضربات الجوية إلى خارج العراق، وإمكانية الدخول في الصراع السوري الداخلي، لا بل تأتي خطوة ضرب داعش لمصلحة النظام السوري، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة، وبالطبع ما ترفضه عدة مراكز أبحاث، وكتّاب وإنتلجنسيا، يرون أنفسهم، وخصوصاً بعد انتشار صورة الصحافي الأميركي، جيمس فولي، وهو يُعدَم بوحشية، أسرى بين النظام وداعش، في وقت تراجعت فيه المعارضة "المعتدلة" أو ما يمثّله الجيش السوري الحر على الأرض.
الدراسات والتحاليل والمقالات لا تتوقف، لا سيما في الصحافة الأميركية والغربية، عن ظاهرة داعش وامتداداتها وسرعة تمدّدها وسيطرتها على مساحةٍ تمتد إلى 230 ألف كيلومتر مربع بين سورية والعراق، كما حول تهديدها الوجودي لكل المنطقة. وقد أصبح هذا الهاجس الداعشي، إعلامياً وسياسياً، يشكل تهديداً، أيضاً، للولايات المتحدة، بعدما أجمعت أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، وفي مقدمتها "سي آي إيه"، إلى اعتباره كذلك، خصوصاً بسبب مجموعات أجنبية انضمّت للجهاد مع داعش.


طائرة الاستطلاع فوق سورية، والتي أعلنت عنها القيادة الأميركية، لا تعدو كونها عملية استطلاع، في وقت لا يزال أوباما يدرس فيها الخطط الممكنة، ما ترك المجال لمنتقديه، وفي مقدمتهم السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي اعتبر أن ما يقوم به أوباما لا يعدو كونه "وخزاً" لا معنى له. أوباما، الذي واجه انتقادات حتى من الديمقراطيين لقوله: "إن البيت الأبيض لا يملك استراتيجية في التعامل مع داعش"، قالت عنه ديان فينشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي: "تعلّمتُ شيئاً واحداً عن هذا الرئيس، هو أنه حذر جداً، وربما في هذه اللحظة أكثر حذراً". وانتقدت فينشتاين، الديمقراطية، نهج أوباما في تعامله مع تهديدات الدولة الإسلامية، معتبرة أنه سيأخذ وقتاً للرد على هذا التهديد، وهي أملت أن تتحوّل الخطط التي يدرسها أوباما حالياً إلى استراتيجية، من خلال التعاون مع الحلفاء لاستخدامها في المواجهة، وهي قالت لقناة "إن بي سي": "ما فهمته أن أوباما يحاول أن يعطي فرصة للحكومة العراقية الجديدة التي يمكن أن تقدم بديلاً للسنّة للقيام بالتحرك".
ولا تزال الآراء بشأن الضربات الجوية وامتدادها إلى سورية تراوح في الإدارة بين مَن يؤيد إنما بتنسيق غير مباشر مع النظام السوري عبر القناتين العراقية والروسية، في ما يتعلق بالمعلومات على الأرض، ومَن يرى في ذلك إنعاشاً وانتعاشاً للنظام السوري، وفي مقدمته الأسد، والذي طالبه أوباما منذ سنتين بالتنحي، وهو ما ظهر في المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية، وليد المعلم، والذي رحّب بالحرب الدولية على داعش، داعياً إلى التعاون من طرف واحد. 
وفي مقال في "فورين بوليسي"، اختصر الكاتب والمستشار السابق في الخارجية الأميركية، آرون ميللر، الأسباب، برأيه، لعدم إمكانية نجاح توسيع مهمة الضربات في سورية، ومنها اختلاف العراق عن سورية، حيث حلفاء أميركا الأكراد والتعاون مع الجيش العراقي الأمني، وحتى السياسي، ووجود خبراء ورجال استخبارات على الأرض، يساهمون في إصابة الهدف وهو غير متوافر في سورية، لا بل يكاد يكون مفقوداً بسبب ضعف المعارضة المنقسمة، والجيش الحر دوره أقل من الواقع. وقد قلّل ميللر من أهمية التهديد الاستراتيجي لأميركا من داعش، إنما اعتبر أنه، مع الأموال والسلاح التي حصلت عليها، والخلايا للمقاتلين المولودين في أميركا، ويعودون إلى بلادهم، ويقومون بأعمال إرهابية، ربما تشكل خطراً.
بالطبع، لا يقلّل ميللر من حجم الخوف الأميركي، كما الحذر من الدخول في مغامرة عراقية جديدة غير واقعية، إلا أنه يعتبر أن تسويق حرب من دون أهداف لن تكون شعبية، وأن أوباما وجد التبرير بكلمة "حماية أميركا".
صحيح أن قرار أوباما أصبح أقرب إلى توجيه الضربات الجوية، لا بل اللكمات، كما سمّاها ميللر، إلا أن ذلك لن يقضي على داعش، أو يقطع رأسها بالضربة القاضية، كما تريد الإدارة الأميركية وتعلن، بل سيفتح الباب أمام جولاتٍ قد تمتد فترة طويلة، وطويلة جداً.