كل ما يحتاجه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا، للتوسع والهيمنة وكسب مزيد من الأرض، هو قوة اقتصادية ومالية تجلب له ملايين الدولارات، وبالتالي يكرر ما حدث في العراق وسورية واليمن، فبالقوة الاقتصادية يستطيع التنظيم شراء أحدث أنواع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، وسداد رواتب المقاتلين في صفوفه وإعانة أسرهم، بل والإنفاق على قاطني المناطق التي يسيطر عليها، والأهم من ذلك شراء ولاءات وذمم البعض.
قبل أيام كشف رئيس لجنة السلم والمصالحة في الاتحاد الأفريقي، أحمد ميزاب، عن سيطرة "داعش"، الذي يضم نحو 6900 مقاتل، على 10 آبار من أهم الآبار النفطية في شرق ليبيا، بالإضافة إلى سيطرته على مناطق استراتيجية عدة، في مقدمتها سرت.
ورغم أن الناطق الرسمي باسم المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، محمد الحراري، سارع ونفى استيلاء التنظيم المسلح على حقول وموانئ نفطية في أية منطقة في ليبيا، إلا أنه اعترف بأن "داعش" يقوم بعمليات تخريب في الحقول النفطية، لكنه يغادر الآبار التي يتم اقتحامها بسرعة ولا يبقى فيها.
"داعش" إذن يهدد قطاع النفط الليبي المصدر الرئيسي، الذي تعتمد عليه البلاد في إيراداتها من النقد الأجنبي وتكوين احتياطياتها الخارجية، حيث تمثل الصادرات النفطية أكثر من 90% من إيرادات البلاد، وربما تكون الخطوة التالية للتنظيم هي تصدير النفط للخارج عبر السوق السوداء المنتشرة في المنطقة، وابرام صفقات مع دول تعاني عجزاً في المشتقات البترولية، مثل البنزين والسولار وغيرها.
وتوسع "داعش" في ليبيا لا يعني فقط تهديد الدولة العربية الأفريقية، التي تشهد بالفعل اضطرابات سياسية وأمنية عنيفة، بل تعني تهديد منطقة شمال أفريقيا بالكامل، فزيادة قوة التنظيم الاقتصادية والمالية، وقبلها الأمنية والسياسية، تهدد جيران ليبيا أيضا ومنها مصر وتونس والجزائر والسودان، ويعني أيضا تهديداً لأوروبا من ناحية جنوب البحر المتوسط، خاصة وأن التنظيم سيبحث عن موارد مالية إضافية لتمويل عملياته العسكرية في البلاد.
وقد تكون أرباح التنظيم من عمليات تهريب اللاجئين العرب والأفارقة لأوروبا أكثر ربحاً من عمليات السطو على آبار البترول، التي يسيطر عليها حالياً أو يسيطر عليها في الفترة المقبلة، وقد يسمح تنظيم الدولة مستقبلا بأن تكون المناطق التي يسيطر عليها في ليبيا معبراً لعمليات غسل أموال قذرة وتهريب النقود والسلاح بين أفريقيا ودول الاتحاد الأوروبي.
"داعش" لم يعد يهدد فقط الدول المتواجدة بها، بل بات يهدد اقتصادات دول المنطقة بالكامل، والدليل الإنفاق العسكري الضخم الذي تخصصه هذه الدول لمواجهة التنظيم السرطاني، وسطو "داعش" على ما تبقي من ثروات المنطقة من نفط وغاز وأثار ومصارف، وقبلها سرقة الأرض ومن عليها.
اقرأ أيضا: ليبيا تنفي سيطرة "داعش" على 10 آبار نفطية