خيال الأطفال: المنظومة التربوية تحدّه وتعيقه

23 ديسمبر 2015
(Getty)
+ الخط -
"مفيش مكان للخيال.. الخيال في بلدنا محتقر ومدان منذ الصغر" هذا ما يقوله أستاذ الطب النفسي الدكتور أحمد عبد الله عند سؤاله عن الخيال عند الأطفال: متى يبدأ؟ وهل يتوقف؟ وكيف ننميه ونطوره ونتعامل معه؟

الصدمة من إجابته تزداد عندما يؤكد على ضرورة احتقار المدرسة والتعليم والمنظومة بأكملها كخطوة أولى لتشجيع الخيال وتطويره وجعله عنصرا فعالا لصنع شخصية مبدعة وخلاقة.
يولد الإنسان ويعيش ويموت والخيال لايتوقف عنده، كما يؤكد الدكتور عبد الله "يلازمه الخيال من المهد إلى اللحد"، مشيرا إلى أنه من أهم وظائف العقل، ومن أهم الوظائف النفسية كذلك، موضحا "الخيال مهم لأنه في معظم الأوقات يقوم بحل المشاكل المستعصي على الفرد حلها في الواقع، وفي كثير من الأحيان يكون بديلا لعدم التحقق، كما أنه نشاط وجداني يخرج الفنون والشعر والأدب، وبالتالي فهو وظيفة مهمة ورئيسية ومن الممكن جدا أن تفيد صاحبها إذا قرر استثمارها والعمل على تنميتها".

إقرأ أيضاً:عيد الميلاد في مدريد: شوارع من فرح

ويستطيع الطفل أن يفرق بين الخيال والواقع من عمر 8 إلى 10 سنوات، كل على حسب شخصيته، كما يؤكد الدكتور عبد الله. ويظهر عادة الخيال عند الأطفال في اختلاق شخصيات ومواقف والتحدث معها وعنها، وهي ظاهرة صحية تنمي عقله ومداركه ويمكن تطويرها بمساعدة الوالدين شرط أن يكونوا "فاهمين الخيال" كما يؤكد الدكتور عبد الله، قائلا "وهناك عناصر أخرى مترابطة لتنمية خيال الطفل، وهي العلاقة بين التعليم والتربية والإعلام والمعلمين وبين الإنسان والحياة بشكل عام، وهذه العلاقة بصورتها الحالية عاوزة تطوى وترمى في أقرب صفيحة زبالة". فهو يرى أن نظام التعليم لا يتعامل إلا مع "ملكة" واحدة لدى الطفل وهي "ملكة الحفظ"، يحفظ الطفل كل ما "يلقى" في رأسه و"يصبه" في ورقة الامتحان ثم ينساه، ويضيف "حتى الأهل يقعون في ذلك الفخ، فالطالب المثالي بالنسبة لأهله ومدرسته ومجتمعه هو من يحصل على أعلى الدرجات بطريقة التعليم المتبعة حاليا والتي تعتمد على الحفظ، وأي نشاط أو تفكير ينمو في عقل الطفل خارج تلك العملية السقيمة التي انتهت في العالم كله لا نعبأ بها ونعتبرها تضييعا للوقت".


ويرى دكتور عبد الله أن الخيال الذي يعتبر المدخل الرئيسي للاختراعات والإنجازات وحلول المشاكل ليس له مكان، فهو محتقر ومدان منذ الصغر، ويتساءل مستنكرا "فكيف في أي بلد عاقل يذهب الخيال إلى المحكمة ويدان كما يحدث عندنا؟"، في إشارة إلى الروايات التي يعتبرها بعض المجتمع خارجة عن حدود اللياقة العامة والآداب وترفع الدعاوى على كتّابها.
ويقول الدكتور عبد الله، إن الطريقة الوحيدة لتشجيع الطفل على تطوير خياله واستثماره في اتجاه الفن كالموسيقى والرسم وغيرها، أو في العلم والتنمية والاختراع، تحدث عندما نفهم الخيال ونحترمه ونغير طريقة تعاملنا مع الأطفال سواء للوالدين أو المدرسين، قائلا "ونحتقر التعليم بذلك الأسلوب، ونخبرأطفالنا أن المدرسة والتعليم ما هي إلا للحصول على شهادة فقط، لكنها لا تصنع شخصيته".

إقرأ أيضاً:الممثلة الأميركية سوزان ساراندون ستقضي عيد الميلاد مع اللاجئين
المساهمون