04 أكتوبر 2024
خواطر في حادث لندن
بماذا كان يفكر البريطاني، خالد مسعود، في أثناء قيامه بعملية القتل العشوائية دهسا وطعنا في لندن. ربما كان يعتقد أنه بذلك ينصر الإسلام والمسلمين، أنه من جند الخلافة، أن "استشهاده" بمثابة خطوة في طريق إقامة دولة الحق التي تقيم الدين وتحكم العالم وتنشر العدل، عندما يسود الإسلام على العالم كله، متيقنا أنه سيكون شهيدا له أعلى مكانةً في الجنة بعدما يقتل الكفار أعداء الله الذين يسيرون في شوارع لندن آمنين.
لم يفكر خالد مسعود في تبعات ما فعله، ولا في تصاعد الكراهية للإسلام وللعرب، ولا أنه بذلك قدّم خدمات جليلة للتيارات اليمينية المتطرفة المعادية للإسلام والعرب، ولا يعنيه التضييق الذي سوف يحدث في أوروبا عموما، وبريطانيا خصوصا، على المهاجرين واللاجئين الذين عاشوا في سلام سنوات طويلة في أوروبا ولندن، ولم يفكر أنه بذلك سيتسبب في مزيد من التضييق والمعاناة لإخوانه من المسلمين في أوروبا. لا أعتقد أنه فكّر في أيٍّ من هذا، قبل تخطيطه تلك العملية، فهو يعتقد أن الله أمرنا بقتل الكفار في كل مكان، حتى لو كانوا آمنين ولم يحاربونا، فلا يوجد أبرياء، طالما لم يبايعوا الخليفة ودولة الخلافة، وكل من كان مسلما، ولكن لم يبايع دولة الخلافة، فدمه حلال مثله مثل الكافر، لأنه يحارب الله ورسوله، أما هؤلاء المسلمون المستضعفون الذين يحتمون بأوروبا هربا من جحيم بشار وداعش وقوات الحشد الشعبي وروسيا وإيران ودمويتهم فهم آثمون كذلك، لأنهم هربوا من دولة الخلافة، ولأنهم لم يحاربوا الكفار في عقر دارهم، كما فعل هو.
ولكن هل أمرنا الله حقا بذلك؟ هل هذا هو ديننا؟ هل أمرنا الله فعلا أن نُجبر جميع البشر على دخول الإسلام بالتهديد والتخويف والحرب؟ ولماذا يتم تجاهل أسباب النزول أو الظرف الذي نزلت فيه آيات مثل قول الله تعالى "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية، وهم
صاغرون" (التوبة 29)، أو قوله تعالى "يا أيها النبي، جاهد الكفار والمنافقين، واغلظ عليهم، ومأواهم جهنم وبئس المصير" (التوبة 73)، وهل التفسير لهذه الآيات هو قتال كل من هو غير مسلم، حتى لو كان مؤمنا بالآله نفسه، ولكن على دين آخر، مثل المسيحية واليهودية، أم كان هناك معنى آخر للآية مرتبطا بظرف معين بأشخاص معينين بواقعة محددة؟
ولكن، لنلق نظرة على النموذج الذي يريدون إجبار العالم كله عليه، نموذج "طالبان" في أفغانستان قبل الغزو الأميركي، أو ما يطلق عليها دولة الخلافة في سورية والعراق، أو للأسف بعض المناطق في سيناء أخيرا. لنقرأ شهادات سكان الموصل، بعد انسحاب قوات دولة الخلافة (داعش). مئات الحكايات والشهادات عن عقوبة الجلد وقطع الرقاب لأتفه الأسباب، الجلد بسبب التدخين، أو بسبب الزي المخالف للشريعة، فالتدخين يستحق الجلد، وهناك شرطة إسلامية لمتابعة التبغ والمدخنين، والرجل الذي يطيل بنطاله يستحق الجلد، والمرأة التي تقصر ملليمترات من إسدالها أو عباءاتها، صاحب المقهى، بائع العباءات الذي قد يبتسم لمن قد تشتري منه شيئا، أصحاب النوادي الرياضية وصالات كمال الأجسام الذين يضعون على الحوائط أبطال كمال أجسام، صاحب الصيدلية الذي يضع شعار الصيدلة الذي به صليب أحمر، من نجا من قطع الرقبة لم ينجُ من الجلد، ومن نجا من الجلد عاش عامين من الرعب والخوف من أي وشايةٍ تؤدي به لقطع الرقبة أو الجلد بمنتهى السهولة، بعد محاكمة شرعية عاجلة.
أسأل نفسي كثيرا: هل أمرنا الله بذلك النوع من الحياة القاسية؟ وإذا كان المجتمع قديما يصلح فيه العيش بهذه الطريقة القاسية، وهذا النوع من العقوبات، خصوصا في البيئة الصحراوية، فهل يصلح هذا النمط من الحياة في عصرنا هذا؟ وهل هناك فوارق جوهرية في رؤية الفصائل التي تنتمي للتيار الإسلامي الواسع ما بين جهادي وسلفي وإخوان، أم أن النتائج واحدة، وإن اختلفت درجة القسوة والحدة؟ أعود لأسأل تساؤلات قديمة ومكرّرة: هل تنجح الحلول الأمنية والتقليدية في منع الإرهاب؟ ماذا لو سيطر اليمين الأوروبي المتطرّف على أوروبا، وبدأ في تطبيق سياسات أكثر تطرّفا في التضييق على المواطنين المسلمين، أو ذوي الأصول العربية، أو منع تدفق مهاجرين جدد، أو زاد خطاب وسياسات الكراهية والعزل والتحريض ضد المسلين أو ذوي الأصول العربية.. هل سيؤدي ذلك إلى تقليل الإرهاب أو تخفيفه أم زيادة الاحتقان الذي سيؤدي إلى زيادة الإرهاب؟
وماذا عن السياسات المصرية لمكافحة الإرهاب؟ كيف تتخيّل النتيجة، بعد تفشّي الظلم والتنكيل وتكدس الأعداد في السجون والبقاء فترات طويلة في السجن في ظروف غير آدمية، لمجرد الاشتباه؟ ما نتيجة خطاب التحريض ضد كل من هو مختلف أو مخالف؟ إلامَ ستؤدي سياسات وخطاب التخوين والإقصاء والحض على كراهية الآخر؟ أين تذهب الطاقات، إذا استمرت سياسات التأميم وإغلاق المجال العام؟
لم يفكر خالد مسعود في تبعات ما فعله، ولا في تصاعد الكراهية للإسلام وللعرب، ولا أنه بذلك قدّم خدمات جليلة للتيارات اليمينية المتطرفة المعادية للإسلام والعرب، ولا يعنيه التضييق الذي سوف يحدث في أوروبا عموما، وبريطانيا خصوصا، على المهاجرين واللاجئين الذين عاشوا في سلام سنوات طويلة في أوروبا ولندن، ولم يفكر أنه بذلك سيتسبب في مزيد من التضييق والمعاناة لإخوانه من المسلمين في أوروبا. لا أعتقد أنه فكّر في أيٍّ من هذا، قبل تخطيطه تلك العملية، فهو يعتقد أن الله أمرنا بقتل الكفار في كل مكان، حتى لو كانوا آمنين ولم يحاربونا، فلا يوجد أبرياء، طالما لم يبايعوا الخليفة ودولة الخلافة، وكل من كان مسلما، ولكن لم يبايع دولة الخلافة، فدمه حلال مثله مثل الكافر، لأنه يحارب الله ورسوله، أما هؤلاء المسلمون المستضعفون الذين يحتمون بأوروبا هربا من جحيم بشار وداعش وقوات الحشد الشعبي وروسيا وإيران ودمويتهم فهم آثمون كذلك، لأنهم هربوا من دولة الخلافة، ولأنهم لم يحاربوا الكفار في عقر دارهم، كما فعل هو.
ولكن هل أمرنا الله حقا بذلك؟ هل هذا هو ديننا؟ هل أمرنا الله فعلا أن نُجبر جميع البشر على دخول الإسلام بالتهديد والتخويف والحرب؟ ولماذا يتم تجاهل أسباب النزول أو الظرف الذي نزلت فيه آيات مثل قول الله تعالى "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية، وهم
ولكن، لنلق نظرة على النموذج الذي يريدون إجبار العالم كله عليه، نموذج "طالبان" في أفغانستان قبل الغزو الأميركي، أو ما يطلق عليها دولة الخلافة في سورية والعراق، أو للأسف بعض المناطق في سيناء أخيرا. لنقرأ شهادات سكان الموصل، بعد انسحاب قوات دولة الخلافة (داعش). مئات الحكايات والشهادات عن عقوبة الجلد وقطع الرقاب لأتفه الأسباب، الجلد بسبب التدخين، أو بسبب الزي المخالف للشريعة، فالتدخين يستحق الجلد، وهناك شرطة إسلامية لمتابعة التبغ والمدخنين، والرجل الذي يطيل بنطاله يستحق الجلد، والمرأة التي تقصر ملليمترات من إسدالها أو عباءاتها، صاحب المقهى، بائع العباءات الذي قد يبتسم لمن قد تشتري منه شيئا، أصحاب النوادي الرياضية وصالات كمال الأجسام الذين يضعون على الحوائط أبطال كمال أجسام، صاحب الصيدلية الذي يضع شعار الصيدلة الذي به صليب أحمر، من نجا من قطع الرقبة لم ينجُ من الجلد، ومن نجا من الجلد عاش عامين من الرعب والخوف من أي وشايةٍ تؤدي به لقطع الرقبة أو الجلد بمنتهى السهولة، بعد محاكمة شرعية عاجلة.
أسأل نفسي كثيرا: هل أمرنا الله بذلك النوع من الحياة القاسية؟ وإذا كان المجتمع قديما يصلح فيه العيش بهذه الطريقة القاسية، وهذا النوع من العقوبات، خصوصا في البيئة الصحراوية، فهل يصلح هذا النمط من الحياة في عصرنا هذا؟ وهل هناك فوارق جوهرية في رؤية الفصائل التي تنتمي للتيار الإسلامي الواسع ما بين جهادي وسلفي وإخوان، أم أن النتائج واحدة، وإن اختلفت درجة القسوة والحدة؟ أعود لأسأل تساؤلات قديمة ومكرّرة: هل تنجح الحلول الأمنية والتقليدية في منع الإرهاب؟ ماذا لو سيطر اليمين الأوروبي المتطرّف على أوروبا، وبدأ في تطبيق سياسات أكثر تطرّفا في التضييق على المواطنين المسلمين، أو ذوي الأصول العربية، أو منع تدفق مهاجرين جدد، أو زاد خطاب وسياسات الكراهية والعزل والتحريض ضد المسلين أو ذوي الأصول العربية.. هل سيؤدي ذلك إلى تقليل الإرهاب أو تخفيفه أم زيادة الاحتقان الذي سيؤدي إلى زيادة الإرهاب؟
وماذا عن السياسات المصرية لمكافحة الإرهاب؟ كيف تتخيّل النتيجة، بعد تفشّي الظلم والتنكيل وتكدس الأعداد في السجون والبقاء فترات طويلة في السجن في ظروف غير آدمية، لمجرد الاشتباه؟ ما نتيجة خطاب التحريض ضد كل من هو مختلف أو مخالف؟ إلامَ ستؤدي سياسات وخطاب التخوين والإقصاء والحض على كراهية الآخر؟ أين تذهب الطاقات، إذا استمرت سياسات التأميم وإغلاق المجال العام؟