01 سبتمبر 2019
خواطر شاب عراقي في ذكرى احتلال بغداد
تتوارد الأنباء من العاصمة بغداد أن جيشنا العراقي قد كسر، وأن دبابات المحتل تجوب شوارع المدينة الكبيرة.. كانت بغداد محط أنظار العالم، والخبر الأول في نشرات الأخبار العالمية، وبحكم النظام الاستبدادي لم نكن نسمع شيئاً سوى أخبار الانتصارات التي يحرزها جيشنا الباسل، إلا بعض المحطات التي كنّا نلتقطها من شمال العراق، تظهر صور الأميركان في وسط بغداد، ما كان حلماً أصبح حقيقة، وليته لم يصبح، رحل صدام ونظامه، ولكن توالت أنظمة أكثر سوءاً وإجراما جعلت الناس يعشقون دكتاتورية صدام.
في مثل هذا اليوم كانت أمي تجلس وسط حجرتنا الصغيرة في بيت جدي ودموعها تجري على خديها، لا أدري لماذا تبكي حقيقة؟ صدام وها هو قد رحل، وانتهت دولته.. ربما كان يتوجب علينا جميعاً أن نبكي؛ فالعراق داخل في مطبات ومصاعب كبيرة جداً، كان الأجدر بِنَا أن نصبر على صدام بدل رحيله بهذه الصورة، ولكن حلمه قد تحقق، لم يسلم العراق إلا بعد دمار كبير جراء الحروب والحصار لسنوات عديدة!
الناس مذهولون، فالنظام الذي كانوا ربما لا يستطيعون أن يحلموا برحيله، خوفاً من بطشه، قد رحل وانتهى. ولكن القادم أدهى وأمر، دخل المحتل واختلف الناس إلى أقسام كثيرة، فالأخلاق الحاضرة وقت الاستبداد هي أخلاق مزيفة، أخلاق تخاف من الأمير، ولا تملك ذرة من تأنيب الضمير، انطلق ضعاف النفوس صوب المؤسسات الحكومية يتناهبون أموالهم ويحرقون ممتلكاتهم العامة، ظناً منهم أن هذه أموال صدام وزبانيته ولم يكونوا يعلمون أن هذه ممتلكاتهم وإن رحل صدام..
وبقي صنف آخر يتفرج ويشاهد من بعيد، فهو لم يسرق ولم ينه عن السرقة، واستمر الحال على ما هو عليه، إلى أن هب بعض المخلصين من الذين ينتمون انتماءً حقيقياً للعراق هبة الحريص على وطنه من أن يصاب بسوء، فضربة المحتل تكفيه، فضربتان على الرأس مؤذيتان.. قام هؤلاء وعبر مكبرات الجوامع وأجراس الكنائس ينصحون الناس، بضرورة الحفاظ على الدولة وممتلكاتها، فالعراق عراقنا وليس عراق صدام كما تتصورون، استجاب بعضهم ولم يستجب آخرون، ولكن الوقفة بحد ذاتها حدث تاريخي مهم لم يوثق بشكل كبير للأسف، عرفت بـ"وقفة المساجد"، على كل حال، لم يكن المحتل يريد الخير للعراق إطلاقاً، فقد قاموا بتدمير كثير من البنية التحتية وسرقة الآثار، وليتهم اكتفوا بذلك..
قام بول بريمر الحاكم العسكري الذي نصبه المحتل، بحل الجيش العراقي، ليدخل البلد في متاهة أخرى، تعصف بأمنه واستقراره، وعندها توالت النكبات، فقد العراقيون الأمن، سيطرت المليشيات والتنظيمات المسلحة على المدن، مفخخات تنفجر في كل مكان، مشاهد دموية في كل بقعة من أرض العراق، اغتيالات لعلماء في شتى المجالات، حرب طائفية، وصراع قومي، واستمر الحال إلى يومنا، وسقطت مدن كثيرة بيد المسلحين، هجرة للطاقات والخبرات والشباب، وآخرها كان سقوط مدن عدة بيد داعش قبل سنوات.. وملايين من اليتامى والأرامل والشهداء والجرحى، واعتقالات عشوائية، وقتل على الهوية، إنها لعنة أميركا التي حلت على العراق.. الآن عرفت لماذا كانت أمي تبكي في ذاك اليوم.
طويت صفحة حكم البعث وتبعها حكم أميركا ومن جاء معها من أحزاب إسلامية وعلمانية، وأثبتت الأحزاب الإسلامية بشقيها السني والشيعي فشلها في إدارة العراق، ومعها العلمانية، وغابتِ الوجهة السياسية في العراق، فلم يعد يوثق بأحد منهم، حكومات جرت الويلات على العراقيين جميعهم.
والآن بعد سنوات.. رسمياً طويت صفحة أميركا من العراق، ولكنها ما زالت موجودة بقواعدها في كل أرجاء البلاد، لا بأس أن نصدق الكذبة، ونقول إن المحتل قد رحل. وبدل أن نلعن الظلام ونعود دائما بذاكرتنا السلبية إلى الوراء.. لنقف وقفة جيدة مع معالم مهمة لبناء الدولة القوية التي تعيد للعراقي هيبتها أولاً في بلاده، وللعراق مكانته على مستوى العالم ثانياً.
ينبغي على الدولة أن تدعم فئة الشباب والخريجين.. وتوفير فرص العمل على مستوى الوظائف الحكومية، أو دعم المشروعات الخاصة وتنميتها، فإن البطالة أحد أسباب التطرّف والإجرام الذي ابتلينا به.
العمل على غرس قيمة الانتماء للوطن.. فالعراقي فقد انتمائه بعد هذه الأزمات المتتالية، والانتماء ليس بدورات أو مؤتمرات أو احتفالات، الانتماء الحقيقي يكون بالاهتمام بالمواطن وتوفير فرص الحياة الكريمة له، والعطاء الدائم والتحسين المستمر، وتهيئة الأجواءالمناسبة، فالانتماء يتجسد بالعطاء.
تنمية روح ثقافة "التقبل".. تقبل الآخر مهما كان دينه أو مذهبه أو قوميته، أن يحترم كل دين أصحاب الدين الآخر، وكذلك على مستوى المذهب والقومية، وهذا لا يتحول لمشروع عملي، إلا إذا سنت لأجله قوانين تحرّم وتجرم الإساءة للأديان والمذاهب بشكل عام.
الإسراع بالتعمير.. تعمير المناطق المحررة من داعش والتي دمر قسم كبير منها بشكل كامل، وما زال معظم أهلها يعانون من نقص في كل مرافق الحياة، وتعويض أصحاب البيوت المتضررة وذوي الشهداء والضحايا.
التعليم وما أدراك ما التعليم.. يعد العنصر الأهم في كل نهضة، وما زال العراق متخلفاً في هذا المجال، وتعاني مدارسنا من حجرات مكتظة بالطلبة ونقص في الكوادر التعليمية والأبنية المدرسية، وكذلك ضعف اهتمام بالطالب وإمكانياته، وضعف في تنظيم المنهاج الدراسي.
الاهتمام بمجال الصحة.. فما زال العراق متأخراً في العناية بصحة شعبه، من حيث توفير المستشفيات والعلاج المجاني، وكذلك ما يتعلق بالأمراض المزمنة.
الحرص على دعم مؤسسات المجتمع المدني.. ودعم الأعمال التطوعية، وغرس التطوع، بسن قوانين تعتبر العمل التطوعي خدمة للمواطن تضاف له، في حال إذا التحق بوظيفة حكومية أو أهلية.
بناء دولة المواطنة.. العابرة للدين والمذهب والقومية، والأديولوجيات الفكرية، الدولة التي تستوعب الإنسان وتحرص على كرامته وحريته وتوفير الحياة السعيدة له، فلا يهم دين حاكم أو مذهبه أو قوميته، بقدر ما يهم أن يكون خادماً للمواطن العراقي.
هذه خواطر شاب عراقي يحلم بوطن متطور مواكب للدول الناهضة، يرى بلده يتقدم باستمرار، خواطر أكتبها للمواطن سواء كان طالباً أو موظفاً أو أستاذاً أو عاملاً أو مثقفاً، أرسلها عبرهم إلى أصحاب القرار لعل وعسى أن تصحو ضمائرهم ويعملوا لأجل العراق والعراقيين.
في مثل هذا اليوم كانت أمي تجلس وسط حجرتنا الصغيرة في بيت جدي ودموعها تجري على خديها، لا أدري لماذا تبكي حقيقة؟ صدام وها هو قد رحل، وانتهت دولته.. ربما كان يتوجب علينا جميعاً أن نبكي؛ فالعراق داخل في مطبات ومصاعب كبيرة جداً، كان الأجدر بِنَا أن نصبر على صدام بدل رحيله بهذه الصورة، ولكن حلمه قد تحقق، لم يسلم العراق إلا بعد دمار كبير جراء الحروب والحصار لسنوات عديدة!
الناس مذهولون، فالنظام الذي كانوا ربما لا يستطيعون أن يحلموا برحيله، خوفاً من بطشه، قد رحل وانتهى. ولكن القادم أدهى وأمر، دخل المحتل واختلف الناس إلى أقسام كثيرة، فالأخلاق الحاضرة وقت الاستبداد هي أخلاق مزيفة، أخلاق تخاف من الأمير، ولا تملك ذرة من تأنيب الضمير، انطلق ضعاف النفوس صوب المؤسسات الحكومية يتناهبون أموالهم ويحرقون ممتلكاتهم العامة، ظناً منهم أن هذه أموال صدام وزبانيته ولم يكونوا يعلمون أن هذه ممتلكاتهم وإن رحل صدام..
وبقي صنف آخر يتفرج ويشاهد من بعيد، فهو لم يسرق ولم ينه عن السرقة، واستمر الحال على ما هو عليه، إلى أن هب بعض المخلصين من الذين ينتمون انتماءً حقيقياً للعراق هبة الحريص على وطنه من أن يصاب بسوء، فضربة المحتل تكفيه، فضربتان على الرأس مؤذيتان.. قام هؤلاء وعبر مكبرات الجوامع وأجراس الكنائس ينصحون الناس، بضرورة الحفاظ على الدولة وممتلكاتها، فالعراق عراقنا وليس عراق صدام كما تتصورون، استجاب بعضهم ولم يستجب آخرون، ولكن الوقفة بحد ذاتها حدث تاريخي مهم لم يوثق بشكل كبير للأسف، عرفت بـ"وقفة المساجد"، على كل حال، لم يكن المحتل يريد الخير للعراق إطلاقاً، فقد قاموا بتدمير كثير من البنية التحتية وسرقة الآثار، وليتهم اكتفوا بذلك..
قام بول بريمر الحاكم العسكري الذي نصبه المحتل، بحل الجيش العراقي، ليدخل البلد في متاهة أخرى، تعصف بأمنه واستقراره، وعندها توالت النكبات، فقد العراقيون الأمن، سيطرت المليشيات والتنظيمات المسلحة على المدن، مفخخات تنفجر في كل مكان، مشاهد دموية في كل بقعة من أرض العراق، اغتيالات لعلماء في شتى المجالات، حرب طائفية، وصراع قومي، واستمر الحال إلى يومنا، وسقطت مدن كثيرة بيد المسلحين، هجرة للطاقات والخبرات والشباب، وآخرها كان سقوط مدن عدة بيد داعش قبل سنوات.. وملايين من اليتامى والأرامل والشهداء والجرحى، واعتقالات عشوائية، وقتل على الهوية، إنها لعنة أميركا التي حلت على العراق.. الآن عرفت لماذا كانت أمي تبكي في ذاك اليوم.
طويت صفحة حكم البعث وتبعها حكم أميركا ومن جاء معها من أحزاب إسلامية وعلمانية، وأثبتت الأحزاب الإسلامية بشقيها السني والشيعي فشلها في إدارة العراق، ومعها العلمانية، وغابتِ الوجهة السياسية في العراق، فلم يعد يوثق بأحد منهم، حكومات جرت الويلات على العراقيين جميعهم.
والآن بعد سنوات.. رسمياً طويت صفحة أميركا من العراق، ولكنها ما زالت موجودة بقواعدها في كل أرجاء البلاد، لا بأس أن نصدق الكذبة، ونقول إن المحتل قد رحل. وبدل أن نلعن الظلام ونعود دائما بذاكرتنا السلبية إلى الوراء.. لنقف وقفة جيدة مع معالم مهمة لبناء الدولة القوية التي تعيد للعراقي هيبتها أولاً في بلاده، وللعراق مكانته على مستوى العالم ثانياً.
ينبغي على الدولة أن تدعم فئة الشباب والخريجين.. وتوفير فرص العمل على مستوى الوظائف الحكومية، أو دعم المشروعات الخاصة وتنميتها، فإن البطالة أحد أسباب التطرّف والإجرام الذي ابتلينا به.
العمل على غرس قيمة الانتماء للوطن.. فالعراقي فقد انتمائه بعد هذه الأزمات المتتالية، والانتماء ليس بدورات أو مؤتمرات أو احتفالات، الانتماء الحقيقي يكون بالاهتمام بالمواطن وتوفير فرص الحياة الكريمة له، والعطاء الدائم والتحسين المستمر، وتهيئة الأجواءالمناسبة، فالانتماء يتجسد بالعطاء.
تنمية روح ثقافة "التقبل".. تقبل الآخر مهما كان دينه أو مذهبه أو قوميته، أن يحترم كل دين أصحاب الدين الآخر، وكذلك على مستوى المذهب والقومية، وهذا لا يتحول لمشروع عملي، إلا إذا سنت لأجله قوانين تحرّم وتجرم الإساءة للأديان والمذاهب بشكل عام.
الإسراع بالتعمير.. تعمير المناطق المحررة من داعش والتي دمر قسم كبير منها بشكل كامل، وما زال معظم أهلها يعانون من نقص في كل مرافق الحياة، وتعويض أصحاب البيوت المتضررة وذوي الشهداء والضحايا.
التعليم وما أدراك ما التعليم.. يعد العنصر الأهم في كل نهضة، وما زال العراق متخلفاً في هذا المجال، وتعاني مدارسنا من حجرات مكتظة بالطلبة ونقص في الكوادر التعليمية والأبنية المدرسية، وكذلك ضعف اهتمام بالطالب وإمكانياته، وضعف في تنظيم المنهاج الدراسي.
الاهتمام بمجال الصحة.. فما زال العراق متأخراً في العناية بصحة شعبه، من حيث توفير المستشفيات والعلاج المجاني، وكذلك ما يتعلق بالأمراض المزمنة.
الحرص على دعم مؤسسات المجتمع المدني.. ودعم الأعمال التطوعية، وغرس التطوع، بسن قوانين تعتبر العمل التطوعي خدمة للمواطن تضاف له، في حال إذا التحق بوظيفة حكومية أو أهلية.
بناء دولة المواطنة.. العابرة للدين والمذهب والقومية، والأديولوجيات الفكرية، الدولة التي تستوعب الإنسان وتحرص على كرامته وحريته وتوفير الحياة السعيدة له، فلا يهم دين حاكم أو مذهبه أو قوميته، بقدر ما يهم أن يكون خادماً للمواطن العراقي.
هذه خواطر شاب عراقي يحلم بوطن متطور مواكب للدول الناهضة، يرى بلده يتقدم باستمرار، خواطر أكتبها للمواطن سواء كان طالباً أو موظفاً أو أستاذاً أو عاملاً أو مثقفاً، أرسلها عبرهم إلى أصحاب القرار لعل وعسى أن تصحو ضمائرهم ويعملوا لأجل العراق والعراقيين.