كثفت الإدارة الأميركية الضغوط على الشركات الألمانية والأوروبية المشاركة في بناء خط "نورد ستريم 2" الذي من المخطط أن يزيد إمدادات ألمانيا بالغاز الطبيعي من روسيا.
وقالت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، يوم الأحد، إن مسؤولين أميركيين أجروا خلال الأيام الماضية محادثات عبر الفيديو مع المقاولين المنفذين للمشروع، لتحذيرهم من العواقب البعيدة المدى إذا ما واصلوا العمل في المشروع. وحسب الصحيفة، فإن ممثلي الشركات تلقوا أحياناً تنبيهات من نحو 12 شخصاً من ممثلي الإدارة الأميركية في وزارات الخارجية والمالية والطاقة.
وحسب الصحيفة أيضا، أوضح هؤلاء المسؤولون للمتعهدين وبنبرة ودية أنهم يريدون منع استكمال خط الأنابيب، وهو ما اعتبر تهديداً خطيراً للغاية.
وكان زير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد أعلن، الأسبوع الماضي، أن المستثمرين الأوروبيين في "نورد ستريم 2" سيتعرضون لخطر العقوبات الأميركية.
وقال بومبيو في تهديد واضح للشركات، إنه لن يتم التسامح معها وستتعرض لخطر الاستبعاد الكامل من الأسواق الأميركية وحظر دخول موظفيها إلى اميركا في المستقبل. وخلصت التهديدات الأميركية للشركات المنفذة لخط الأنابيب إلى القول "أخرجوا الآن، أو تحملوا العواقب".
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة " نويه تسوشر تسايتونغ" الألمانية أنه "من الواضح أن سياسة أميركا الخارجية تعتمد على الطاعة، وهي قد لا تفرض عقوبات حالياً، ولكنها لن تتردد في القيام بذلك في الوقت المناسب".
وفي هذا الإطار، برزت تعليقات ألمانية تفيد بأن ما تقدم عليه الإدارة الأميركية لا يمكن تفسيره إلا أنه جزء من الحملة الانتخابية الرئاسية، وهذا ما يثير ردود فعل غاضبة في ألمانيا، حيث قال وزير الخارجية هايكو ماس في وقت سابق، إن "سياسة الطاقة الأوروبية تتم في أوروبا وليس في واشنطن"، وذكر أن الإدارة الأميركية تتجاهل حق وسيادة أوروبا في تقرير أين وكيف تحصل على مواردها من الطاقة.
من جهة ثانية، حذر الوزير ماس في حوار مع صحيفتي "راينشه بوست" و"غنرال انتسايغر" الألمانيتين، نشر أمس الاثنين، من أن يتوهم البعض بأن هزيمة ترامب في الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى تحول جديد في السياسة الخارجية الأميركية، كما أكد حاجة الطرفين الأوروبي والأميركي بعضهما لبعض رغم الاختلافات في الرأي.
وفي بروكسل، أعرب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلقه من تزايد التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على الشركات والمصالح الأوروبية، رافضاً تطبيق عقوبات من قبل دولة ثالثة ضد الشركات التي تمارس أعمالاً مشروعة بدول الاتحاد الأوروبي.
ويرى محللون مختصون في العلاقات الأوروبية الأميركية أن برلين وبروكسل ليس لديهما ما تفعلانه حيال هذه التهديدات، خاصة إذا رغبت الشركات المنفذة لأنبوب الغاز الانسحاب خوفاً من العقوبات، إذ لا يمكن إجبارها على الاستمرار في العمل، لأن كلا من ألمانيا وأوروبا ليس بإمكانهما حماية هذه الشركات بشكل فعال من الأعمال الانتقامية الأميركية.
وفي رد على سؤال لصحيفة "دي فيلت"، أعربت شركة الطاقة الألمانية يونيبير، عن أسفها "لاستمرار الولايات المتحدة في محاولاتها تقويض مشروع بنية تحتية مهم لأمن الطاقة في أوروبا، واصفة الأمر بالاعتداء الواضح على السيادة الأوروبية" .
وتتواصل وزارة الخارجية الألمانية مع المقاولين المشاركين في خط البناء، كما تدرك أن الجانب الأميركي يجري محادثات مع الشركات المشاركة في المشروع.
ووصفت اللجنة الشرقية للأعمال الألمانية وحزب اليسار التهديدات بأنها نقطة دنيا في مسار العلاقات عبر الأطلسي، وقال مايكل هارمز، المدير التنفيذي للجنة الشرقية لدي فيلت، إن "تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات دون تشاور مع الحكومة الالمانية أمر جديد ومحزن".
يذكر أن ألمانيا تغطي حوالي نصف استهلاكها من الغاز الطبيعي من خلال الواردات من روسيا، وأن هذا الخط سيضاعف حجم إمداداتها من الغاز الروسي. وخلافاً لباقي الدول في الاتحاد الأوروبي الأخرى، ليست لدى برلين محطات غاز طبيعي مسال.