خلافات "المجلس الوطني الكردي" تعيق تطبيق اتفاقية دهوك

18 نوفمبر 2014
تساؤلات حول مصير قوات البشمركة السورية (Getty)
+ الخط -

تمرّ اتفاقية دهوك، الموقّعة بين "المجلس الوطني الكردي"، الموالي لأربيل، ومجلس "المجتمع الديمقراطي" التابع لحزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، بأزمة حقيقيّة، إذ أنّ الكثير من قيادات "المجلس الوطني"، لا تزال في منفاها الإجباري في إقليم كردستان العراق، فيما لم تدخل الاتفاقيّة حيّز التطبيق بعد، على الرغم من مضي أكثر من شهر على توقيعها في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويؤكّد المتحدث الرسمي باسم "المجلس الوطني الكردي"، رشيد شعبان، أنّ الخلافات الداخليّة بين أحزاب "المجلس الوطني"، تعرقل تنفيذ اتفاقية دهوك، مشيراً إلى أنّ المجلس لم يتخذ قراراً بتشكيل قوة عسكريّة. ويوضح أنّه "لم يعد سرّاً وجود عدد من الخلافات بين أحزاب المجلس الوطني الكردي، وللأسف لا تزال مستمرة، وتحول من دون تطبيق اتفاقية دهوك حتى الآن"، لافتاً إلى أنّه "على الرغم من توقيع المجلس الوطني الاتفاق مع حركة المجتمع الديمقراطي، لكنّ أحزاب المجلس لم تتفق بعد بشأن ممثليها في المرجعيّة السياسية".

وتنص الاتفاقية، وفق تصريحات نقلتها وكالة أنباء "هاوار" الكردية، عن شعبان، على وجوب "تشكيل مرجعيّة سياسيّة، تضمّ 12 ممثلاً عن المجلس الوطني الكردي و12 ممثلاً عن حركة المجتمع الديمقراطي". وفي حين عيّنت "حركة المجتمع الديمقراطي ممثليها"، لم تصل أحزاب المجلس الوطني إلى "اتفاق حول هذا الموضوع بعد"، على حدّ تعبيره.

ويكمن الخلاف، وفق معلومات خاصة بـ"العربي الجديد"، في أنّ "الحزب الديمقراطي الكردستاني ــ سورية، (جناح الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني)، الذي نشأ عن اتحاد أربعة أحزاب، "يطالب بأربعة ممثلين عنه، في حين لا يحقّ له إلا ممثلاً واحداً، أسوة ببقية الأحزاب".

وكان مجلس "المجتمع الديمقراطي"، قد توافق مع المجلس الوطني الكردي على ثلاث نقاط رئيسية وهي: "تشكيل مرجعيّة سياسيّة موحّدة في غرب كردستان، وتشكيل إدارة موحّدة لها، علماً أن تسمية غرب كردستان تُطلق على المناطق ذات الغالبية الكرديّة في سورية، بالإضافة إلى "تشكيل لجنة تخصّصيّة عسكريّة مشتركة من الطرفين".

ولا تختلف بنود اتفاقية دهوك الجديدة عن اتفاقيتي هولير الأولى والثانية، اللتين فشلتا فشلاً ذريعاً. فالمرجعيّة السياسيّة التي أقرّتها اتفاقية دهوك، ستقوم بدور الهيئة الكردية العليا في اتفاقيتي هولير، لكن الأمر الوحيد الذي تغير هو التنازلات التي قدّمها المجلس الوطني الكردي لمصلحة حزب "الاتحاد الديمقراطي"، لناحية الاعتراف بمشروع الإدارة الذاتيّة الذي أعلنه الأخير من طرف واحد. ويقسّم المشروع، المناطق ذات الغالبيّة الكرديّة في سورية، إلى ثلاثة كانتونات. كما تمنح الاتفاقيّة الشرعيّة الكاملة لقوات الحماية الشعبية التابعة لـ"الاتحاد الديمقراطي"، لتكون ممثلاً عسكرياً وحيداً للأكراد السوريين، وهو ما أكدته تصريحات شعبان، الذي نفى وجود أية فكرة بإنشاء قوات عسكرية تابعة للمجلس الوطني الكردي.

ويبدو أنّ التطبيق الكامل لاتفاقية دهوك من الناحية العمليّة، غير ممكن أساساً، إذ أنّ إنشاء مرجعيّة سياسيّة موحّدة يُعد أمراً أقرب للخيال. فإذا كانت أحزاب المجلس الوطني الكردي الموالية للإقليم، وعلى الرغم من مرجعيتها الموحّدة، غير قادرة على التوافق في ما بينها، فكيف يمكن للمجلس الوطني الكردي ومجلس "المجتمع الديمقراطي" أن ينجحا في تكوين مرجعيّة لأكراد سورية، تتجاوز الصراع التاريخي بين القوى الكردية العراقيّة، والقوى الكردية التركيّة على ورقة أكراد سورية، أي بين البرزاني وعبدالله أوجلان (بعد تراجع دور جلال طالباني إثر مرضه) وهما رمزان كبيران في النضال القومي الكردي، في وقت لم تستطع فيه الحركة الكردية السورية، وعلى مدى تاريخها، إنتاج أيّ تيّار خاص بها سوى تيار "المستقبل" الذي أصبح أقرب إلى الموت السريري بعد اغتيال قائده، مشعل تمو، في بداية الثورة السورية؟

كما يُعدّ إنشاء لجنة تخصّصيّة عسكريّة مشتركة بين الطرفين، بمثابة مطبّ آخر، على خلفيّة تأكيد شعبان بعدم وجود أية نية لدى المجلس الوطني بتشكيل قوى عسكرية تابعة له، الأمر الذي يثير التساؤل حول إمكانية التزام قوات الحماية الشعبية، التي تديرها قيادات عسكرية تابعة للعمال الكردستاني بقرارات لجنة مشتركة، في وقت بدت فيه قيادة الاتحاد الديمقراطي مصرّة على إبقاء قبضتها على كانتوناتها، برفضها إدخال أكثر من 150 عنصراً من البشمركة إلى مدينة عين العرب، على الرغم من الهجمة الشرسة التي كانت تواجهها المدينة في ظلّ احتمال سقوط وشيك.

ولا بدّ لتصريحات شعبان الأخيرة، أن تعيد فتح ملف مصير قوات البشمركة السورية التي تواتر الحديث عن قيام إقليم كردستان بتجهيزها وتدريبها من دون أي تفاصيل عن قياداتها وعديدها ومستوى تسليحها، حتى أنّ الإقليم أرسل قوات البشمركة للمساهمة في حماية مدينة عين العرب بدل تلك القوات، وفي وقت شارك فيه "العمال الكردستاني" بالدفاع عن الإقليم ضد تنظيم "داعش"، لم يُعلن أي طرف أنّ قوات البشمركة السورية قد شاركت في المعارك ضد "داعش"، ممّا يثير الكثير من الشكوك حول وجودها أساساً.