خطر الانكماش يلاحق مصارف السعودية... والحكومة تواصل الاقتراض رغم السحب من الاحتياطي

07 سبتمبر 2017
تراجع الائتمان للقطاع الخاص مقابل إقراض الحكومة (Getty)
+ الخط -
أظهر تقرير رسمي، تعرض مؤشرات الاقتصاد السعودي والمالية العامة للانخفاض نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط والتحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، مشيراً إلى أن "هناك حالة عدم يقين بشأن نتائح رؤية 2013" حالياً. 
وذكر تقرير الاستقرار المالي السنوي الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" والذي نشرته على موقعها الإلكتروني، أن مؤشرات الاقتصاد الكلي في السعودية تباطأت خلال العام الماضي 2016، مشيراً إلى أنه على الرغم من حدوث بعض الانتعاش في أسعار النفط، إلا أن الانخفاض الذي بدأ في منتصف عام 2014 كان له تأثير كبير على تطورات
المالية العامة والاقتصاد الكلي في المملكة.
ولفت التقرير الصادر نهاية أغسطس/آب، إلى أن انخفاض أسعار النفط ضغط بشكل كبير على الموقف المالي للدولة، لذلك، تم ترشيد الإنفاق الحكومي، الذي يعد المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، حيث جاء معظم الانخفاض في النفقات الرأسمالية التي تراجعت بنسبة 37% عن مستواها في عام 2015.
وبحسب "ساما" فإن التطورات الاقتصادية دفعت إلى إطلاق الحكومة رؤية 2030، التي تتكون من عدة برامج منها برنامج التحول الوطني 2020، لكنها أشارت إلى هذه الرؤية لها "أثار قصيرة الأجل" و"قد تثير عملية التحول أيضا حالة عدم يقين نظرا لاستحداث أنظمة وقواعد جديدة، لكنها "ستختفي على المدى الطويل عند التطبيق العملي للإصلاحات".
وقالت إن "السعودية ما تزال قادرة على التكيف مع الانخفاض النسبي لأسعار النفط على المدى القصير والمتوسط، فهي لا تزال تحتفظ بمستوى عال من احتياطاتها الأجنبية المتراكمة على الرغم من عمليات السحب من الاحتياطيات على مدى العامين الماضيين".
لكن بيانات سابقة صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، اطلعت عليها "العربي الجديد"، كشفت عن أن المملكة خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، ما يشير إلى المخاطر المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة الخليجية الكبرى عالمياً في تصدير النفط.
وتهاوى الاحتياطي العام للسعودية، إلى 617.3 مليار ريال (164.6 مليار دولار) في يوليو/تموز 2017، مقابل 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2014، وذلك وفق بيانات النشرة الشهرية الأخيرة لمؤسسة النقد العربي السعودي، والتي نشرتها على موقعها الإلكتروني.
وأشارت بيانات نشرة يوليو/تموز إلى أن العد التنازلي لاحتياطي السعودية بدأ مع يوليو/تموز من 2015 حينما بلغ 999 مليار ريال، ليتراجع إلى 890.6 مليار ريال في نفس الشهر من 2016، قبل أن يهوي إلى 617.3 مليار ريال في ذات الشهر من العام الحالي 2017.
وجاء تهاوي الاحتياطي، رغم ما كشفت عنه "ساما" في تقرير الاستقرار المالي، من ارتفاع اللجوء إلى الاقتراض لسد العجز المالي بدلا من السحب من الاحتياطي النقدي. وأوضحت أنه جرى "تخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية، حيث تم تمويل حوالي 34% من العجز المتراكم في السنتين الأخيرتين من خلال إصدار سندات دين محلية وأجنبية"، مشيرة إلى ارتفاع عبء الدين في نهاية 2016 إلى حوالي 13.2% من إجمالي الناتج المحلي الاسمي، مقارنة بنحو 5.8% في 2015.
وعلى الرغم من تسجيل أسعار النفط بعض التحسن خلال 2016، إلا أن عائدات صادرات النفط انخفضت بنسبة 12% مقارنة بعام 2015، مما أدى إلى انخفاض عائدات النفط، التي تشكل نحو 80% من إيرادات الحكومة، ما زاد من الضغوط على التوازن المالي وحدوث عجز في الميزانية للسنة الثالثة على التوالي.
وتسبب تمويل العجز المالي جزئياً عن طريق إصدار سندات الدين العام، في الضغط على القطاع المصرفي، حيث تراجع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص الذي زادت معدلات تعثره لاسيما في قطاع التشييد والبناء، فضلا عن ارتفاع أسعار الفائدة.
وحصلت الدولة على 10 مليارات دولار عن طريق القروض المشتركة من المصارف الدولية في إبريل/ نيسان 2016، وأصدرت أول سنداتها السيادية الدولية بمبلغ 17.5 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2016، فضلاً عن اقتراض 213.5 مليار ريال (57 مليار دولار) من مصادر محلية.
وذكر التقرير أن الأصول المصرفية تحولت نحو زيادة حيازات الدين المحلي، مما أدى إلى تراجع الائتمان الموجه للقطاع الخاص الذي كان في السابق أكبر مكون لتوسع المركز المالي للمصارف، مما يعكس أيضاً حالة التباطؤ الاقتصادي.
وقد تباطأ نمو الائتمان للشركات إلى 1.3% العام الماضي مقابل 11.6% في 2015. وفي مقابل تهاوي الائتمان الممنوح للشركات قفزت القروض الاستهلاكية للأسر وسط تزايد حالات التعثر.
وبحسب مؤسة النقد العربي السعودي، نمت القروض الاستهلاكية بنسبة 4.5% لتصل إلى 352.8 مليار ريال، ما نسبته 25.2% من إجمالي الائتمان المصرفي، متجاوزا بمعدلات فائقة نمو قطاع الشركات.
المساهمون