وقال موقع هآرتس، الذي كشف النقاب عن التقرير المذكور، إن بريك الذي ينهي قريباً مهام منصبه الذي يشغله منذ عشرة أعوام، بنى استنتاجاته على عشرات اللقاءات والمحادثات التي أجراها مع عشرات الضباط والقادة العسكريين في الجيش النظامي من مختلف أقسام الجيش وأذرعه المختلفة.
ووفقاً لشهادات الضباط والجنود، يتضح أن حالة الجيش مغايرة كلياً للصورة التي يدعيها الجنرال أيزنكوط، إذ يقول هؤلاء إن الجيش اليوم، هو بمثابة منظمة متوسطة المستوى تعاني من تآكل بفعل العبء الكبير نتيجة المهام الملقاة على عاتق الجنود، وغياب الآذان الصاغية لدى القيادات العليا في كل ما يتعلق بأزمات ومشاكل تتصل بدافعية الخدمة لدى الضباط الشبان، الذين يمتنعون في ظل الوضع في الوحدات الرئيسية، عن التوقيع على طلبات تمديد الخدمة العسكرية لفترات إضافية، وهو ما يخلق أزمة في القوى البشرية في الجيش، يحذر مفوض شكاوى الجنود في تقريره المذكور من أنها تمسّ وتضرّ بجاهزية الجيش للحرب. كذلك، فإن المفوض المذكور يقتبس، وهذا أخطر ما في تقريره، عن ضباط رفيعي المستوى يتهمون قادة الجيش بأنهم يروجون لصورة غير حقيقية وكاذبة عندما يتحدثون عن جهوزية عالية لدى الجنود والجيش، هي في الواقع تفوق الوضع الحقيقي القائم.
ويستدل من التقرير أن مفوض شكاوى الجنود يعتمد ويتبنى ادعاءات الضباط والجنود، إذ يكتب في التقرير أن قادة الجيش يدعون أنه لا مشكلة لديهم في تعيين قادة للفرق العسكرية والأسراب المختلفة يتمتعون بقدرات قيادية وبمستوى عال، بينما يشير الواقع إلى أن هذا الأمر لن يكون متوفراً في السنوات المقبلة. ويشير الجنرال بريك، بشكل صريح، إلى أن خطة غدعون الخماسية التي أقرها الجنرال أيزنكوط ونموذج الخدمة العسكرية الجديد الذي حددته الخطة، ويتيح للضباط والقادة العسكريين الخروج من الخدمة العسكرية في سن 28 أو 35 أو 42، قد فاقم الأزمة في القوى البشرية، وهو ينذر بأن الجيش سيضطر لاحقاً إلى المساومة والتنازل عن مقاييس متشددة تتصل بنوعية الضباط والقادة ليبقى الجيش مجال خدمة لضباط متوسطي المستوى. وبحسب التقرير، فإن الخطة التي قامت على إلغاء 4 آلاف ملاك من ملاكات القوات النظامية، وخفض عدد الجنود النظاميين لنحو 40 ألفاً، عدا عن تحويل الميزانيات وملاكات ثابتة لذراع السايبر والاستخبارات على حساب الجيوش والوحدات البرية، ستزيد من أزمة الجيش في السنوات المقبلة، خصوصاً أن التقليصات في الجيوش البرية زادت من العبء العسكري في المهام الجارية واليومية على جنود هذه الوحدات.
وأدى هذا الوضع الجديد إلى "تآكل في صفوف هؤلاء الجنود، وإلى تهاون وسطحية في القيام بالمهام المطلوبة إلى درجة عدم تطبيق المهام الموكلة إليهم". ويرى المفوض لشكاوى الجنود في جيش الاحتلال أن نتائج الخطة المذكورة فاقمت أيضاً الأزمة في الوحدات التكنولوجية والقتالية وحتى سلاح الطب واللوجيستية بسبب قرار قصر مدة الخدمة العسكرية الإلزامية للذكور بأربعة أشهر. وحذر الجنرال الإسرائيلي من أن هذا الدمج بين مختلف العمليات الناجمة عن تطبيق الخطة قاد إلى "تدهور خطير في قدرة الجيش على القيام بالمهام المطلوبة منه، ما أثر بالتالي على الجاهزية للحرب".
ووفقاً لصحيفة هآرتس، فإن التقرير المذكور يجسد حجم الخلاف بين الجنرال بريك وقادة الجيش الذين يرفضون استنتاجاته في كل ما يتعلق بجاهزية الجيش القتالية. وفي السياق، رد رئيس أركان الجيش، الجنرال أيزنكوط، خلال جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الأسبوع الماضي، بأن مفوض شكاوى الجنود لا يملك لا الصلاحية ولا الأدوات المناسبة لفحص منهجي لأبعاد وجوانب مختلفة من الواقع القائم في وحدات الجيش.
ويعتمد الجنرال بريك في تقريره على شهادات قادة ألوية في الجيش، أبلغه أحدهم بأن الضباط والجنود يرفضون أخيراً إبداء رأيهم بصراحة، وأن هناك نوعاً من الخوف من إبداء أي انتقادات، حتى عندما يعرض جنرالات الجيش معطيات وتصورات غير حقيقية أو غير دقيقة تتحدث عن الصورة الخارجية للجيش وليس عن وضعه الحقيقي.
إلى ذلك، يعاني جيش الاحتلال أخيراً من مشكلة زيادة نفوذ التيار الديني داخله، ورفض جنود من التيار الديني الصهيوني وحتى جنود الحريديم، الخدمة في وحدات عسكرية مختلفة، أو حتى الالتزام بتعليمات المرشدات في قواعد الجيش لكونهن من النساء، وهي ظاهرة وصلت أخيراً حتى لصفوف ضباط في سلاح الطيران الإسرائيلي، رفضوا الالتزام بتعليمات الضابطة المرشدة لهم، وأداروا لها ظهورهم.
ويعاني جيش الاحتلال في السنوات الأخيرة من ظاهرة عدم إقدام الشبان على الخدمة في الوحدات القتالية البرية، مثل غفعاتي وجولاني، وحتى سلاح الجو، وتفضيلهم الخدمة في وحدات الاستخبارات والسايبر تحديداً لما توفره هذه الخدمة لهم من فرص عمل في حياتهم المدنية بعد إنهاء الخدمة العسكرية الإلزامية.
ونقل الإعلام الإسرائيلي أخيراً أن قادة الجيش قاموا أخيراً بتنحية نجل عضو الكنيست المتطرف بتسليئل سموطريتش، من منصبه بعدما نشر على فيسبوك بياناً أعلن فيه أنه لن ينفذ أوامر "لطرد يهود من بيتهم"، في إشارة إلى إخلاء بؤر استيطانية غير قانونية.
كذلك أعلن الجيش الأسبوع قبل الماضي، عن اتخاذ خطوات تأديبية ضد ضابط درزي أعلن أنه على ضوء سن قانون القومية اليهودية، فإنه يفكر بترك الجيش ووقف الخدمة العسكرية فيه. ويخشى الجيش من تداعيات القانون المذكور على استمرار خدمة الدروز في الجيش، وخدمة بعض العشائر البدوية من الشمال والجنوب التي يخدم أبناؤها في صفوف جيش الاحتلال، وهو ما ستكون له تبعات أيضاً في وحدات قتال برية وسلاح المشاة وحرس الحدود على نحو خاص.