خصخصة الشركات الحكومية في مصر "إدارياً": خطوات متعثرة

06 مايو 2015
تراجع الإنتاجية في إدارات مصر (Getty)
+ الخط -
"خصخصة الإدارة" مُصطلح فرض نفسه بمجتمع الأعمال المصري مؤخراً، بعد أن شرعت إحدى الشركات المحلية الكبرى في إسناد إدارتها لشركة أخرى متخصصة في إدارة الاستثمارات؛ بهدف انتشالها من الاضطراب الإداري الذي سيطر عليها.

ولم تكن الشركات الحكومية بعيداً عن هذا الطرح، وتحديداً الكيانات الغارقة في الخسائر المتراكمة على مدار عشرات السنين مثل الحديد والصلب وشركات الغزل والنسيج. ويلقى نموذج خصخصة إدارة الشركات الحكومية ترحيباً واسعاً من قبل متابعي الشأن الاقتصادي المصري، خاصة بعد إعلان الحكومة مضيها في خطة تطوير هذه الشركات.

وتتمثل الخطوة الأولى بخطة التطوير، في مخاطبة وزارة الاستثمار لمجموعة من مكاتب الاستشارات المالية، لإعداد دراسة هيكلة شركات قطاع الأعمال الحكومية بغرض إغلاق فجوة الخسائر بالشركات المضطربة، إلى جانب طرح أساليب جديدة لاستغلال الأراضي والمباني الشاغرة التي تمتلكها الشركات الحكومية.


ويقترح خبراء اقتصاديون إسناد الحكومة مهام إدارة الشركات الحكومية الخاسرة إلى شركات دولية أو محلية متخصصة في نفس نشاط الشركات الحكومية، بغرض وضع خطة إدارية شاملة تتضمن مستهدفات دقيقة لخفض المصروفات وآليات تنمية الإيرادات والأرباح، وفقاً لآجال زمنية محددة. ويستند الخبراء في آرائهم الى بعد آخر يتمثل في تأكيد الحكومة المصرية أكثر من مرة عدم استعدادها لتبني النموذج التقليدي لخصخصة الشركات، عبر بيعها لمستثمرين مصريين أو أجانب.

وتعد الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج أكثر الشركات احتياجاً لتطبيق نموذج "خصخصة الإدارة"، في ظل وصول إجمالي خسائرها المتراكمة إلى قرابة 27 مليار جنيه حتى يونيو/حزيران 2013، وتسجيل 1.8 مليار جنيه خلال العام المالي 2012- 2013.

خسائر في القطاعات
يقول رجل الأعمال هشام علي لـ "العربي الجديد"، إن شركات قطاع الأعمال واجهت على مدار أكثر من 3 عقود خللاً كبيراً على صعيد الجوانب المالية والإدارية، ما يطرح بديل الخصخصة الإدارية كحل أكثر جدوى لإيقاف نزيف الخسائر الذي يضرب عدداً من الشركات الحكومية، في ظل توجه الدولة لعدم التفريط في ملكية هذه الشركات".

ويضيف "من الأفضل إسناد مهام الإدارة إلى شركات عالمية متخصصة في نفس نشاط الشركات الخاسرة، مثل شركة الحديد والصلب، كضمانة لعدم تعارض المصالح الذي قد ينشأ في حالة تكليف شركة محلية بإدارة أي من شركات قطاع الأعمال".


قطعت الحكومة شوطاً في خطة تطوير الحديد والصلب بالتعاقد مع شركة "تاتا ستيل" الإنجليزية لإعداد دراسة إعادة الهيكلة، والتي انتهت منها أغسطس/آب الماضي باقتراح خطة تطوير، تبلغ تكلفتها 367 مليون دولار.

وتأتي خطة التطوير في ظل ارتفاع خسائر الشركة خلال العام المالي 2013- 2014 إلى 1.254 مليار جنيه، مقارنة بخسائر قدرها 867 مليون جنيه في العام المالي الماضي.

وحسب وزير الاستثمار أشرف سلمان، فإن الوزارة قد عقدت اجتماعاً مطلع شهر يناير/كانون الثاني الماضي مع عددٍ من المكاتب الاستشارية المقيدة بالهيئة العامة للرقابة المالية، لتقديم تقييم مبدئي استرشادي لأوضاع شركات قطاع الأعمال، بغرض وضع مؤشرات أداء عقب إرسال الوزارة المعلومات الكاملة الخاصة بكل شركة لمكاتب الاستشارات لبدء التقييم.

من جهتها، تقول رشا محمود رئيس إدارة الاستثمار بإحدى الشركات المحلية، "هناك العديد من الكيانات المتخصصة في إدارة الشركات بالكامل"، ويمكن لهذه المنشآت أن تكون متخصصة في الإدارة فقط مثل السياحة والضيافة والمستشفيات.

وترهن محمود نجاح تجربة خصخصة الإدارة بالسماح لـ "شركة الإدارة" بممارسة صلاحيات كاملة، تمكنها من مواجهة عقبات البيروقراطية المعروفة في الشركات الحكومية.

وترى محمود أنه من الأفضل أن تحصل شركة الإدارة على أتعابها نقداً، دون التطرق إلى امتلاك أسهم تماشياً مع خطة الحكومة في عدم إجراء خصخصة بيعية لشركاتها.

وتزداد أهمية وضع خطة دقيقة لعقود الإدارة، في ظل ضم قطاع الأعمال العام 125 شركة تقدر أصولها من المعدات والأراضي بنحو 80 مليار جنيه، وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن وزارة الاستثمار.

برامج تأهيل العمالة

ولا يمكن الترحيب بطرح فصل الملكية عن الإدارة بالشركات الحكومية 100%، بسبب وجود مصاعب كبيرة في طريق التطبيق العملي، فيشير الخبير الاقتصادي محمد عمارة إلى أن ثقافة العمل في الشركات الحكومية وبيروقراطية قانون 203 الذي ينظم عملها سيكونان العقبة الرئيسية في نجاح التجربة. ويضيف لـ "العربي الجديد" أن تغيير ثقافة العمل يتطلب عقد برامج تدريب إدارية ومهنية للعاملين، للتأقلم مع فلسفة عمل القطاع الخاص. ويشرح أن البرامج ينبغي أن تشمل خطة لإعادة توزيع العمالة خلال فترة زمنية محددة، وفقاً للمهارات الفنية والإدارية من جانب واحتياجات العمل من جانب آخر.

ويلفت عمارة إلى أن خصخصة الإدارة حققت نجاحاً في الولايات المتحدة الأميركية تحت مفهوم "out sourcing"، ما يعطي أملاً في إمكانية نجاح التجربة في مصر.

إقرأ أيضا: 230 مليار دولار استثمارات الصندوق السيادي السعودي
المساهمون