أسماك اليمن (فرانس برس)
14 سبتمبر 2020
+ الخط -

يعيش الصيادون في السواحل الغربية من اليمن في حالة رعب خوفاً على أعمالهم وسبل عيشهم، بسبب ما يثار من تحذيرات حول وضعية ناقلة صافر العائمة في ميناء رأس عيسى النفطي بالحديدة وما يمثله هذا الخزان العائم من خطر على البيئة البحرية في سواحل البحر الأحمر.
وتتواصل حملة التحذيرات المحلية والدولية من وضعية الناقلة المتهالكة التي تحتوي على نحو مليون ومئتي ألف برميل من الوقود، أي حوالي 150 ألف طن مخزنة في عرض البحر منذ مارس/ آذار 2015، إذ تؤكد مصادر عديدة مطلعة حدوث تسرب محدود مؤخراً من جهة خزان المياه مع تقادم جميع أجزاء السفينة التي تحمل كميات من النفط الخام كانت معدة للتصدير.
التحذيرات المتصاعدة والحملة التي تقودها الأمم المتحدة لا تعبّر فقط عن وضعية الخزان بل توضح أيضاً العقبات التي تقف أمام جهود تخفيف المخاطر التي يشكلها. 
وتؤكد تقارير رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد" أن الأضرار البيئية جراء رمي الملوثات المختلفة في السواحل والمياه اليمنية تسببت في خسائر بنحو 420 مليون دولار.
في السياق، عبر الصياد في الساحل الغربي لليمن، وديع ناشر، عن قلقة العميق من فقدان مصدر رزقه الوحيد الذي تحمّل لأجله تبعات حرب وقصف جوي لطيران تحالف "السعودية والإمارات" وحاول، بحسب حديثه لـ"العربي الجديد"، ومن تبقى من الصيادين العاملين في سواحل البحر الأحمر اليمنية الصمود والبقاء لأنه لا ملجأ آخر لهم بعد سنوات طويلة من العمل في البحر لصيد الأسماك وأصبح وضعهم كما يصفه هذا الصياد يشبه السمكة التي تفقد حياتها إذا تركت البحر.

ويتميز اليمن بمقومات اقتصادية مهمة في هذا القطاع الواعد والذي يعاني من التدمير والإهمال، إذ ينتشر في مياه وسواحل البلد المتخم بالفقر والبطالة نحو 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية ومخزون سمكي يسمح باصطياد ما بين 350 – 400 ألف طن سنوياً، جزء كبير منها تنتشر على شواطئ ومياه البحر الأحمر المهددة بالتلوث والقضاء عليها في حال حدوث تسرب في خزان صافر.

الصياد في سواحل الحديدة غرب اليمن، حمدي مخلوس، يوضح أن ما يثار من تحذيرات والتهديد الذي يشكله خزان صافر في رأس عيسى وتصاعد الأنباء التي تؤكد وقوع تسرب محتمل من هذه الناقلة، تشكّل لهم هاجساً يومياً منذ مطلع العام الحالي، تحديداً لأن التحذيرات قد تصل إلى منعهم من العمل والخروج للاصطياد كأجراء وقائي وهو إجراء قد يكون كارثياً في حال تم اتخاذه.
هذا الأمر، وفق قوله لـ"العربي الجديد"، ينعكس على عملهم وإنتاجيتهم في ظل انعدام مختلف مصادر الدخل الأخرى المتاحة وغياب أي جهود إغاثية في كثير من هذه المناطق التي تعاني من الفقر والجوع.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الناقلة التي لم تتم صيانتها منذ بداية الحرب في اليمن عام 2015 قد تتسبب في حدوث تسرب نفطي كبير أو انفجار أو حريق قد تكون له عواقب بيئية وإنسانية وخيمة على اليمن والمنطقة.
وحسب خبراء، إذا حدث تسرب خلال الشهر المقبل فسيتضرر حوالي 1.6 مليون يمني بشكل مباشر في المناطق الساحلية، مثل حجة وتعز إلى جانب الحديدة، ومعظم سكان هذه المجتمعات يحتاجون أصلاً إلى أي نوع من المساعدات الإنسانية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي المقابل، يرى رئيس إحدى الجمعيات السمكية، محمود وهبان، أن تهديد خزان صافر يضاف إلى مجموعة من التهديدات والأضرار التي استهدفت مصدر رزق آلاف من الصيادين وساهمت في تكبد القطاع السمكي خسائر باهظة مع توقف التصدير وتدمير عدد كبير من قوارب الصيد ومراكز الإنزال السمكي.
ويشدد وهبان في حديثه لـ"العربي الجديد" على أهمية التوافق بين طرفي الحرب في اليمن والأمم المتحدة على إيجاد حل عاجل والتوقف عن المزايدة والتعامل مع هذا الخطر كورقة في الصراع الراهن، وصيانة السفينة التي تشكل وضعيتها الراهنة مصدر تهديد وقلق لكل العاملين في الاصطياد السمكي.
ويدور صراع طفى على السطح مؤخراً، بين الحكومة اليمنية والحوثيين، حول الكمية من النفط الخام الذي تحمله سفينة صافر المهددة بخطر التسرب، وتصل عائدات حمولتها النفطية في حال تم تسويقها وبيعها إلى نحو 50 مليون دولار.
ويقدر تقرير صادر حديثاً خسائر القطاع السمكي بسبب الحرب بنحو 6.7 مليارات دولار، إضافة إلى خسائر في البنية التحتية بحوالي 13 مليون دولار في بعض الموانئ الغربية وتدمير حوالي 11 مركز إنزال سمكي بشكل كلي.
بدوره يؤكد الخبير في علوم البيئة البحرية بجامعة الحديدة، هاني العمدي، عدم وجود أي دراسات وأبحاث دقيقة تحدد المدى الذي قد يصل إليه الضرر في حال حدوث تسرب أو انفجار من الناقلة العملاقة المتروكة في ميناء رأس عيسى النفطي المستخدم من قبل شركة صافر اليمنية في تصدير النفط من الحقول المنتجة في المناطق الشرقية لليمن.
لكنه يشير في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن البيئة البحرية في هذه السواحل اليمنية عرضة للرياح الموسمية والعواصف البحرية والتي قد تشكل تهديداً يساهم في تسريع انتشار الأضرار ووصولها إلى أبعد مدى في حال حدوث أي تسرب محتمل للنفط من خزان صافر العائم.

المساهمون