ظلّ التيار السلفي في الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، ولعقودٍ عدة، موضع غموض بشأن قوته وقدرته على الحشد وتوجيه المواطنين، خصوصاً مع اكتفاء الغالبية العظمى من مكوّناته، بالعمل الدعوي في المساجد فقط، مرات لأسباب تعود لرؤى فقهية، ومرات بسبب توازنات أو تفاهمات مع الأنظمة الحاكمة. وأدّت العزلة التي ارتضاها غالبية التيار السلفي إلى تشكّل صورة نمطية عنهم، تُغفل تنوعّهم الحقيقي، وتُظهرهم وكأنهم كتلة واحدة غير قابلة للفرز أو التصنيف.
وقد صنّف السواد الأعظم من السلفيين ثورة يناير بمثابة "خروج على الحاكم وخراب على البلد"، باستثناء تيار ما يُعرف بـ"السلفية الحركية"، وهي مدرسة سلفية تعمل بين منهجين في وقت واحد: تمارس الدعوة بين الناس مستغلّة التوافق مع الحاكم من ناحية، ولا تُسقط فريضة الجهاد على نفس الحاكم من ناحية أخرى.
كما امتنع أبناء "الدعوة السلفية" بالإسكندرية، وأبناء "مدرسة السلفية العلمية"، التي يمثلها عدد من أبرز المشايخ وهم: أبو إسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، ومصطفى العدوي، ومحمد حسان، عن المشاركة في الثورة. ويكشف عدد الأحزاب التي أسسها السلفيون عقب الثورة، حجم الاختلافات بين أبناء هذا التيار، حتى وصل عدد الأحزاب التي أسسوها في حينه إلى 5 أحزاب.
وبعد أقلّ من شهرين على الثورة، جاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 9 مارس/ آذار 2011، الذي شارك فيه التيار السلفي للمرة الأولى رسمياً من خلال الدعوة والحشد للتصويت بـ"نعم" في مواجهة القوى المدنية، التي كانت تحشد للتصويت بـ"لا".
وكما شهد الاستفتاء أول مشاركة سياسية للتيار السلفي، فقد كان نقطة تحوّل أيضاً، بفعل بدء التمايز بين أبناء ذلك التيار، من خلال تأسيس أحزاب سياسية تحمل فكر المجموعات المختلفة في التيار السلفي. وعلى وقع هذه التمايزات، تشكّلت أحزاب عدة، ومنها حزب "النور" السلفي، الذي يُعدّ الذراع السياسي لـ"الدعوة السلفية" بالإسكندرية ومحافظات غرب الدلتا مثل البحيرة ومرسى مطروح. كما تشكّل حزب "الإصلاح والنهضة"، في 17 يوليو/ تموز 2011، بعدما قبلت لجنة "شؤون الأحزاب" أوراق تأسيسه، ليرأسه هشام مصطفى عبد العزيز.
اقرأ أيضاً: مصر: النظام ينهي تفاهمات رفع الولاية الرئاسية لـ6 سنوات
كما تأسس حزب "الأصالة" على يد الشيخ محمد عبد المقصود، أحد أبرز رموز مدرسة "السلفية الحركية" المتمركزة بالقاهرة. وترأس الحزب في البداية شقيقه اللواء عادل عبد المقصود، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قبل أن يتم إجراء تعديلات على الحزب بعد حلّ برلمان 2012، بقرار من المحكمة الدستورية العليا. ويتولى إيهاب شيحة رئاسة الحزب حتى اليوم.
أما حزب "الفضيلة"، فتأسس في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، ويعتمد على مجموعة من الشباب السلفي، في مقدمتهم محمود فتحي، رئيس الحزب الحالي، ومحمد عبده إمام، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، وخالد سعيد، المتحدث باسم "الجبهة السلفية"، والناشط حسام أبو البخاري، ويسير الحزب على الخط العام نفسه لحزب "الأصالة".
مولود حزبي جديد ينتمي للتيار السلفي، وهو حزب "الإصلاح"، الذي يتبنّى المنهج السلفي من منظور بعض مشايخ السعودية، ويرأسه البرلماني السابق عطية عدلان. وهو الحزب السلفي الوحيد الذي شارك "الإخوان المسلمين" في تحالفهم الانتخابي لبرلمان 2012.
كما تشكّل حزب "الوطن" على وقع انشقاق رئيس حزب "النور" السابق عماد عبد الغفور وقتها، والذي كان يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية، عن الحزب بصحبة مجموعة كبيرة من أبرز قيادات "الدعوة السلفية"، مثل يسري حماد ومحمد نور وراضي شرارة وأحمد بديع.
وقد تباينت مواقف الأحزاب والتكتلات السياسية بشأن التعامل مع "الإخوان المسلمين" والرئيس المعزول محمد مرسي، ففي الوقت الذي تكتلت فيه معظم الأحزاب والتيارات السلفية (الفضيلة والأصالة والإصلاح والوطن)، بالإضافة إلى "الجبهة السلفية" خلف مرسي، في وجه "جبهة الإنقاذ" التي شكلتها القوى المدنية، اصطف "النور" مع "الجبهة" معلناً العصيان في وجه مرسي. قبل أن يعلن مشاركته في انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013 بشكل واضح، في حين استمرت باقي القوى السلفية في تحالفها مع جماعة الإخوان خلف الرئيس المعزول، وشاركت في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
تغيّر المشهد السلفي في ممارسة العمل السياسي بشكل كبير عقب 30 يونيو/ حزيران، وبات التيار السلفي أكثر تشتتاً وضعفاً. تحوّل "النور" ومعه "الدعوة السلفية"، من قوة انتخابية لا يستهان بها، ترهب كافة منافسيها، إلى منافس ضعيف تلقّى هزيمة قاسية في معاقله الانتخابية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وقد خسرت قائمته الانتخابية في مواجهة قائمة "في حب مصر" المدعومة من أجهزة الدولة في قطاع غرب الدلتا، في حين لم يتمكن سوى ثمانية من مرشحيه فقط من الفوز بمقاعد فردية. وسار على خطى "النور"، حزب "الإصلاح والنهضة"، الذي تبرّأ من توجهه الإسلامي، ليؤكد أنه حزب مدني، وشارك في الانتخابات، إلا أنه لم يفز بأي مقعد.
وعلى صعيد باقي التكتلات والأحزاب السلفية، فقد تحوّل معظمها لمجرد رموز شخصية معبّرة عن كل حزب، بعد اضطرار معظمهم للخروج من مصر مطارَدين، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وموقفهم الرافض للانقلاب. وفي مقدمة هؤلاء: رئيس حزب "الفضيلة" محمود فتحي، ورئيس حزب "الأصالة" إيهاب شيحة، وأحد الرموز السلفية بالقاهرة محمد عبد المقصود. وفي ما يتعلق برموز "السلفية العلمية"، فقد التزم كل من الشيخ محمد حسان وأبو أسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب، الصمت تماماً، رافضين الدخول في صدام مع النظام السياسي بدعوى فقهية وهي تجنب الفتنة.
في مقابل مشهد السلفيين المنخرطين في العمل السياسي، ظلّت هناك تشكيلات سلفية رافضة لممارسة أي عمل حزبي أو سياسي، حتى عقب ثورة 25 يناير. من أبرز هؤلاء، "جمعية أنصار السنة المحمدية"، التي تأسست عام 1926، بهدف "محاربة الشرك والبدعة في كل صورها، ومواجهة تسلّط الصوفيين على المناحي الفكرية والمؤسسات الدينية".
وعلى الرغم من أن للجمعية موقفاً واضحاً من تحكيم الشريعة، وأنها تعتبر أن "الحكم بغير ما أنزل الله هلكة في الدنيا وشقاء في الآخرة"، إلا أنها لا تمارس السياسة مطلقاً، وترفض التحزّب، وتتخذ موقفاً سلبياً من المشاركة في الانتخابات، وإنْ لم تحرّمها. وتعتبر الجمعية منبراً لأغلب الدعاة السلفيين المستقلين.
ومن التشكيلات السلفية أيضاً: "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنّة"، التي ابتعدت تماماً عن المشاركة في أي عمل سياسي منذ تأسيسها عام 1911، مكتفيةً في مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها البلاد بالعمل الدعوي والخدمي، وتمكنت من توسيع نشاطها، حتى بات لها حوالي 350 فرعاً في أنحاء مصر، وتدير 38 معهداً، موزعة على 12 محافظة، لإعداد الدعاة من الرجال والنساء. وتدير شبكة كبيرة من المشروعات الاجتماعية، منها كفالة اليتيم ورعاية الأرامل وتيسير الزواج، ومشروعات استضافة الفتيات المغتربات، ومشروعات علاجية إضافة لأنشطة متعلقة بمحو أمية الكبار، ومدارس تحفيظ القرآن.
اقرأ أيضاً: شراء الأصوات يسيطر على اليوم الثاني من الانتخابات المصرية
وقد صنّف السواد الأعظم من السلفيين ثورة يناير بمثابة "خروج على الحاكم وخراب على البلد"، باستثناء تيار ما يُعرف بـ"السلفية الحركية"، وهي مدرسة سلفية تعمل بين منهجين في وقت واحد: تمارس الدعوة بين الناس مستغلّة التوافق مع الحاكم من ناحية، ولا تُسقط فريضة الجهاد على نفس الحاكم من ناحية أخرى.
كما امتنع أبناء "الدعوة السلفية" بالإسكندرية، وأبناء "مدرسة السلفية العلمية"، التي يمثلها عدد من أبرز المشايخ وهم: أبو إسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، ومصطفى العدوي، ومحمد حسان، عن المشاركة في الثورة. ويكشف عدد الأحزاب التي أسسها السلفيون عقب الثورة، حجم الاختلافات بين أبناء هذا التيار، حتى وصل عدد الأحزاب التي أسسوها في حينه إلى 5 أحزاب.
وبعد أقلّ من شهرين على الثورة، جاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 9 مارس/ آذار 2011، الذي شارك فيه التيار السلفي للمرة الأولى رسمياً من خلال الدعوة والحشد للتصويت بـ"نعم" في مواجهة القوى المدنية، التي كانت تحشد للتصويت بـ"لا".
اقرأ أيضاً: مصر: النظام ينهي تفاهمات رفع الولاية الرئاسية لـ6 سنوات
كما تأسس حزب "الأصالة" على يد الشيخ محمد عبد المقصود، أحد أبرز رموز مدرسة "السلفية الحركية" المتمركزة بالقاهرة. وترأس الحزب في البداية شقيقه اللواء عادل عبد المقصود، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قبل أن يتم إجراء تعديلات على الحزب بعد حلّ برلمان 2012، بقرار من المحكمة الدستورية العليا. ويتولى إيهاب شيحة رئاسة الحزب حتى اليوم.
أما حزب "الفضيلة"، فتأسس في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، ويعتمد على مجموعة من الشباب السلفي، في مقدمتهم محمود فتحي، رئيس الحزب الحالي، ومحمد عبده إمام، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، وخالد سعيد، المتحدث باسم "الجبهة السلفية"، والناشط حسام أبو البخاري، ويسير الحزب على الخط العام نفسه لحزب "الأصالة".
مولود حزبي جديد ينتمي للتيار السلفي، وهو حزب "الإصلاح"، الذي يتبنّى المنهج السلفي من منظور بعض مشايخ السعودية، ويرأسه البرلماني السابق عطية عدلان. وهو الحزب السلفي الوحيد الذي شارك "الإخوان المسلمين" في تحالفهم الانتخابي لبرلمان 2012.
كما تشكّل حزب "الوطن" على وقع انشقاق رئيس حزب "النور" السابق عماد عبد الغفور وقتها، والذي كان يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية، عن الحزب بصحبة مجموعة كبيرة من أبرز قيادات "الدعوة السلفية"، مثل يسري حماد ومحمد نور وراضي شرارة وأحمد بديع.
وقد تباينت مواقف الأحزاب والتكتلات السياسية بشأن التعامل مع "الإخوان المسلمين" والرئيس المعزول محمد مرسي، ففي الوقت الذي تكتلت فيه معظم الأحزاب والتيارات السلفية (الفضيلة والأصالة والإصلاح والوطن)، بالإضافة إلى "الجبهة السلفية" خلف مرسي، في وجه "جبهة الإنقاذ" التي شكلتها القوى المدنية، اصطف "النور" مع "الجبهة" معلناً العصيان في وجه مرسي. قبل أن يعلن مشاركته في انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013 بشكل واضح، في حين استمرت باقي القوى السلفية في تحالفها مع جماعة الإخوان خلف الرئيس المعزول، وشاركت في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
تغيّر المشهد السلفي في ممارسة العمل السياسي بشكل كبير عقب 30 يونيو/ حزيران، وبات التيار السلفي أكثر تشتتاً وضعفاً. تحوّل "النور" ومعه "الدعوة السلفية"، من قوة انتخابية لا يستهان بها، ترهب كافة منافسيها، إلى منافس ضعيف تلقّى هزيمة قاسية في معاقله الانتخابية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وعلى صعيد باقي التكتلات والأحزاب السلفية، فقد تحوّل معظمها لمجرد رموز شخصية معبّرة عن كل حزب، بعد اضطرار معظمهم للخروج من مصر مطارَدين، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وموقفهم الرافض للانقلاب. وفي مقدمة هؤلاء: رئيس حزب "الفضيلة" محمود فتحي، ورئيس حزب "الأصالة" إيهاب شيحة، وأحد الرموز السلفية بالقاهرة محمد عبد المقصود. وفي ما يتعلق برموز "السلفية العلمية"، فقد التزم كل من الشيخ محمد حسان وأبو أسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب، الصمت تماماً، رافضين الدخول في صدام مع النظام السياسي بدعوى فقهية وهي تجنب الفتنة.
في مقابل مشهد السلفيين المنخرطين في العمل السياسي، ظلّت هناك تشكيلات سلفية رافضة لممارسة أي عمل حزبي أو سياسي، حتى عقب ثورة 25 يناير. من أبرز هؤلاء، "جمعية أنصار السنة المحمدية"، التي تأسست عام 1926، بهدف "محاربة الشرك والبدعة في كل صورها، ومواجهة تسلّط الصوفيين على المناحي الفكرية والمؤسسات الدينية".
وعلى الرغم من أن للجمعية موقفاً واضحاً من تحكيم الشريعة، وأنها تعتبر أن "الحكم بغير ما أنزل الله هلكة في الدنيا وشقاء في الآخرة"، إلا أنها لا تمارس السياسة مطلقاً، وترفض التحزّب، وتتخذ موقفاً سلبياً من المشاركة في الانتخابات، وإنْ لم تحرّمها. وتعتبر الجمعية منبراً لأغلب الدعاة السلفيين المستقلين.
ومن التشكيلات السلفية أيضاً: "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنّة"، التي ابتعدت تماماً عن المشاركة في أي عمل سياسي منذ تأسيسها عام 1911، مكتفيةً في مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها البلاد بالعمل الدعوي والخدمي، وتمكنت من توسيع نشاطها، حتى بات لها حوالي 350 فرعاً في أنحاء مصر، وتدير 38 معهداً، موزعة على 12 محافظة، لإعداد الدعاة من الرجال والنساء. وتدير شبكة كبيرة من المشروعات الاجتماعية، منها كفالة اليتيم ورعاية الأرامل وتيسير الزواج، ومشروعات استضافة الفتيات المغتربات، ومشروعات علاجية إضافة لأنشطة متعلقة بمحو أمية الكبار، ومدارس تحفيظ القرآن.
اقرأ أيضاً: شراء الأصوات يسيطر على اليوم الثاني من الانتخابات المصرية