رغم الظروف القاهرة التي ألمّت بسورية، أرضاً وشعباً، أصرّت الدراما السورية على البقاء ومتابعة الإنتاج، بل صار الاستمرار، اليوم، جزءاً من صمود الشعب السوري، وثورة فنية في وجه القتل والقمع الدموي لحلم انقضّ العالم بأسره لافتراسه.
لجأ أهل الدراما السورية إلى عدد من الحلول لأجل النجاة والصمود، عارفين أنّهم لن يحافظوا على الوتيرة السابقة من الإنتاج قبل الثورة، مصمّمين على الاستمرار في أعمال معدودة لا تنحرف عن المستوى المعهود، وكان من أفضل الحلول انتقال التصوير إلى خارج الحدود السورية.
أبرز الأماكن البديلة كانت الثالوث العربي: بيروت ودبي والقاهرة. وقد حاول السوريون تطويع الفوارق التي سبّبها الانتقال الجغرافي، سواء عبر الاستفادة من الموارد البشرية المحلية أو الميزات الجغرافية أو الاختلاف الثقافي لأجل إثراء نتاجهم إبداعياً.
ومع تصوير مسلسل "وجوه وأماكن" للمخرج القدير، هيثم حقّي، في مرسين وغازي عنتاب، تنضمّ تركيا إلى خريطة المواقع الجغرافية التي تجتذب صنّاع الدراما السوريين، مدعّمة بالتسهيلات اللوجستية التي توفّرها السلطات التركية.
ولكن الأمور محفوفة بمخاطر عدّة، ليس أوّلها خطورة التنقّل بين سورية وتركيا، وليس آخرها ما يتهدّد من ينوي العودة إلى مناطق حكم النظام السوري، إذ تتوارد أخبار عن مضايقات، متفاوتة الدرجة، يتعرض لها ممثلون وفنّيون يشاركون في أعمال فنّية خارج البلاد باعتبارهم يتعاملون مع دول "عدوّة" كما تصفها أوساط النظام البعثي.