خربة الطيرة بفلسطين: مرقد إسطفانوس أوّل شهيد في المسيحيّة

27 اغسطس 2015
المنطقة محط أنظار باحثين وعلماء آثار(عباس موماني/ أ.ف.ب)
+ الخط -
قبل ثلاث سنوات، بدأ فريق من جامعة القدس أبو ديس، بقيادة مدير مشروع التنقيب في المعهد العالي للآثار بالجامعة، البروفسور صلاح الهودلية، بالتنقيب في خربة الطيرة، المعروفة قديماً بخربة "غلما"، الواقعة داخل حي الطيرة في الجزء الغربي من مدينة رام الله، للكشف عن تاريخ المنطقة الأثرية.

توّجت الجامعة تنقيبها بالكشف عن رفات ثلاثة قديسين، عثر المنقبون على بقايا عظامهم بوضع ممتاز، في مقبرة مكونة من ثلاثة مدافن، داخل الكنيسة الشرقية في الموقع، والتي كشف المنقبون عنها مع كنيسة ثانية في الخربة. وتعود رفات الرهبان إلى الفترة ما بين القرن الخامس الميلادي والثامن الميلادي.

وقال البروفسور صلاح الهودلية، الذي يدير مشروع الحفريات في خربة الطيرة منذ العام 2013، لمراسل "العربي الجديد"، إن "الخربة المكتشفة بدأت الحياة فيها من الفترة اليونانية وحتى نهاية الفترة الأموية، أي من القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الثامن ميلادي، وعثرنا فيها أثناء التنقيب، على العديد من المعالم التاريخية والأثرية بالغة الأهمية".

اقرأ أيضاً: ريم البنّا: فرضي لحقيقتي خفّف وطأة "ذبحي"

وأضاف الهودلية "من أهم المعالم، كشفنا عن كنيستين في الموقع تعودان للفترة البيزنطية، وحسب الشواهد الأثرية التي تشتمل على قطع نقدية وآنية فخارية، فإن الكنيستين بنيتا في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، واستمر استخدامهما حتى منتصف القرن الثامن للميلاد".

ويعتقد الباحثون من جامعة القدس أبو ديس، أن الكنيستين، بالإضافة للمباني الأخرى التي تم الكشف عنها في الخربة، والتي تتكوّن معظمها من طابقين، قد دُمرت في الزلزال المدمر الذي أصاب بلاد الشام عام 749 ميلادياً.

واكتشاف الكنيستين في المكان ألهم الباحثين والمنقبين، ليس فقط للكشف عن رفات الرهبان الثلاثة، الذين تم تسليمهم إلى كنيسة الروم الأرثوذكس في رام الله، بل تم العثور على أشياء أخرى، ربما أكثر أهمية. ومن بين هذه الأشياء القيّمة، يقول الهودلية "عثرنا على نقش مكتوب باللغة اليونانية، يشير إلى زيارة المسيح للمكان.

إذ أشارت الحفريات الجارية إلى قيام القديسة (ديانا) ببناء الكنيسة الغربية تقديراً لمرور المسيح في المنطقة، وهذا يدعم أقوال المؤرخين إن المسيح قد ضل طريقه لمدة يومين أو ثلاثة ووصل إلى مدينة البيرة ومن ثم إلى رام الله. وهناك دلائل على أن القديس اسطفانوس (وهو أول شهيد في المسيحية) مدفون في خربة الطيرة".

اقرأ أيضاً: خبز الصاج: من ترفٍ تراثيّ إلى ضرورة للعيش

كما عثر فريق جامعة القدس أبو ديس، في الكنيسة الشرقية من الموقع، على أرضيات فسيفسائية تشبه تماماً أرضيات كنيسة المهد في بيت لحم، ما يدل على أن الكنيستين بنيتا في آن واحد، ويقوم الآن مركز الفسيفساء في أريحا، المختص بترميم الأرضيات الفسيفسائية، بترميم أرضيات الكنيسة المكتشفة في خربة الطيرة.

وقال رائد خليل، من مركز الفسيفساء في أريحا "نعمل على تثبيت قطع الفسيفساء في الأرضيات. إنه موقع مذهل، وأعتقد أنه من المواقع رقم واحد في فلسطين، حيث إنه مكان متكامل من المعلومات إلى البناء والفكر العلمي فيه".

والشيء المميّز في خربة الطيرة بالنسبة لخبير الترميم رائد خليل أنه "في العادة يتم التنقيب لأخذ معلومة، وهنا في خربة الطيرة، أخذ فريق جامعة القدس معلومات مهمة من الموقع، وأكمل مشروعه لترميم المكان والإبقاء عليه لفترة زمنية أطول".

وفضّلت كنيسة الروم الأرثوذكس عدم الحديث عن رفات القديسين الثلاثة، إلى أن يعود راعي الكنيسة الأب الياس عواد من رحلته في روسيا، وكانت الكنيسة، بالإضافة لبلدية رام الله، ووزارة السياحة والآثار الفلسطينية، قد تعاونوا مع فريق جامعة القدس في مشروع الحفريات بخربة الطيرة.

اقرأ أيضاً: حكواتي: أكره "سجن" مريول المدرسة

ومن المتوقع أن تكون الخربة محط أنظار الباحثين والسياح الأجانب، نظراً لأهمية المعلومات التي وصل إليها فريق التنقيب الفلسطيني في جامعة القدس أبو ديس، والذي سيكمل بحثه الآن عن رفاة الشهيد الأول في المسيحية، إسطفانوس، الذي تتحدث الروايات عن أن "اليهود قتلوه بعد صلب المسيح بفترة قليلة، حيث قاموا برجمه حتى الموت وهو يقول "يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية"، ويتوقع حدوث ذلك في سنة 35 للميلاد.

وكان رئيس العلاقات العامة في بلدية رام الله قد أشار في وقت سابق، إلى أن اكتشافات منطقة خربة الطيرة ستساهم بشكل كبير في وضع رام الله على خارطة السياحة الدينية العالمية، جاء ذلك خلال ورشة عمل عقدتها خبيرة السياحة الهولندية مارغريت روسيت، لتفعيل مساهمة القطاع الخاص الفلسطيني في السياحة والمناطق الأثرية بشكل عام داخل مناطق السلطة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: الصهيوني ماتيسياهو غنّى بإسبانيا على وقع اعتراض الجمهور
دلالات
المساهمون