وتقول الخبيرة الاجتماعية زينب بنت أمحمد، إن "خفاض (ختان) البنات لا يزال سائداً بقوة بين سكان الريف، نتيجة التقاليد المتجذرة في عمق المجتمع الموريتاني، والنظرة السائدة تجاه تلك العادة منذ زمن، لذلك من النادر في الوقت القريب أن توجد فتاة لم تتعرّض له".
وتضيف بنت أمحمد لـ"العربي الجديد" أن "ظاهرة الخفاض ضاربة بقوة في تاريخ المجتمعات الموريتانية، كرّستها العادات والتقاليد، وباتت من أكثر الظواهر استعصاء على الحل، على الرغم من الحملات الحكومية والتوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تحرّمها وتطالب بالقضاء عليها".
ولفتت بنت أمحمد إلى أن "العادات والتقاليد في موريتانيا تكرّس الظاهرة وتدعم استمرارها ،على الرغم من اعتبارها عيباً وممارسة غير مرغوب فيها شرعاً، ما يضفي عليها طابعاً شرعياً وبأنها بمثابة مانع للفتاة من أي انحراف جنسي خارج نطاق المألوف، وهو ما لقي استحسان كثيرين داخل المجتمع ومنح الظاهرة قوة للاستمرار".
وتستذكر فاطمة (سيدة تعرّضت سابقاً للختان) المشهد المرعب للختان وهي في سن السابعة من العمر، حين اقتادها ذووها إلى إحدى العاملات في مجال "الخفاض"، لإزالة جزء من عضوها التناسلي، كتطبيق للعادات والتقاليد السائدة في البلد.
وتقول لـ "العربي الجديد" إن "حادثة "الخفاض" التي تعرضت لها في الصغر لا تزال عالقة في ذاكرتها، لما تحمله من قسوة واعتداء على جسدها، مطالبة الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والأئمة والفقهاء في موريتانيا بتكريس جهودهم وتوحيدها للقضاء على الظاهرة التي لا تزال منتشرة على نطاق واسع في المجتمع".
وتؤكد الخبيرة الاجتماعية زينب أمحمد أن "الخفاض، أي الختان، لا يزال سائداً بقوة بين سكان الريف الموريتاني، حيث تتعرض له معظم البنات حديثات الولادة، خصوصاً تلك التي تجرى خارج المستشفيات الكبرى والمراكز الصحية التي لا تغطّي أكثر مدن وقرى البلاد".
وتقول وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة بموريتانيا إن "ظاهرة ختان الإناث سجلت تراجعاً من 72 في المائة إلى 69.6 في المائة، وفق إحصاءات عام 2016، خلال فترة لا تتجاوز أربع سنوات، بسبب الحملات الرسمية ومساندة جمعيات وهيئات المجتمع المدني للقضاء عليها".
وتؤكّد أن "الجهود الرامية للقضاء على ظاهرة خفاض البنات تكلّلت بالنجاحات، وبرزت عقب التخلي الطوعي عن إجراء الختان في نحو 55 قرية وبلدة داخل موريتانيا".
وقال الأمين العام لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة بموريتانيا محمد محمود ولد أحمد ولد سيدي يحي، إن النتائج المسحية الأخيرة تشير إلى تراجع ممارسة ختان الفتيات، مسجلة نسبة 66 في المائة عام 2016 على عموم التراب الوطني، بدلاً من 72 في المائة عام 2007، في حين سجلت نسبة 46.5 في المائة لدى الفتيات دون سن الخامسة.
وأضاف ولد سيدي يحي، اليوم الثلاثاء، لمناسبة "اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقاً إزاء الخفاض المنظم"، تحت شعار "القضاء على الخفاض قرار سياسي"، أن "المسح متعدد المؤشرات لعام 2012 أظهر تزايد اقتناع الأهالي بضرورة التخلي الطوعي عن ظاهرة الخفاض. وأن نسبة التخلي الطوعي بلغت 38 في المائة عام 2007، وسجلت 53 في المائة عام 2012، ما أسفر حتى الآن عن إصدار أكثر من 60 إعلاناً بالتخلي الطوعي عن ممارسة الخفاض".