خبراء يدعون الحكومة التونسية للتحوّط النفطي والاستفادة من الهبوط العالمي

13 مارس 2020
دعوات لتجنيب التونسيين رفع أسعار المحروقات(فتحي بلايد/ فرانس برس)
+ الخط -
حث خبراء الاقتصاد حكومة تونس الجديدة على تفعيل آلية التحوّط النفطي والاستفادة من التراجع الكبير لسعر النفط في السوق الدولية بهدف خفض عجز الميزان الطاقوي، وتجنيب التونسيين رفع سعر المحروقات المبرمج ضمن قانون الموازنة الذي صادق عليه البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إضافة إلى تحقيق إصلاحات اجتماعية.

وطالب اقتصاديون الحكومة بالإسراع في إبرام عقود نفطية آجلة على أساس السعر الحالي وتحويل الفوائض المالية المترتبة عن خطة التحوّط الطاقوي إلى ترميم عجز الموازنة والاستثمارات العامة.

وبنت الحكومة السابقة برئاسة يوسف الشاهد توازنات الميزانية للعام الحالي على أساس سعر برميل النفط 65 دولاراً، فيما يدور السعر خلال هذه الفترة بين 30 و35 دولاراً. ما يعني إمكانية خفض الإنفاق على استيراد المحروقات، إضافة إلى وجود فرصة لدى الحكومة الحالية برئاسة الياس الفخاخ لتوسيع المخزون النفطي للبلاد.

ورأى الخبير ووزير الطاقة السابق خالد قدور، أن الفرصة سانحة أمام الحكومة للاستفادة أكثر من أي وقت مضى من التراجع العالمي لسعر الطاقة لتنفيذ إصلاحات مهمة وسريعة بأقل التكاليف المالية والاجتماعية.

وقال قدور لـ"العربي الجديد" إن نزول سعر البترول الى حوالي 35 دولاراً للبرميل، أقل بـ30 دولاراً مما هو مبرمج في الميزانية (65 دولاراً) توقيت جيد لمراجعة عميقة لمنظومة دعم المواد البترولية والكهرباء والغاز وإعادة النظر في هيكلة الأسعار، مما يكون له انعكاس إيجابي على المؤسسة الاقتصادية والمواطن.

وأضاف: "هي أيضا فرصة لإعادة هيكلة وتطوير المؤسسات العمومية، على غرار شركة الكهرباء والغاز وشركة تكرير النفط وشركات النقل".

كما اعتبر قدور أنه تتعيّن على الحكومة إعادة النظر في سياسة الحكومة السابقة، وما تسببت فيه من خسائر من جراء استعمالها عملية التحوّط الطاقوي (hedging) في شرائها للمحروقات بأسعار أعلى من أسعار السوق.

والعام الماضي، نفذت تونس أول عملية تحوّط من خلال الموافقة على تدخل البنك الدولي في تنفيذ عملية تغطية المخاطر، والمتمثلة في حماية ميزانية الدولة من ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها المباشر على كلفة الدعم.

وأتاحت عملية التحوّط المنجزة من تغطية حوالي ثلث إجمالي واردات تونس السنوية من النفط لمدة 12 شهرا، لتشمل 8 ملايين برميل ما يمثل 30% من الواردات الصافية لتونس من النفط الخام بقيمة 65 دولاراً للبرميل.

ويمثل الإنفاق على الطاقة ثلث الحجم الإجمالي لعجز الميزان التجاري لتونس، الذي تجاوز 19 مليار دينار (6.5 مليارات دولار) خلال العام الماضي 2018، حسب البيانات الرسمية.

ويمكن لتونس، بحسب الخبير الاقتصادي مراد سعد الله، تحقيق استفادة مضاعفة من تهاوي سعر النفط في السوق العالمية عبر تقليص العجز الطاقوي وعجز الميزان التجاري.
وقال سعد الله لـ"العربي الجديد"، إن إبرام عقود آجلة لاقتناء النفط بالسعر الحالي سيساعد على تخفيف الضغط على المالية العمومية، مشيرا إلى أن مخصصات دعم المحروقات يمكن أن تنزل إلى النصف، لا سيما، أن ميزانية الدولة لسنة 2020 اعتمدت فرضية سعر 65 دولارا للبرميل الواحد.

وأضاف أن واردات المواد الطاقوية تتسبب في أكثر من ثلث عجز الميزان التجاري، وتقليص هذا العجز سيساعد على الاحتفاظ بمستويات مرتفعة من رصيد العملة الصعبة ويمكّن من تحسين وضع الدينار.

وإزاء الوضع الاقتصادي الصعب وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي جراء فيروس كورونا، قال سعد الله إن تونس يمكنها تحويل هذا المناخ الاقتصادي السلبي إلى نقاط قوة لصالح الاقتصاد والقطاعات التي قد تحتاج الدعم بسبب تأثير كورونا على إيراداتها.

ويستحوذ الدعم الموجّه للمحروقات على 45% تقريباً (1،880 مليار دينار) من حجم ميزانية الدعم ككل والمقدرة بـ4،18 مليارات دينار أي نحو 1,4 مليار دولار. ويعاني الاقتصاد التونسي تحديات اقتصادية ومالية، أبرزها ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 2% على أساس سنوي في 2019، إلى 6.85 مليارات دولار.

فيما بلغت نسبة العجز الطاقوي 52% في 2018 مقابل 49% في 2017، أي أن 52% من الطاقة المستهلكة محليا مستوردة من الخارج، وفق الخبراء.

وعلى امتداد الفترة الفاصلة بين عامي 2010 و2018، تضاعفت النفقات المخصصة للدعم بما في ذلك الطاقوي 10 مرات، حيث تم إنفاق 650 مليون دينار سنة 2010 ما يمثل 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى 5,2 مليارات دينار سنة 2018 ما يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب البيانات الرسمية.

في 5 فبراير/ شباط الماضي، دخل "حقل نوارة" للغاز الطبيعي بمحافظة تطاوين جنوبي البلاد، حيز الإنتاج، والذي يمثل أكبر مشروع في تونس بقيمة استثمارية تبلغ 3.5 مليارات دينار (1.24 مليار دولار).

وتبلغ طاقة المشروع الإنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا، ما يمثل 50% من الإنتاج الوطني للغاز.

ويساهم الحقل بسبعة آلاف برميل من البترول و3200 برميل من الغاز السائل؛ وسيمكن من خفض العجز الطاقوي بنسبة 20% وتخفيف العجز التجاري 7%، وفق التصريحات الحكومية.

المساهمون