تعيش الأسواق المالية العربية أجواء من الاستقرار منذ بداية عام 2015. استقرار نسبي في انتظار الملامح التي سترسم آفاق البورصات العربية. لا شك أن أسعار النفط المنخفضة، أثرت بشكل واضح على أداء الاقتصادات العربية، خصوصاً الدول المصدرة، والتي أعلنت بلسان حكامها اتجاه الاقتصاد هذا العام نحو التنويع، بدلاً من الاعتماد على تصدير النفط.
أسواق الخليج
اليوم ومع انتهاء الشهر الأول من عام 2015، تنتظر أسواق المال موجة إيجابية من التطلعات، للعودة نحو تصحيح مسارها. فأسواق الخليج بدءاً من المملكة العربية السعودية، وصولاً الى الأسواق الصغيرة نسبياً لا تزال تعيش في حالة اللايقين، فيما يتعلق بأدائها في الأشهر المقبلة. وبحسب المحللين فإن الربع الأول من العام سيحدد مسارات الأسواق المالية العربية، خصوصاً شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط المقبلين.
بحسب محلل الأسواق المالية، مهند عريقات، فإن البورصات العربية في بداية العام الحالي ما زالت تتحرك ضمن مسارات هابطة في انتظار محفزات إيجابية جديدة تدعم حركتها وتجعلها تعود الى مسارها الصاعد. ويقول لـ"العربي الجديد": "من المعلوم أن معظم البورصات العربية وخصوصاً الخليجية، بدأت تعاني منذ شهر أغسطس/آب 2014 من موجات تصحيح تتفاوت في شدتها من سوق إلى أخرى، متأثرة بعوامل عدة أهمها، تراجع أسعار النفط بما يزيد عن 50% بسبب وفرة المعروض مع تنافس المصدرين على حصصهم بالسوق". ويتابع: "هذا الأمر خفض الأسعار من مستويات 110 دولارات للبرميل إلى نحو 50 دولاراً للبرميل، ما انعكس بشكل واضح على الأسواق خصوصاً بعد وصول أسعار الأسهم إلى مناطق مغرية للقيام بعمليات جني الأرباح بعد ارتفاعها على مدى عامين متواصلين". ويضيف : "أما العامل الآخر لتأثر أسواق المال، فهو التوزيعات النقدية التي أقرتها العديد من الشركات".
ويتطرق عريقات الى شرح أداء البورصات العربية في عام 2014، ويقول: "شهدت البورصات العربية تبايناً في حجم النشاط، وتمكنت بورصة مصر من تصدر قائمة البورصات العربية، فيما كان لافتاً الخسائر التي منيت بها السوق السعودية والكويتية".
وقد حققت بورصة مصر أعلى معدلات التداول، حيث وصل المؤشر السعري الى 31.6%، ثم تلتها بورصة قطر محققة 18.3%، وبورصة البحرين 14.2% فبورصتي دبي و أبو ظبي بمعدل 12% و5.6%، ثم بورصة عمان التي حققت 4.8% . أما بالنسبة الى الأسواق المالية التي سجل أداؤها اللون الأحمر، أو السلبي، فهي على الشكل التالي، بورصة السعودية التي حققت 2.37%- وبورصة فلسطين 5.5 %-، فبورصة مسقط 7.2%- وبورصة الكويت 13.4%-. وبحسب عريقات، للخروج بأداء إيجابي، ينبغي على الأسواق العربية العمل لتحقيق مستويات عالية من التداول. ولذلك فإن تداولات شهر كانون الثاني/ يناير، وتداولات شهر شباط/ فبراير تعتبر الأهم في تحديد مسارات الأسواق الخليجية حتى نهاية عام 2015. إذ إن اختراق المستويات المنخفضة نحو الصعود، سيعيد إلى الأسواق المالية مساراتها المرتفعة في عام 2015، بينما الفشل في اختراقها يعني زيادة وتيرة الهبوط حتى نهاية عام 2015.
الى ذلك، يوضح عريقات أن بورصة عمان على سبيل المثال، حقق آداؤها بعض الاختلاف عن باقي أسواق المنطقة كونها لم تدخل بموجات حقيقية خلال عام 2014. فهي تحركت أفقيّاً بين مستوى الدعم ومستوى المقاومة، مداه كان في حدود 180 نقطة، حيث تحرك المؤشر بين القمة 2167 وبين القاع 2090 نقطة، ضمن عدد من الموجات الفرعية، ولذلك فإن تطلعات المستثمرين، هو حصول اختراق لمستويات مقاومة المسار الأفقي 2167 للدخول في مسار صاعد.
إذن، لا شك أن الأسواق المالية العربية تعيش تحت وطأة أسعار النفط، وبحسب المحلل الاقتصادي الكويتي، جاسم السعدون، الذي يقول لـ"العربي الجديد": معظم البورصات العربية، وخصوصاً الخليجية، يعتمد مستثمروها على النفط، كسلعة أساسية للتداول. وما جرى خلال الربع الأخير من 2014، سبب الخسائر لبعض المستثمرين، وبالتالي فإن التطلعات في بداية 2015 ستكون مقسمة الى جزئين، الأول يتعلق بانتظار نتائج الشركات، حيث ستحدد مسارات المستثمرين في الأسواق، أما العامل الآخر، فهو كيفية توجه المستثمرين نحو سلع أو قطاعات أخرى أكثر أمناً.
ويضيف السعدون: "من المتوقع على سبيل المثال، أن يلجأ المستثمرون في السوق الخليجية وخصوصاً الكويتية والسعودية نحو العقارات، إذ لا يزال هذا القطاع محافظاً على تماسكه. وبالتالي يمكن دخول العديد من الشركات العقارية في البورصات العربية، بالإضافة الى ذلك، فلا يمكن إنكار دور ومساهمة الذهب في جذب المستثمرين، كونه لا يزال من السلع الأقل خطورة بالنسبة للتداول". وبحسب سعدون، فإن الأشهر الاولى من عام 2015، ستظهر كيفية تعاطي المستثمرين مع السلع، وكيفية التداول في الأسهم داخل الأسواق العربية.
من جهة أخرى، يشير الخبير الاقتصادي، فهد الشريعان، إلى أن أسواق المال الخليجية، وإن كانت تعيش في ظل تذبذات أسعار النفط، إلا أنه منذ بداية العام الحالي، بدأت الحكومات بالتوجه الى قطاعات أخرى، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال الموازنات التي أقرت أخيراً. ويقول لـ"العربي الجديد": "صحيح أن المستثمرين لا يزالون ينتظرون نتائج وبيانات الشركات، إلا أنه في المقابل، بدأوا منذ نهاية العام الماضي برسم آفاق جديدة للاستثمار، أهمها التوجه نحو قطاعات أخرى، كالقطاع العقاري، والطاقة والاتصالات، وعليه فإن الأسواق المالية ستكون على موعد جديد من الاستثمارات في عام 2015، بحيث سيكون العقار على رأس القطاعات الجاذبة للاستثمارات.