منذ أكثر من 20 عاماً يعمل خايسته خان، البالغ من العمر 78 عاماً اليوم، في بيع حصص من طبخة آش الأفغانية المشهورة والتي تشبه الشوربة، في شوارع مدينة راولبندي الباكستانية، ليعيل عائلته الفقيرة التي تسكن في بيت لا تصله المياه أو الكهرباء.
يخبر خايسته خان، اللاجئ الأفغاني في باكستان، أنّه وعائلته "نواجه صعوبات كثيرة ومختلفة، لكنّنا، وعلى الرغم من ذلك، نؤثر البقاء في باكستان، متحملين الحرّ في الصيف والبرد في الشتاء، على العودة إلى أفغانستان. فنحن عندما نخرج في الصباح من المنزل نكون آمنين مطمئنين، بينما الأمن مفقود في بلدنا". يضيف: "نسعى إلى الحصول على رزقنا، وهو أمر غير ممكن إلا في جوّ من الأمن والسلام. لذا نخشى العودة على الرغم من حبّنا لبلدنا".
وكان خايسته خان قد لجأ إلى باكستان قبل 35 عاماً عبر "طريق شلمان" الشاق الذي يمرّ عبر جبال الأبيض في شرق أفغانستان، بعدما دُمّرت قريته قره باغ في ضواحي العاصمة كابول. وعندما يتحدث عن أيام شبابه في قريته تلك المعروفة بالخضار والفاكهة، تنهمر دموعه. "الحياة كانت هناك. أمّا هنا، فالحياة عبء ثقيل. أخرج في الصباح الباكر وأنا في هذه السنّ وأعمل طيلة النهار. أجلس في وسط الشارع وأبيع الشوربة من الصباح حتى وقت متأخر من المساء، وفي المساء أرجع وفي جيبي 500 روبية باكستانية (نحو خمسة دولارات أميركية). وهذا لا يكفي لإطعام أسرتي اليومي".
في انتظار الزبائن (العربي الجديد) |
ولأنّ خايسته خان لا يستطيع تسديد بدل إيجار منزل، يعيش في قرية كتشي أبادي، أو القرية الطينية، في إحدى ضواحي مدينة راولبندي، حيث لا كهرباء ولا ماء. وعندما يعود في المساء من العمل، يحمل على كتفَيه الماء الذي عبّأه من المسجد القريب، وهذا عبء آخر عليه.
خايسته ليس الوحيد الذي يعمل في العائلة، بل ابنه أحمد خان (22 عاماً) يساهم هو كذلك مع والده في تحمل مصاريف المنزل، بالتالي يخرج في الصباح الباكر ليعمل طوال النهار في سوق الخضار والفاكهة. لكنّ أحمد يؤكد أنّه سعيد بمساعدة والده الذي أنهكته هموم الدنيا.
تجدر الإشارة إلى أنّ ما يؤسف خايسته خان أكثر هو حرمان أولاده من التعليم، لا سيّما أصغرهم أحمد خان. فابناه الكبيران زركل وعصمت خان تركا أسرتهما ويعيشان وحدهما، بعدما أمضى الوالد عمره في خدمتهما. رغم ذلك كله، فإنّ همّ الوالد خايسته خان هو أن يعيش أولاده جميعاً في سعادة وطمأنينة، ويدرس أحفاده بعدما حُرم أبناؤه من التعليم.