حي "السويقة".. ذاكرة سكان قسنطينة الجزائرية (صور)

27 يوليو 2016
ما زال حي "السويقة" يحتفظ بطبيعته التجارية (العربي الجديد)
+ الخط -

عندما تزور عاصمة الشرق الجزائري "قسنطينة"، لا بد من زيارة حي "السويقة" العريق، فهو ما يحفظ لمدينة الجسور المعلقة عراقتها، بأزقته الضيقة وبيوته القديمة، ويحفظ لسكان الصخر العتيق ذكرياتهم.

تظل "السويقة" المكان الذي تشبثت به العائلات القسنطينية، وارتبطت به حتى وإن هجرته إلى أحياء جديدة، فيه ذكريات الطفولة وأحلام الشباب، يقول نور الدين بولعسل، لـ"العربي الجديد": "كنت أحد سكان الحي القديم، ولدت فيه وترعرعت بين شوارعه الضيقة، لكنني اضطررت إلى مغادرته بعد أن طاولتني وعائلتي عمليات ترحيل المتضررين بانهيار البيوت في الحي العتيق، إلا أن الحنين إلى السويقة لا ينقطع".

و"السويقة" تجمع سكاني يضم بيوتاً مبنية بالحجارة، الداخل إليه كأنه يكتشف زمناً مر على مدينة قسنطينة، وما زال الحي يضم محلات اشتهر تجارها ببيع الألبسة التقليدية، مثل فستان المرأة القسنطينية، أو ما يسمى بـ"جبة الفرقاني" أو "القندورة القسنطينية"؛ وهو لباس العروس في هذه المنطقة، فضلا عن محال بيع النحاس والحلي، ومحلات صناعة الزرابي، فضلاً عن محلات للطعام الشعبي، كما تنبعث روائح الورد المقطر تقليدياً والحوليات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة.
كثيرون يعتبرون "السويقة" القلب النابض لمدينة الجسور المعلقة، يقول مراد بلمهيوب، وهو يمتلك محلاً لبيع الحلي الذهبية لـ"العربي الجديد"، يتعلق الناس بالمكان "لأنه مليء بالحياة طوال اليوم والشهر والسنة، كما يضم حي (القصبة) العتيق الذي يشبه قصبة العاصمة الجزائرية، فضلاً عن سوق اشتهر باسم (سوق العصر) يقصده التجار من مختلف المناطق وحتى من الولايات المجاورة لقسنطينة".
من شارع إلى شارع ومن زنقة إلى زنقة ومن زقاق إلى زقاق، يشعر الزائر للسويقة أنه يكتشف المدينة القديمة في كل خطوة يخطوها بين شوارعها التي صقلت بحجارة ملساء، حيث تختلف فيها الحارات بالأسماء فقط، فهناك حارة "الصياغة" وحارة "النحاسين" وحارة باعة الحلويات التقليدية "الحلواجية" و"حارة الدباغين" وغيرها من الأسماء المأخوذة من المهن التي تجذرت في المنطقة وورثها الأبناء عن الآباء والأجداد.
في قلب "السويقة" العتيقة يوجد "سوق العصر" كأكبر تجمع تجاري، وهو من الأسواق القديمة في قسنطينة، وتباع الخضر والفواكه في الوسط، بينما تحيط به محال بيع القماش والأدوات المنزلية والملابس والأحذية، وحمل السوق اسمه لأنه قبل عشرات السنين كان تجار الخضر والفواكه يوقفون البيع عند سماعهم أذان العصر، حيث يتركون كل ما بقي من السلع للمحتاجين، لذلك أطلق عليه لقب سوق "حبيب المساكين".

لم يبق من سوق العصر، اليوم، سوى الاسم، لكنه بشهادة كثيرين لـ"العربي الجديد"، تظل الأسعار فيه متاحة لذوي الدخل البسيط، حيث يستقطب الزبائن من مختلف مناطق وأحياء قسنطينة.
سكان مدينة قسنطينة الأصليون يحنون إلى زمن السويقة الجميل، حسب ما تقول زبيدة بن عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد"، وهي ولدت وترعرعت في "السويقة" لكنها رحلت عن الحي منذ أكثر من عشر سنوات، لكنها تحن إلى حيها، وتزوره كلما أتيحت لها الفرصة بذلك.

حي "السويقة" الآن (العربي الجديد)

حي "السويقة " قديماً (GETTY)
المساهمون