07 ابريل 2022
حين يصبح مستوطن سفير أميركا في إسرائيل
لم يتأخر الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، في تنفيذ تعهده، في حملته الانتخابية، بالعمل لدعم إسرائيل وتقوية علاقة بلاده معها، فقد سارع إلى تعيين مستشاره اليميني، ديفيد فريدمان، سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل، وهو المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة الداعمة للسياسات اليمينية الإسرائيلية، حيث لاقى تعيينه ترحيباً وتهليلاً كبيراً من التيار الديني اليميني الاستيطاني. وكان زعيم حزب البيت اليهودي الاستيطاني، نفتالي بينيت، أول المهنئين بهذا التعيين، ووصف فريدمان بأنه صديق الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية الفلسطينية. وتوالت ردود الفعل المرحبة بهذا التعيين من قبل المؤسسات والجمعيات الاستيطانية، في وقت عبّرت فيه قوى عديدة في اليسار الإسرائيلي، وبعض الجماعات اليهودية الأميركية الداعمة لحل الدولتين، عن رفضها تعيين فريدمان، وذلك لأن مواقفه السياسية ستؤدي إلى تعميق الاحتلال والاستيطان، وستقضي على أية فرصة للتوصل إلى حلول سياسية، تضمن بقاء إسرائيل دولة بأكثرية يهودية، مع الانفصال عن الشعب الفلسطيني، حيث ذكرت رئيسة حزب ميرتس اليساري، زهافا غالؤون، أن آثار تعيين فريدمان سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل لن تصب في خدمة إسرائيل، بل ستؤدي إلى تعميق الصراع والاستيطان والكراهية وزيادة معاناة الفلسطينيين وحرمانهم، ما سيؤدي إلى اتساع حدة المواجهة وإدخال المنطقة في جولاتٍ جديدة من العنف. كما انتقدت عدة منظمات أميركية قرار تعيين فريدمان، ومنها منظمة "جي ستريت"، والتي تضم معارضين كثيرين لسياسات الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.
ويعتبر تعيين اليهودي المستوطن، ديفيد فريدمان، سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل نقلةً
نوعيةً وكبيرةً في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، حيث تكون بذلك قد انتقلت إلى مرحلة التحالف العلني بين اليمين الأميركي المتطرّف واليمين اليهودي الاستيطاني المتطرف، وبذلك تكون الإدارة الأميركية الجديدة قد تخلت عما تبقى من دورها وسيطاً في الصراع العربي الإسرائيلي، لتتبنى مواقف اليمين الديني الاستيطاني في رؤيتها، حيث تكون قد أنهت تماماً، وبشكل رسمي، ليس فقط على وهم حل الدولتين، إنما على إمكانية الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والذي شكّل مصلحةً عليا للإدارات الأميركية السابقة، خصوصاً أن السفير الأميركي الجديد لا يخفي مواقفه الداعمة للبناء الاستيطاني في كل الجغرافيا الفلسطينية من نهر الأردن شرقاً وحتى البحر الأبيض المتوسط غرباً، وخصوصاً في مدينة القدس المحتلة، والتي وعد بنقل السفارة إليها بعد استلامه منصبه، كما يدعو إلى ضم جميع المستوطنات اليهودية لإسرائيل، وترك الفلسطينيين في معازل وكانتونات، على قاعدة أنها أرض إسرائيل التاريخية، معتبرا أن اليهود أصحابها الشرعيون، وما الشعب الفلسطيني، من وجهة نظر فريدمان، إلا حالة طارئة.
يملك السفير فريدمان شقة سكنية في القدس المحتلة، ويكثر من الإقامة فيها للإشراف شخصياً على بناء المستوطنات، كونه يتحدث اللغة العبرية جيداً، وقد عمل طوال حياته لدعم الاستيطان بشتى الوسائل، حيث ترأس جمعيات يهودية أميركية لذلك. وكان آخرها رئاسته منظمة الأصدقاء الأميركيين لمستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي مدينة رام الله، حيث يرفض فريدمان حل الدولتين، وقد وصل به الأمر إلى حد تشبيهه اليهود الأميركيين الذين يؤيدون حل الدولتين بالذين دعموا النازية في الحرب العالمية الثانية في سياساتهم ضد اليهود في ألمانيا خصوصا، وأوروبا عموماً، حيث يتبنى سياسة اليمين الاستيطاني باعتبار أن أي كيان فلسطيني قد تتم إقامته في الضفة الغربية سيكون إرهابياً، ولن يختلف عن النازية في القرن الماضي، والتي ارتكبت مجازر ضد اليهود.
وجاء قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعيين ديفيد فريدمان سفيراً لبلاده في إسرائيل، بعد أيام قليلة من زيارة وفد فلسطيني، برئاسة صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، للولايات المتحدة، لثنيها عن النية بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وكان قد أعلن أن زيارته واجتماعاته مع مسؤولين أميركيين كانت مثمرة، ليأتي القرار صفعة سياسية كبيرة للوفد الفلسطيني خصوصاً، وللقيادة الفلسطينية عموماً. وأيضا بمثابة هدية ومكافأة أكبر
لليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والذي ستظهر مواقفه السياسية تجاه الفلسطينيين يسارية مقارنةً مع أفكار فريدمان، وذلك في وقتٍ ما زال فيه الخطاب الفلسطيني الرسمي يراوح مكانه في الرهان على وهم الوساطة الأميركية للتوصل إلى ما يسمى حل الدولتين، مع أن هذا الحل لم يكن ممكناً حتى في ظل الإدارات الأميركية التي تبنته نظرياً، وآخرها إدارة أوباما، والتي لم توقف حديثها عنه، إلا أنها لم تبلور أية سياسات عملية من أجل تحقيقه، لا بل كانت من أكثر الإدارات الأميركية دعماً للسياسات الإسرائيلية، سواء الدعم السياسي، أو المالي والعسكري، والذي كان جديده إقرار المساعدات الأميركية للأعوام العشرة المقبلة بقيمة 37 مليار دولار.
لم تعد السياسات الفلسطينية الرسمية مقنعةً، ولا قادرةً على مواجهة التحديات، في ظل مجمل التغيرات في السياسات الأميركية والإسرائيلية، والتي باتت تشكل خطراً استراتيجياً كبيراً على بقاء الشعب الفلسطيني في وطنه. لذلك، ليس مطلوباً من القيادة الفلسطينية اتخاذ قراراتٍ غير محسوبة في ظل الاختلال الكبير في موازين القوى في المنطقة والعالم، والانشغال الدولي في قضايا إقليمية وعالمية أخرى، كالمجازر في سورية، بل المطلوب من القيادة الفلسطينية فقط هو البدء بتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، خصوصاً في ما يتعلق بجدوى الاستمرار في الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، وبالدور الوظيفي الأمني والاقتصادي والخدماتي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهي القرارات التي صدرت قبل أكثر من عامين، وما زالت حبراً على ورق، وسياسة التلويح بها في وجه الأميركي والإسرائيلي فشلت فشلاً كبيراً، حتى قبل تعيين فريدمان سفيراً في إسرائيل، والذي يعني سيطرة المستوطنين على القرار الأميركي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويعتبر تعيين اليهودي المستوطن، ديفيد فريدمان، سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل نقلةً
يملك السفير فريدمان شقة سكنية في القدس المحتلة، ويكثر من الإقامة فيها للإشراف شخصياً على بناء المستوطنات، كونه يتحدث اللغة العبرية جيداً، وقد عمل طوال حياته لدعم الاستيطان بشتى الوسائل، حيث ترأس جمعيات يهودية أميركية لذلك. وكان آخرها رئاسته منظمة الأصدقاء الأميركيين لمستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي مدينة رام الله، حيث يرفض فريدمان حل الدولتين، وقد وصل به الأمر إلى حد تشبيهه اليهود الأميركيين الذين يؤيدون حل الدولتين بالذين دعموا النازية في الحرب العالمية الثانية في سياساتهم ضد اليهود في ألمانيا خصوصا، وأوروبا عموماً، حيث يتبنى سياسة اليمين الاستيطاني باعتبار أن أي كيان فلسطيني قد تتم إقامته في الضفة الغربية سيكون إرهابياً، ولن يختلف عن النازية في القرن الماضي، والتي ارتكبت مجازر ضد اليهود.
وجاء قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعيين ديفيد فريدمان سفيراً لبلاده في إسرائيل، بعد أيام قليلة من زيارة وفد فلسطيني، برئاسة صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، للولايات المتحدة، لثنيها عن النية بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وكان قد أعلن أن زيارته واجتماعاته مع مسؤولين أميركيين كانت مثمرة، ليأتي القرار صفعة سياسية كبيرة للوفد الفلسطيني خصوصاً، وللقيادة الفلسطينية عموماً. وأيضا بمثابة هدية ومكافأة أكبر
لم تعد السياسات الفلسطينية الرسمية مقنعةً، ولا قادرةً على مواجهة التحديات، في ظل مجمل التغيرات في السياسات الأميركية والإسرائيلية، والتي باتت تشكل خطراً استراتيجياً كبيراً على بقاء الشعب الفلسطيني في وطنه. لذلك، ليس مطلوباً من القيادة الفلسطينية اتخاذ قراراتٍ غير محسوبة في ظل الاختلال الكبير في موازين القوى في المنطقة والعالم، والانشغال الدولي في قضايا إقليمية وعالمية أخرى، كالمجازر في سورية، بل المطلوب من القيادة الفلسطينية فقط هو البدء بتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، خصوصاً في ما يتعلق بجدوى الاستمرار في الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، وبالدور الوظيفي الأمني والاقتصادي والخدماتي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهي القرارات التي صدرت قبل أكثر من عامين، وما زالت حبراً على ورق، وسياسة التلويح بها في وجه الأميركي والإسرائيلي فشلت فشلاً كبيراً، حتى قبل تعيين فريدمان سفيراً في إسرائيل، والذي يعني سيطرة المستوطنين على القرار الأميركي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.