05 ديسمبر 2014
حين يخشى نتنياهو فقدان كاميرون
ثمّة قلق إسرائيلي حقيقي من عواقب الزلزال البريطاني وأبعاده، إذ تخشي حكومة نتنياهو من فقدان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حليفاً حقيقياً لإسرائيل، قام بتغطية سياساتها، في وقت تمر فيه المنطقة العربية بزلزال أشدّ، لن تنجو إسرائيل من عواقبه. وأول ما تخشاه إسرائيل غياب العائق والاعتراض البريطاني الدائم والقائم أمام سياسات أوروبية مستقلة واقعية وأفضل تجاه المنطقة العربية المجاورة وقضاياها.
بنت بريطانيا، في عهد كاميرون، أقوى العلاقات الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، وشهدت العلاقات الفلسطينية البريطانية تدهوراً وضغوطاً للحد من بعض الأنشطة السياسية وحملات المقاطعة، وللمزيد من خفض سقف المطالب الفلسطينية، بل وبتهديدات أيضاً بوقف بعض المساعدات، التي غالبا ما كانت تذهب إلى أجهزة الأمن الفلسطينية.
غضّت حكومة المحافظين النظر رسمياً عن السياسات الإسرائيلية، التي قضت على فرص التوصل إلى حل الدولتين الذي تعلن بريطانيا أنها تؤيده، لكنها لم تفعل شيئا لتفعيله، أو حتى لعدم دفنه. وقد اتضحت أبعاد التغيير المعلن في سياسات بريطانيا نحو علاقاتٍ خاصة إثر زيارة كاميرون تل أبيب في مطلع العام الماضي، وما ترتب عليها من رفع مستوى التعاون والتنسيق البريطاني الإسرائيلي السياسي والأمني والتجاري والعلمي إلى مستويات استراتيجية. كما تعززت هذه الأبعاد أيضاً، واتضحت إثر زيارة نتنياهو بريطانيا في سبتمبر/ أيلول الماضي، عبر مزيد من صفقات التعاون وتطبيق شراكات علمية وتجارية و"تنسيق أمني يمتد حتى شمال أفريقيا"، وفق إعلان الطرفين.
خلاصة ذلك كله أن العلاقات البريطانية الإسرائيلية وصلت إلى مستوياتٍ لم تصل إليها قبل ذلك، حيث دأبت إسرائيل على الشكوى من السياسة البريطانية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وانحياز وزارة الخارجية والإعلام البريطاني، خصوصاً "بي بي سي" إلى الجانب العربي، وهو أمر لم يكن صحيحاً، لكن الصحيح تماماً أن سياسات المحافظين في عهد كاميرون ضربت أرقاماً قياسية في التبادلات الاقتصادية والشراكات المتعددة والتأييد السياسي، الذي بلغ حد تطابق وجهات النظر بشأن الشرق الأوسط بين نتنياهو وكاميرون. كما لاحظ دبلوماسيون بريطانيون، في سياقاتٍ مختلفةٍ، أن كاميرون أحدث نقلةً استراتيجية في العلاقات الخاصة مع إسرائيل، تأسست على ما بدأه رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، سيىء الصيت الذي كوفئ لدوره في غزو العراق واحتلاله وتدميره، بتعيين واشنطن له ممثلا للرباعية الدولية، لكنه لم يقم بأكثر من مواصلة دوره في خدمة الغرب ومصالح إسرائيل، وإحباط أي مجهودٍ دوليٍّ حقيقي، لتحقيق حل الدولتين، وانتهى به الأمر إلى تبني سياسة إعادة ترتيب المنطقة وفق أجندةٍ غربيةٍ، تأخذ مصالح إسرائيل وظروف استمرار بقائها، ما كان محل تطابق تام مع كاميرون.
فترت العلاقات الفلسطينية البريطانية، خلال العام الماضي. وكاد يغيب التأكيد البريطاني على مواقف تقليدية معارضة للاستيطان، ومؤيدة لإقامة دولة فلسطينية مستقله على الأراضي المحتلة عام 1967. وغابت انتقادات إسرائيل رسمياً، ومورست ضغوط على وسائل الإعلام، خصوصاً "بي بي سي "، التي غيرت سياساتها، وتبنت تماماً ما يدعم الرواية الإسرائيلية الراهنة والتاريخية.
في هذه الأثناء، تواصلت العلاقات الفلسطينية البريطانية بوتيرةٍ منخفضة، ونوع من تبادل
الزيارات أو الدعوات غير الرسمية، وتبيّن أن إعلان رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في لندن لم يعن شيئاً، وأبلغ الجانب الفلسطيني رسمياً، مطلع العام الجاري، أن وضع "التمثيل الفلسطيني يشبه وضع تايوان في بريطانيا"، والمعلوم أن لندن تتفادى منح تايوان وضعاً معترفاً به، خشية إغضاب الصين، وتم إبلاغ المفوضية الفلسطينية هذا الموقف، إثر رفض الخارجية البريطانية إعطاء تأشيرات إقامة لعاملين رسميين ودبلوماسيين فيها. وتبع الاستياء الفلسطيني، الذي عبر عنه السفير الفلسطيني، مانويل حساسيان، رسمياً وفي أكثر من وسيلة إعلامية بريطانية، تبني حكومة كاميرون مطالب سياسية إسرائيلة مباشرة، كما ظهر في أثناء معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورفض القياده الفلسطينية مطالب بريطانية محدّدة، في معركة التصويت على الاعتراف بدولة فلسطين بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقبل أسابيع، في وضع بريطانيا العِصِيّ في عجلات المبادرة الفرنسية.
آنذاك، طلب وزير الخارجية البريطاني السابق، وليام هيغ، من القيادة الفلسطينية إدخال تعديلاتٍ محددةٍ ودقيقةٍ على الصيغة الفلسطينية المقترحة، لكي تؤيد المسعى الفلسطيني إلى رفع مكانة فلسطين إلى دولةٍ بصفة مراقب في الأمم المتحدة، أهمها موافقة القيادة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات مباشرة "من دون شروط"، والتعهد بعدم انضمام الدولة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي يمكن من خلالها توجيه اتهامات لإسرائيليين بجرائم حرب، أو رفع قضايا قانونية أخرى في محكمة العدل ضد إسرائيل.
ذهبت بريطانيا إلى أبعد من ذلك، وظهر نوعٌ من التطابق مع الموقف الإسرائيلي في محاولة بريطانيا التنسيق مع فرنسا، التي كانت أقرب إلى تأييد المسعى الفلسطيني، وأبلغ هيغ نظيره الفرنسي السابق، لوران فابيوس، مطالب أكثر عمقاً لكي تكون جزءاً من مرجعية المفاوضات المسقبلية حول الصراع العربي الإسرائيلي، وتخص مسألتي اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم وتوطينهم، وفي الوقت نفسه، تضمين الصيغة المقترحة بنداً ينص على أن إسرائيل دولة يهودية، وفق نص قرار تقسيم فلسطين 181 الذي دعا إلى قيام دولتين "عربية ويهودية"، وتعهُّد القيادة الفلسطينية "بعدم عرض القضية الفلسطينية على مجلس الأمن أو مطالبتها بتطبيق البند السابع "الذي يلزم إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية".
ساهمت المطالب البريطانية الإسرائيلية إياها، أخيراً، في إفراغ المسعى الفرنسي من آليات المشاركة الدولية، أو إسناد المبادرة إلى مرجعياتٍ واضحة، وتم الأخذ مجدداً، إثر إصرار بريطانيا خصوصاً، بالمطلب الإسرائيلي، إبعاد الأمم المتحدة أو المشاركة الدولية الفاعلة، والتمسك مجدّداً بمهزلة التفاوض المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل وسيلةً وحيدةً للتوصل إلى حل، على الرغم من ثبات عدم جدواه عشرات المرات.
وعكست سياسات حكومة المحافظين، بزعامة كاميرون، تمسّكه الحقيقي بما أعلنه في زيارته إسرائيل في فبراير/ شباط من العام الماضي، من مواقف بالغة التعاطف مع إسرائيل، وتم تجاهلها في المنطقة العربية على نطاق واسع.
بعد كلامه في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي عن "رحلة إسرائيل الخارقة ..عبر آلاف السنين من التاريخ على هذه الأرض المقدسة"، تحدّث عن صلته باليهود، حين هاجر أجداده اليهود قبل مائة وخمسين عاماً من ألمانيا إلى بريطانيا، وكتابة قريب له أول عمل باللغة اليديشية". وقال إنه "يتفهم القيم والشخصية اليهودية"، و"يلتزم أمن إسرائيل"، وإنه رأى "كم هي ضيقة وغير آمنة المنطقة، الواقعة ما بين النهر والبحر، التي تتعرّض للصواريخ والتهريب، وكم هي غير آمنة هذه المنطقة، عندما تتبنى مدرسة فلسطينية في الجوار اسم منفذ عملية انتحارية". وافتخر كاميرون بأن زيارته "التاريخية" تجيء وقد أنجز "أقوى العلاقات الممكنة بين بلدينا"، موضحاً أن "إيمانه بإسرائيل لن يتزعزع، وأن التزامه بأمنها سيكون قوياً كالصخر".
تقدّم بريطانيا، في الوقت الراهن، تغطية ودعماً للسياسات الإسرائيلية، إذ ليس أكثر من بريطانيا من يدرك عمق وحاجات استمرار المشروع الصهيوني المرتبك، والمعرّض الآن لمخاطر استراتيجية، لارتباط مصيره وحاله بما يجري في المنطقة، على الرغم من التظاهر الإسرائيلي بعكس ذلك. وفي بعض من هذا التظاهر، اطمئنان إسرائيلي لعلاقاتٍ "جيدة "مع موسكو، وضلوع الغرب، أو بعضه، في وضع خرائط المنطقة الجغرافية والإثنية، بما في ذلك أيضاً مع إسرائيل وفيها.
أوقعت بريطانيا، في منطقتنا وشعبنا، وخصوصاً في فلسطين، أكبر ظلمٍ في تاريخ بريطانيا الاستعماري. ويرى كاميرون، في وعد بلفور الذي وعد من لا يملك (الحكومة البريطانية) من لا يستحق (المستوطنين اليهود) بإقامة وطن للشعب اليهودي على أرض فلسطين، على أن لا يؤثر على حياة السكان (هكذا سمي الفلسطينيون في بلادهم) "لحظة الانطلاقة من الحلم إلى خطة، وافتخار بريطانيا بدورها الحيوي في تأمين إسرائيل كدولة لـ (الشعب اليهودي)".
بنت بريطانيا، في عهد كاميرون، أقوى العلاقات الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، وشهدت العلاقات الفلسطينية البريطانية تدهوراً وضغوطاً للحد من بعض الأنشطة السياسية وحملات المقاطعة، وللمزيد من خفض سقف المطالب الفلسطينية، بل وبتهديدات أيضاً بوقف بعض المساعدات، التي غالبا ما كانت تذهب إلى أجهزة الأمن الفلسطينية.
غضّت حكومة المحافظين النظر رسمياً عن السياسات الإسرائيلية، التي قضت على فرص التوصل إلى حل الدولتين الذي تعلن بريطانيا أنها تؤيده، لكنها لم تفعل شيئا لتفعيله، أو حتى لعدم دفنه. وقد اتضحت أبعاد التغيير المعلن في سياسات بريطانيا نحو علاقاتٍ خاصة إثر زيارة كاميرون تل أبيب في مطلع العام الماضي، وما ترتب عليها من رفع مستوى التعاون والتنسيق البريطاني الإسرائيلي السياسي والأمني والتجاري والعلمي إلى مستويات استراتيجية. كما تعززت هذه الأبعاد أيضاً، واتضحت إثر زيارة نتنياهو بريطانيا في سبتمبر/ أيلول الماضي، عبر مزيد من صفقات التعاون وتطبيق شراكات علمية وتجارية و"تنسيق أمني يمتد حتى شمال أفريقيا"، وفق إعلان الطرفين.
خلاصة ذلك كله أن العلاقات البريطانية الإسرائيلية وصلت إلى مستوياتٍ لم تصل إليها قبل ذلك، حيث دأبت إسرائيل على الشكوى من السياسة البريطانية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وانحياز وزارة الخارجية والإعلام البريطاني، خصوصاً "بي بي سي" إلى الجانب العربي، وهو أمر لم يكن صحيحاً، لكن الصحيح تماماً أن سياسات المحافظين في عهد كاميرون ضربت أرقاماً قياسية في التبادلات الاقتصادية والشراكات المتعددة والتأييد السياسي، الذي بلغ حد تطابق وجهات النظر بشأن الشرق الأوسط بين نتنياهو وكاميرون. كما لاحظ دبلوماسيون بريطانيون، في سياقاتٍ مختلفةٍ، أن كاميرون أحدث نقلةً استراتيجية في العلاقات الخاصة مع إسرائيل، تأسست على ما بدأه رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، سيىء الصيت الذي كوفئ لدوره في غزو العراق واحتلاله وتدميره، بتعيين واشنطن له ممثلا للرباعية الدولية، لكنه لم يقم بأكثر من مواصلة دوره في خدمة الغرب ومصالح إسرائيل، وإحباط أي مجهودٍ دوليٍّ حقيقي، لتحقيق حل الدولتين، وانتهى به الأمر إلى تبني سياسة إعادة ترتيب المنطقة وفق أجندةٍ غربيةٍ، تأخذ مصالح إسرائيل وظروف استمرار بقائها، ما كان محل تطابق تام مع كاميرون.
فترت العلاقات الفلسطينية البريطانية، خلال العام الماضي. وكاد يغيب التأكيد البريطاني على مواقف تقليدية معارضة للاستيطان، ومؤيدة لإقامة دولة فلسطينية مستقله على الأراضي المحتلة عام 1967. وغابت انتقادات إسرائيل رسمياً، ومورست ضغوط على وسائل الإعلام، خصوصاً "بي بي سي "، التي غيرت سياساتها، وتبنت تماماً ما يدعم الرواية الإسرائيلية الراهنة والتاريخية.
في هذه الأثناء، تواصلت العلاقات الفلسطينية البريطانية بوتيرةٍ منخفضة، ونوع من تبادل
آنذاك، طلب وزير الخارجية البريطاني السابق، وليام هيغ، من القيادة الفلسطينية إدخال تعديلاتٍ محددةٍ ودقيقةٍ على الصيغة الفلسطينية المقترحة، لكي تؤيد المسعى الفلسطيني إلى رفع مكانة فلسطين إلى دولةٍ بصفة مراقب في الأمم المتحدة، أهمها موافقة القيادة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات مباشرة "من دون شروط"، والتعهد بعدم انضمام الدولة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي يمكن من خلالها توجيه اتهامات لإسرائيليين بجرائم حرب، أو رفع قضايا قانونية أخرى في محكمة العدل ضد إسرائيل.
ذهبت بريطانيا إلى أبعد من ذلك، وظهر نوعٌ من التطابق مع الموقف الإسرائيلي في محاولة بريطانيا التنسيق مع فرنسا، التي كانت أقرب إلى تأييد المسعى الفلسطيني، وأبلغ هيغ نظيره الفرنسي السابق، لوران فابيوس، مطالب أكثر عمقاً لكي تكون جزءاً من مرجعية المفاوضات المسقبلية حول الصراع العربي الإسرائيلي، وتخص مسألتي اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم وتوطينهم، وفي الوقت نفسه، تضمين الصيغة المقترحة بنداً ينص على أن إسرائيل دولة يهودية، وفق نص قرار تقسيم فلسطين 181 الذي دعا إلى قيام دولتين "عربية ويهودية"، وتعهُّد القيادة الفلسطينية "بعدم عرض القضية الفلسطينية على مجلس الأمن أو مطالبتها بتطبيق البند السابع "الذي يلزم إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية".
ساهمت المطالب البريطانية الإسرائيلية إياها، أخيراً، في إفراغ المسعى الفرنسي من آليات المشاركة الدولية، أو إسناد المبادرة إلى مرجعياتٍ واضحة، وتم الأخذ مجدداً، إثر إصرار بريطانيا خصوصاً، بالمطلب الإسرائيلي، إبعاد الأمم المتحدة أو المشاركة الدولية الفاعلة، والتمسك مجدّداً بمهزلة التفاوض المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل وسيلةً وحيدةً للتوصل إلى حل، على الرغم من ثبات عدم جدواه عشرات المرات.
وعكست سياسات حكومة المحافظين، بزعامة كاميرون، تمسّكه الحقيقي بما أعلنه في زيارته إسرائيل في فبراير/ شباط من العام الماضي، من مواقف بالغة التعاطف مع إسرائيل، وتم تجاهلها في المنطقة العربية على نطاق واسع.
بعد كلامه في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي عن "رحلة إسرائيل الخارقة ..عبر آلاف السنين من التاريخ على هذه الأرض المقدسة"، تحدّث عن صلته باليهود، حين هاجر أجداده اليهود قبل مائة وخمسين عاماً من ألمانيا إلى بريطانيا، وكتابة قريب له أول عمل باللغة اليديشية". وقال إنه "يتفهم القيم والشخصية اليهودية"، و"يلتزم أمن إسرائيل"، وإنه رأى "كم هي ضيقة وغير آمنة المنطقة، الواقعة ما بين النهر والبحر، التي تتعرّض للصواريخ والتهريب، وكم هي غير آمنة هذه المنطقة، عندما تتبنى مدرسة فلسطينية في الجوار اسم منفذ عملية انتحارية". وافتخر كاميرون بأن زيارته "التاريخية" تجيء وقد أنجز "أقوى العلاقات الممكنة بين بلدينا"، موضحاً أن "إيمانه بإسرائيل لن يتزعزع، وأن التزامه بأمنها سيكون قوياً كالصخر".
تقدّم بريطانيا، في الوقت الراهن، تغطية ودعماً للسياسات الإسرائيلية، إذ ليس أكثر من بريطانيا من يدرك عمق وحاجات استمرار المشروع الصهيوني المرتبك، والمعرّض الآن لمخاطر استراتيجية، لارتباط مصيره وحاله بما يجري في المنطقة، على الرغم من التظاهر الإسرائيلي بعكس ذلك. وفي بعض من هذا التظاهر، اطمئنان إسرائيلي لعلاقاتٍ "جيدة "مع موسكو، وضلوع الغرب، أو بعضه، في وضع خرائط المنطقة الجغرافية والإثنية، بما في ذلك أيضاً مع إسرائيل وفيها.
أوقعت بريطانيا، في منطقتنا وشعبنا، وخصوصاً في فلسطين، أكبر ظلمٍ في تاريخ بريطانيا الاستعماري. ويرى كاميرون، في وعد بلفور الذي وعد من لا يملك (الحكومة البريطانية) من لا يستحق (المستوطنين اليهود) بإقامة وطن للشعب اليهودي على أرض فلسطين، على أن لا يؤثر على حياة السكان (هكذا سمي الفلسطينيون في بلادهم) "لحظة الانطلاقة من الحلم إلى خطة، وافتخار بريطانيا بدورها الحيوي في تأمين إسرائيل كدولة لـ (الشعب اليهودي)".