حياة بلاد الشام القديمة يجسدها متحف فلسطيني

جنين

محمود السعدي

محمود السعدي
23 مارس 2016
+ الخط -



على مشارف مدينة جنين الفلسطينية، شمالي الضفة الغربية، تستطيع التعرف على عادات وتقاليد ومهن سكان بلاد الشام، بمن فيهم أهالي فلسطين قبل نحو مائتي عام، بمجرد الدخول للمتحف الفلسطيني الذي أنشأه رجل الأعمال الفلسطيني إبراهيم حداد على نفقته الخاصة قبل خمس سنوات داخل قرية سياحية يملكها.

إن كنت قد سمعت عن الكتاتيب وطرق التعليم في الزمن الفلسطيني الجميل، فيمكنك الآن أن تشاهد الشيخ يدرّس تلامذته في حلقة تعليمية تجسّدها دمى فنية متقنة تحاول تقريب التاريخ، كما تجذبك مهنة صناعة الزجاج التي اشتهرت بها مدينة الخليل، كما تشاهد نحو 30 مهنة جسّدها المتحف بمجسمات تكاد تشبه الحقيقية.

ويعرض المتحف مدينة عكا وسورها التاريخي، شمال فلسطين المحتلة، في حين تبدو بعض العادات الاجتماعية بارزة مجسدة بتماثيل تحت سقف المتحف البالغة مساحته نحو 700 متر مربع، وتمتّع ذاكرتك بما كان عليه الأجداد.

المتحف الفلسطيني يحوي أيضاً لوحات فنية لشخصيات المستشرقين العرب الذين بعثهم نابليون لجمع معلومات عن بلاد الشام بما فيها فلسطين تمهيدًا لغزوها، وتشاهد أيضا "لوحة بانوراما فلسطيني الفنية" والمصنوعة من النحاس بطول نحو 25 مترًا وعرض متر ونصف المتر، يتجسد فيها التاريخ الفلسطيني، من "العهدة العمرية" إلى مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994، وإلى جانب المتحف يوجد المدرج الروماني الذي يستخدمه حداد كقاعة مناسبات تتسع لنحو ألفي شخص.

في أروقة المتحف التراثي الفلسطيني  (العربي الجديد)



وبنى حداد المتحف قبل خمس سنوات داخل قرية سياحية يملكها، بكلفة مالية تقدّر بنحو نصف مليون دولار على حسابه الشخصي. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "ما دفعني لبناء المتحف هو الخوف على تراث الثقافة الفلسطينية العربية من الاندثار، علاوة على الغزو الثقافي الذي تشهده مجتمعاتنا العربية، ولكي نشرح للجيل الجديد كيف كان يعيش أجدادنا حياة بسيطة".

اقرأ أيضاً: متحف الحرير: حماية إرث جبل لبنان

ورغم أن كلفته باهظة ولا يدر عليه دخلاً مالياً لغاية الآن، إلا أن حداد يقول "المهم أنني أرضيت نفسي وضميري تجاه تراثنا، وقدمت متحفاً يعبّر عن حضارتنا ويغني عن الشرح، فرب صورة تغني عن كتاب، فكيف إن كانت هذه الصورة تجسّد التاريخ والعادات واللباس بكافة تفاصيله".

تجسيد للكتّاب القديم في بلاد الشام (العربي الجديد) 



ويشكو رجل الأعمال الفلسطيني حداد من قلة رواد المتحف من تلامذة المدارس والجامعات، إذ يزوره رواد قريته السياحية، خاصة فلسطينيو الداخل المحتل عام 1948، داعياً الجهات المختصة في وزارتي السياحة والآثار والتربية والتعليم الفلسطينيتين للاهتمام وتنظيم الرحلات المجانية إليه.

وعقّب مدير عام المتاحف في وزارة السياحة الفلسطينية جهاد ياسين، لـ"العربي الجديد"، بالقول إن "الوزارة تسعى في الآونة الأخيرة لتنظيم عمل المتاحف والترويج لها، وخاصة السياحة التعليمية لدى تلامذة المدارس، لكن ثقافة زيارة المتاحف ما زالت ضعيفة في المجتمع الفلسطيني، وهو ما يحتاج لجهد من الجهات ذات الاختصاص ومن المجتمع المحلي".

مهن وعادات اجتماعية (العربي الجديد) 



ويصف ياسين طريقة العرض في المتحف الفلسطيني في قرية حداد السياحية بأنها "كلاسيكية"، نظراً لنظام المتاحف الحالي التفاعلي، وهو لا يندرج ضمن المتاحف الأثرية، لكنه جهد مهم أنشئ بجهد فردي، ومحتواه ذو قيمة عالية، في حين لا يوجد متحف يجسد المهن الفلسطينية والعادات الفلسطينية بهذه الطريقة في فلسطين.

وكان لظاهرة المتاحف في فلسطين انتشاراً، لكن هذا الانتشار حد منه احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية. وتوجد في أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة 55 متحفا ما بين متحف ومجموعة متحفية.


اقرأ أيضاً: "كنز" فلسطيني في قبو المنزل 

المساهمون