حنان الحاج علي تنال جائزة أفضل ممثلة في مهرجان أدنبره

30 اغسطس 2017
فعاليات الملتقى الدولي للفنون العربية المعاصرة (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد تقديم أكثر من أربعين عرضا في لبنان في فضاءات متعددة، توجّهت حنان الحاج علي إلى مهرجان أدنبره لتتشارك مع الجمهور البريطاني حكايا نسائها المهرولات نحو قدرهن، كما لو أنه، هذا القدر، فعل انتحارٍ إرادي. "جوغينغ" هو عنوان العرض، ولبّ حكايته هي حنان، الممثلة التي تبحث عن ميديا في زمن مُتخمٍ بالعنف والجريمة. 


من ميديا يوريبيدوس التي قتلت أولادها انتقاماً من زوجها، إلى إيفون، المرأة اللبنانية التي سمّمت نفسها وبناتها الثلاث، إلى زهرة الأم الجنوبية التي أصبحت متدينة ومناصرة للثورة الإيرانية إثر اعتقالها بعد أن كانت يسارية الهوى، والتي فقدت أولادها الثلاثة لاحقاً في حروب متفرقة بين جنوب لبنان وشمال سورية. هكذا تمدّد العرض مستعيناً بتجربة حنان الحكواتية، يضاف إليها عمل الدراماتورج عبدالله الكفري، والسينوغرافيا والإدارة التقنية لإيريك دنيو. بُني العرض على رتق متقن لحكايا "الميديات الثلاث"، ساندهن حضور فيرجينيا وولف الخفي، ومرونة حنان في استحضار بعض تجاربها الشخصية كأم وكمواطنة تجول مهرولةً في مدينة فقدت صوابها. حنان الأم تمنّت الموت لابنها، مع قدرٍ فائقٍ من الحب، في إحدى اللحظات القاسية لإصابته في سن السبع سنوات بمرض السرطان.

يخلُص العرض، قبيل نهايته، إلى رسالة تلقّتها زهرة من ابنها قبيل وفاته في سورية. طلب ابن زهرة من والدته أن لا تحتفي باستشهاده: "الله لا يسامحك إذا بتلبسي أسود عليي. الله لا يسامحك إذا بتردّي عحدا بيعيطلك يا إم الشهيد". الهرولة التي تدعونا إليها حنان، أشبهُ بمزيجٍ من أفكارٍ تدعونا إلى التساؤل حول مفهوم الأمومة، اليوم، مقدمةً نماذج تخلط الخاص والشخصي بالسياسي والنفسي، من دون أن يغفل ذلك، وبشكل أكثر تبطيناً، مفهوم الوطن الأم الحاضن لكل هذا النزوع نحو الجريمة النابع عن عجز ما. في المرة الأولى، التي قُدِّم فيها عرض "جوغينغ"، كانت حنان تمارس هرولتها على درج مار مخايل في إطار مهرجان "نحنا والقمر والجيران"، منذ ما يقارب السنتين، وقد كان وقتها عملاً قيد التطوير. لم تكن حاضرةً حينها ميديا بتلك القوة التي حضرت فيها منذ سلسلة عروض أواخر عام 2016، والتي استمرت حتى هذا العام، وكان آخرها عدة عروض قدمتها حنان في مهرجان أدنبره الدولي، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الدولي للفنون العربية المعاصرة Arab Arts Focus.


هو عامٌ من العروض التي توالت بين بيروت وأدنبره، وانتهت بجائزة أفضل ممثلة حصدتها حنان بعد سلسلة عقبات بدأت في بيروت، ولم تنته في أدنبره. على مدى عامٍ في بيروت، تحدّت حنان الرقابة في لبنان، مسجلةً موقفاً كفنانة ترفض مبدأ الرقابة من أساسه، وتجاهد على عدّةِ صعد لإلغائها. لم تكن رحلة أدنبره أقل صعوبة، وذلك بعد التشديدات التي أجرتها الحكومة البريطانية على جوازات سفر عدد كبير من المدعوين إلى المهرجان، وتحديداً السوريين منهم، من دون أن يسلم بعض الفنانين الفلسطينيين والمصريين من نصيب مماثل، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكّن كرم أبو عياش، المسؤول التقني لعرض "جوغينغ"، من الذهاب إلى أدنبره. لم يمنع هذا الفقد لعنصر أساسي في العرض من تألق حنان، الممثلة الجريئة والمتماسكة دوماً من نيل جائزة أفضل ممثلة Vertebra Prize for Best Actor سلّمها السيد روبرت مكدويل، مدير مركز الـSummer Hall، وذلك تقديراً "لحضورها المسرحي المتين وعصبها المسرحي اللافت، ولشجاعة الطرح الذي تناولته المسرحية".


المساهمون