كثيرون هم طلاب قطاع غزة الذين لم يتمكنوا من سداد الرسوم المطلوبة في جامعاتهم لكنّ بعض الخطوات تساهم في الحلّ.
كان شهر فبراير/ شباط الجاري بالنسبة للطالب عزيز شبراوي (20 عاماً) مأساوياً، لأنّه لم يستطع تأمين رسوم الفصل الدراسي الثاني، ليكمل عامه الثالث في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية باللغة الإنكليزية بجامعة "الأزهر" في غزة. المصدر المالي الوحيد له هو راتب والده الذي يعمل موظفاً لحساب السلطة الفلسطينية في رام الله ويتقاضى نصفه فلا يكفي لأكثر من تأمين احتياجات المنزل الأساسية.
حال شبراوي كحال عشرات الآلاف من طلاب الجامعات في قطاع غزة، الذين لم يتمكنوا من التسجيل للفصل الدراسي الثاني في جامعاتهم بسبب اشتداد الأزمات الاقتصادية على جميع أولياء أمورهم، بينما اضطر بعضهم لتأمين مبالغ عن طريق الاستدانة لدفع نسبة من الرسوم للسماح للطالب بحجز مقعد له في الفصل الثاني. يقول شبراوي: "لا يمكنني الضغط على والدي أكثر، فظروفه سيئة، والمشكلة أنّي لو أردت أن أعمل فلن أمنح دراستي حقها وأحافظ على مجموعي الجيد، لذا سأتركها على الله إن فرجت سجلت، وان لم تفرج انتظرت الصيف لأحاول مجدداً".
من جهته، يسعى أحمد أبو نور (21 عاماً) مثل طلاب كثيرين لتأمين 100 دينار أردني (141 دولاراً أميركياً) مع نهاية الشهر الجاري لكي يستطيع التسجيل في كلية علوم الحاسوب، تخصص وسائط متعددة، في "الجامعة الإسلامية" ودفع نصف مبلغ الرسوم الفصلية بقيمة 250 ديناراً (352 دولاراً). يقول لـ"العربي الجديد": "والدي متقاعد ويحصل على نسبة 70 في المائة من راتبه. استطعت تدبر مبلغ من تحصيل مصروفي، وبدأت العمل لمدة شهر مع صديقي للحصول على المتبقي والتسجل في الفصل الثاني".
يراجع مقرراته (محمد الحجار) |
لكنّ زميله في نفس التخصص محمد الأطرش (20 عاماً) استطاع إقناع إدارة شؤون الطلاب في الجامعة بدفع رسوم الفصل الحالي بنظام التقسيط، لأنّ والده عاطل من العمل ويعتمد على شقيقه الذي يعمل تاجراً ويعاني من أزمة مالية بسبب تقلص عدد الزبائن في الأسواق كنتيجة للأزمة الاقتصادية الحادة في غزة.
في هذا الإطار، اتخذت بعض الجامعات إجراءات تسهيل آلية دفع الرسوم، بعدما لاحظت الأعداد القليلة من المسجلين للفصل الثاني، ويشير نائب رئيس جامعة "الأزهر" للشؤون الأكاديمية الدكتور سامي مصلح إلى أنّ العادة جرت في هذه الجامعة على أن يطلب من الطالب تسجيل الحد الأدنى من الساعات الدراسية وهو 9 ساعات للفصل لكي يستطيع حضور المحاضرات وتقديم الامتحانات، لكنّ أكثر من نصف الطلاب لم يسجلوا تلك الساعات هذه المرة. يقول لـ"العربي الجديد": "الواقع الاقتصادي على أولياء أمور الطلاب في الجامعة صعب جداً في الوقت الحالي ونشعر بأزمتهم لأنّ الرسوم تعتمد على رواتبهم، ونحن نعلم أنّ جميع موظفي حكومة رام الله أو حكومة غزة السابقة لا يتقاضون رواتب كاملة، لذا لجأنا إلى التخفيف من الأعباء وعدم تشديد شروط الدفع في هذا الفصل".
حركة شبه عادية (محمد الحجار) |
يشير مصلح إلى أنّ جامعة "الأزهر" لا تشترط دفع ساعات محددة للتسجيل وتساهم بإمكانية التقسيط لنهاية الفصل الدراسي وإتاحة فرصة دفع أي مبلغ بشكل شهري لتقليل احتياجات الطالب للمصادر المالية، كما يمكنهم التقدم بطلب للقرض الجامعي من وزارة التربية والتعليم من دون اللجوء لدفع الرسوم الجامعية، وهو نظام يخفف الأعباء عن كلّ طالب، من خلال التزام الطالب بسداد قيمة القرض شهرياً بدفعات قليلة جداً.
في الأول من فبراير الجاري، أكد منسق الأطر الطلابية في جامعات غزة طاهر أبو زيد تدني أعداد المسجلين للفصل الدراسي الثاني في كلّ جامعات قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ أكثر من 70 في المائة منهم لم يُسجلوا هذا الفصل بسبب عدم تمكنهم من دفع الرسوم المستحقة للجامعات. لكن، مع الوصول إلى 15 فبراير، حجز 10 آلاف طالب مقاعدهم للفصل الثاني في جامعة "الأزهر" بدفع مبالغ أقل من نصف الرسوم كما يوضح مصلح. يضيف أنّ عدد الطلاب النظاميين في الجامعة هو 15 ألف طالب، وعدد الطلاب غير النظاميين 3 آلاف طالب وهم منقطعون بسبب ظروفهم المالية.
أما في "الجامعة الإسلامية" التي تعتبر أكير الجامعات في عدد الطلاب، إذ تضم 19 ألفاً و800 طالب، فقد سجل 14 ألف طالب بعدما خفضت الشروط الإلزامية للدفع. ويقول مدير العلاقات العامة في "الجامعة الإسلامية" سعيد النمروطي لـ"العربي الجديد": "بعدما لاحظنا نسبة إقبال ضعيفة لدفع الرسوم، اجتمعت الجامعة لوضع عدة إجراءات تخفف الأعباء على الطالب، كان أهمها إمكانية تقديم قروض لكلّ طلاب الجامعة بالاتفاق مع البنوك، إلى جانب تأسيس صندوق وقف الطالب".
وكانت "الجامعة الإسلامية" قد أنشأت في العاشر من الشهر الجاري "صندوق وقف الطالب الجامعي لخدمة ودعم طلبة الجامعة" بتبرعات من العاملين في الجامعة، إذ تقتطع نسبة من رواتبهم بمبلغ تأسيسي بقيمة 300 ألف دولار. ويهدف الصندوق إلى تمويل الطلاب المحتاجين، وإتاحة الفرص لتوفير الدعم المادي للتعليم، وإتاحة الفرص لمساهمة المجتمع المدني في تقديم الدعم والمساهمة في استعادة دور الوقف الإسلامي بين أفراد المجتمع.